كم ستخسر طهران بعد أبو ظبي؟

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

أواخر نيسان 2019، هدّد عبد الملك الحوثي بأن “صواريخنا قادرة على استهداف الرياض وما بعد الرياض إلى دبي وأبو ظبي”.

في 17 كانون الثاني 2022، نفذ الحوثيون تهديدهم لأبو ظبي واستهدفوا منطقة الإنشاءات الجديدة قرب مطارها، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين، وأثار قلقاً أممياً وإدانات عربية واسعة.

العدوان على أبو ظبي، الأول من نوعه، فيما سبق للسعودية أن استُهدفت مراراً بالصواريخ والمسيّرات، هو تطور خطير خطير يعكس تطورا متصاعدا ومقلقا في القدرات العسكرية للحوثي التابع لإيران، من شأنه إعادة ترتيب الأولويات الأمنية الخليجية الإقليمية بعدما “تكيفت” السعودية مع الاعتداءات الصاروخية وتدبرت احتواءها، بما تمتلكه من إمتداد جغرافي شاسع، فيما الإمارات ضيقة جدا ويمكن للعدوان على أهدافها الاستراتيجية إذا تكرر أن يحدث فوضى في بلد يستمد قوة اقتصاده من سمعة الاستقرار.

المفارقة، أن أقوى ضربة وجهها الحوثي الإيراني ضد “تحالف دعم الشرعية في اليمن” إنما تعكس أضعف ظرف ميداني يمر فيه، خصوصاً من قبل الإمارات التي عملت طويلا على دعم “ألوية العمالقة” اليمني حتى نجح مؤخراً في قلب المعادلة على الأرض، خصوصاً في محافظتي شبوة ومأرب.

فقد دخلت “ألوية العمالقة” المعارك ضد الحوثي مطلع الشهر الجاري، لتتمكن خلال 10 أيام فقط من استعادة السيطرة على كافة مناطق محافظة شبوة النفطية، من قبضة الحوثيين، بعد أشهر طويلة تقهقرت فيها قوات الجيش اليمني أمام الضربات القوية من الحوثيين.

كما التحقت “ألوية العمالقة” بخط المعارك للمرة الأولى في محافظة مأرب النفطية التي يهاجمها الحوثي منذ نحو عام، لتتمكن من ترجيح الكفة لصالح القوات الحكومية عبر توجيه ضربات موجعة لقوات الحوثي.

ولا يمكن أن يكون العدوان على أبو ظبي مرتبطاً فقط بالحسابات الميدانية للحوثي، بل وبالضرورة لا بد من “امر عمليات” إيراني للوكلاء بالإقدام على مغامرة كهذه، لما لها من أبعاد إقليمية في ظرف حساس جدا، مع “اتفاقات أبراهام” للتطبيع بين إسرائيل وأربع دول عربية: الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، ومع سعي أبو ظبي الى “تصفير” مشكلاتها مع الآخرين.

وعلى الرغم من القضية المزمنة للجزر الثلاث المحتلة من قبل ايران، فإن أبو ظبي بدت راغبة بصدق بـ””فتح صفحة جديدة من العلاقات” مع طهران.

ففي تشرين الثاني الماضي، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري كني، على “تويتر”: “استمرارا للزيارات إلى دول المنطقة، التقينا في دبي في اجتماع ودي مع أنور قرقاش المستشار الأعلى في الشؤون السياسية لرئيس الإمارات، حيث اتفقنا على فتح صفحة جديدة من العلاقات الايرانية الإماراتية”.

كما قام مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان، في كانون الثاني الماضي، بزيارة إلى طهران التقى خلالها الرئيس إبراهيم رئيسي وعدداً من كبار المسؤولين.

كما أن طهران منخرطة في مفاوضات مضنية مع السعودية لتطبيع العلاقات بينهما.

هذه الأجواء تناقض منطق العدوان الحوثي، المؤكد أنه بأمر إيراني مباشر. فما هي رهانات طهران وراء هذه المغامرة؟

لا شك أن طهران تجيد “ديبلوماسية الصواريخ” عبر وكلائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهي المنخرطة في مفاوضات نووية صعبة جدا في فيينا ربما تعتبر ان خلط الأوراق ممكن أن يفيدها في هذه المرحلة.

وبموازاة مفاوضات فيينا، التي تريد منها طهران رفع العقوبات عنها وتحرير أرصدتها، هناك الوضع الداخلي الصعب جدا في ايران مع التردي الاقتصادي وتوالي الاحتجاجات الاجتماعية، فيما “النفوذ الخارجي” الذي أنفقت عليه “ولاية الفقيه” مليارات كثيرة من الدولارات على حساب التنمية، بدأ يتآكل مع خسارة جماعاتها في العراق في الانتخابات الإيرانية، ومع تحولها لاعباً ثانويا في سوريا بعدما أمسكت موسكو بتلابيب نظام الأسد، ومع الخسائر الميدانية الأخيرة للحوثيين في اليمن.

فكم يمكن أن تخسر ايران من مغامرتها في أبو ظبي؟

شارك المقال