إدوارد غابرييل: 3 أسباب تدفع واشنطن لمساعدة لبنان

حسناء بو حرفوش

نشر موقع “ذا هيل” الأميركي المتخصص بالشؤون السياسية، مقالاً يسلط الضوء على ثلاثة أسباب من شأنها دفع الولايات المتحدة لمساعدة لبنان على تجنب الانهيار التام. وشدد المقال الذي يحمل توقيع الرئيس الحالي لفريق العمل الأميركي من أجل لبنان وسفير الولايات المتحدة الأسبق لدى المغرب إدوارد غابرييل، على ضرورة تأكيد الولايات المتحدة وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني على الصعيد الإنساني من خلال مساعدة الفئات الأكثر حاجة، بالإضافة إلى رعاية مصالحها عن طريق دعم القوى العسكرية اللبنانية والتمسك بإجراء انتخابات برلمانية تحترم الأصول الدستورية. الآتي ترجمة حرفية للمقال:

لقد بذل وكيل وزارة الخارجية الأميركي ديفيد هيل، محاولة أخيرة لإيقاظ القيادة السياسية اللبنانية من خلال زيارة قام بها مؤخراً إلى لبنان، للتأكيد على الحاجة الملحة لتشكيل حكومة تحمل عقلية إصلاحية قبل أن يستحيل لبنان دولة فاشلة. وصرّح لدى مغادرته: “يعاني (اللبنانيون) لأن قادتهم فشلوا في تحمل مسؤوليتهم وتقديم مصالح البلاد ومعالجة مشكلاته الاجتماعية والاقتصادية المتنامية.. لكن الوقت لم يفت بعد.

لسوء الحظ، لم تلق مناشدة هيل آذاناً صاغية بحسب ما يبدو. فالبطالة والنقص في القدرة على الاستفادة من الرعاية الصحية الأساسية وعجز اللبنانيين عن إطعام عائلاتهم، تستمر بتقويض حياة مئات الآلاف من المواطنين اللبنانيين. ويبدو أنه لا يسهل إقناع القادة اللبنانيين بالتخلي عن مشاحناتهم الطائفية والشخصية حول خطة الإنقاذ الاقتصادي أو تشكيل الحكومة الجديدة. وعلى الرغم من أن هيل رأى أن الأوان لم يفت بعد لتشكيل حكومة قادرة على تلبية احتياجات المواطنين، اتضح بشكل متزايد أن البلاد تبعد أسابيع عن الانهيار المالي.

لقد حان الوقت لأن تبدّل إدارة بايدن موقفها من أجل حماية المصالح الأميركية في لبنان. وتفترض الحكمة اتخاذها ثلاثة إجراءات فورية: أولاً، من الملحّ أن تضع الولايات المتحدة بالإضافة إلى الفرنسيين وسواهم، الخطوط العريضة لخطة تطمئن اللبنانيين بأن العالم لم يدر لهم ظهره وبأنه مستعد لمساعدتهم عن طريق صندوق النقد الدولي وشركاء آخرين في برنامج التعافي، بمجرد تشكيل حكومة فعالة.

ثانيًا، على الولايات المتحدة أخذ زمام المبادرة وقيادة المجتمع الدولي في جهد إنساني واسع النطاق، للقضاء على مشكلة الجوع والصحة والبطالة التي تعاني منها الفئات الأكثر ضعفاً في لبنان. ويتعين القيام بذلك بعيداً عن قنوات الكيانات الحكومية، حيث يمكن للمسؤولين الفاسدين، بما في ذلك “حزب الله”، سرقة المساعدات.

ولا تصبّ الدولة الفاشلة في بلاد الشام وشرق البحر الأبيض المتوسط في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها. ولا تعود مثل هذه النتيجة بالفائدة إلا على إيران ووكيلها “حزب الله”. وقد استشعر “حزب الله” هذا الانهيار الوشيك بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الكارثي في لبنان. ولذلك، قام بحشد جهود إغاثة إنسانية لمجموعات داعمة للقضية الإيرانية. ولا يرضي أهداف الولايات المتحدة وحلفائها في لبنان، تقديم المساعدة لجزء واحد فقط من السكان خلال هذا الوقت الحرج، بينما يتم تجاهل حاجات الجزء الآخر الذي يشاركنا قيمنا.

ثالثًا، يكتسب لبنان أهمية في سياق المصالح الأمنية الأميركية. وتمثل القوات المسلحة اللبنانية المؤسسة الوحيدة المتبقية التي قد تحدث فرقًا في استقرار البلاد وهي التي وصفتها وزارة الدفاع الأمريكية بأنها أحد أفضل شركائها العسكريين في المنطقة. ويصبّ دعم جيش لبناني قوي في قلب مصلحتنا الحيوية. وبحسب وزارة الخارجية، زاد الجيش اللبناني بشكل كبير من قدرته كقوة قتالية ضد المتطرفين العنيفين. وبالنظر إلى أن قوات “حزب الله” المدعومة من إيران تتمركز على الحدود مع إسرائيل وتهدد الأمن في شرق البحر المتوسط، تشكل قوة وردع الجيش اللبناني أمراً حيوياً لمصالح الولايات المتحدة.

في خضم تصريحاته المرتبطة بمخاوفه خلال العامين الماضيين، علّق هيل: “سمعت في ذلك الوقت، دعوة لا لبس فيها للتغيير، من اللبنانيين من جميع الخلفيات. هذه المطالب عالمية: من أجل الشفافية والمساءلة ووضع حد للفساد المستشري وسوء الإدارة التي تسببت في مثل هذه المصاعب. لكن الحوار الأميركي مع السياسيين اللبنانيين لم يؤت ثماره. وبيد أنه يتعين على الولايات المتحدة مواصلة الضغط على المسؤولين الحاليين لدفعهم لعدم إهمال احتياجات الشعب اللبناني، ينبغي لها أيضاً الإصرار على إجراء الانتخابات البرلمانية، المرتقبة في أيار 2022 وفقاً لما ينص عليه الدستور، كشرط مسبق لأي مساعدة. وستتسنى للجمهور اللبناني، المنخرط في ثورة واسعة النطاق منذ تشرين الأول 2019، فرصة لإحداث تغيير في القيادة والحكم من خلال هذه الانتخابات. ويمكن أن تساعد الولايات المتحدة بالتعاون مع الشعب اللبناني والقادة الجدد، في بناء دولة أكثر ازدهاراً واستقراراً وديمقراطية، دولة تعزز القيم والمصالح المشتركة للشعبين الأميركي واللبناني على حد سواء”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً