منحة عسكرية عراقية للبنان تثير انتقادات داخلية

علي البغدادي

فتحت موافقة مجلس الوزراء العراقي على طلب بمساعدة ودعم الجيش اللبناني بنحو مليوني دولار، الباب واسعاً أمام جدل كبير بشأن دوافع الخطوة واحتمالات تحولها لسيطرة “حزب الله” المتحكم بمقاليد الأمور في بلد يعاني من أزمة سياسية وتدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية.

وزخرت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات لاذعة لحكومة مصطفى الكاظمي، نظراً إلى أن شكوكاً بدأت تحوم بشأن مصير المساعدات العراقية المقدمّة إلى لبنان، والأهداف الحقيقية لخطوة الحكومة التي يرى كثيرون أنها “تبحث عن الشو (الاستعراض) الإعلامي والترويج على الساحة العربية” في ظل بيئة سياسية لبنانية مشابهة لبيئة العراق الفاسدة، ما دفعهم إلى إطلاق دعوات بضرورة ‏أن ترافق عملية وصول المساعدات العسكرية إلى لبنان لجان حازمة لضمان عملية التوزيع بعيداً عن شبهات الفساد.

واعتبر أياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة في تغريدة له على حسابه في تويتر أن قرار الحكومة بدعم الجيش اللبناني بأكثر من 3 مليارات دينار عراقي ما يقارب 2 مليوني دولار يمثل “قمة الاستهتار لأن الحكومة في قانون الموازنة تقترض مبلغ 500 مليون دولار لتغطية مستلزمات المؤسسات الأمنية كوزارة الدفاع والداخلية والمخابرات ومكافحة الإرهاب والأمن الوطني”.

ووفق القراءات السياسية الجارية، فإن إيران تعيش مرحلة خسارة النفوذ تدريجياً في سوريا، وسط ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من ترتيبات جديدة، سيما وأن الوضع في لبنان بات بحاجة لدعم غير مباشر ما أدى إلى توالي مبادرات الدعم من العراق.

ويشهد خط بغداد – بيروت بمباركة إيرانية زيارات مكوكية لمسؤولي البلدين، إلى جانب حوارات الكواليس والأبواب الخلفية من أجل إنقاذ لبنان مما يعانيه من أوضاع اقتصادية سيئة وإبرام مذكرات تفاهم واتفاقات في مجالات متنوعة على الرغم مما يمر به العراق من أوضاع صعبة واحتجاجات شعبية مطلبية متواصلة أوقعت مئات القتلى والجرحى.

ويرى المحلل السياسي والنائب السابق عمر عبد الستار أن منطقة الشرق الأوسط دخلت في حقبة جديدة، بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من أفغانستان، والشروع بسحب جزء من قواته من العراق وسط رفض بعض الدول الإقليمية لتوجهات السياسية الأميركية الجديدة.

وعبر عبد الستار في حديثه لموقع “لبنان الكبير” عن قناعته بأن إيران ستصر على ربط العراق وسوريا ولبنان بها، مشيراً إلى أن مد الجيش اللبناني بمساعدات من العراق “يعني إصراراً إيرانياً على وصع لبنان وسوريا تحت سيطرة “حزب الله” وولاية الفقيه، لذلك تصر إيران على إدارة محورها بالشكل الذي تريد”.

وشدد عبد الستار على أن “مساعدة الحكومة العراقية للجيش اللبناني هي بالأساس مساعدة لقوات “حزب الله” التابع لولاية الفقيه، فإيران لن تتنازل عن وجودها في العراق وسوريا ولبنان في ظل التفاوض الأميركي معها أو 5+1 الخاص بالملف النووي”، منوهاً إلى أن “الولايات المتحدة لن تعترض على المساعدات العسكرية العراقية إلى لبنان وإنما على العكس تماماً، فالأميركيون سيسعون إلى التصالح وإيجاد الحلول المرضية مع إيران”.

واستبعد عبد الستار أن يكون هناك فعالية أو تأثير للجان الرقابية في حال وجودها بوجود الميليشيات، فـ”اللجان لا يمكن أن يكون لها أي دور كون الميليشيات لاتعترف بها أساساً” .

ويسود اعتقاد راسخ لدى الفاعلين السياسيين بأن الانتقالات السريعة في ملف التعاون مع لبنان على أكثر من مسار، سواء الاقتصادي أو التجاري أو الطبي، إضافة إلى ملف الطاقة والآن العسكري، يعتبر ضمن استحقاقات شخصيات لبنانية نافذة لها صلات قوية بدوائر القرار العراقي، وانسجاماً مع الرغبة الإيرانية بدعم حلفاء طهران في لبنان.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية حسن ناظم، الثلاثاء الماضي أن “بلاده وافقت على طلب لمساعدة الجيش اللبناني. فلبنان يمر بظروف صعبة”.

وقدم العراق خلال الأشهر الماضية مساعدات مستمرة إلى لبنان من المحروقات والمستلزمات الطبية والغذائية لمساعدته في تجاوز الظروف التي يمر بها.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً