ما بين العقل والعاطفة جمهور “المستقبل” في الإقليم حزين ومتفهم

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

شكّل قرار الرئيس سعد الحريري العزوف عن خوض الانتخابات صدمة لدى جمهور المستقبل في لبنان، ولا سيما في المناطق السنية التي شعرت بيتم حقيقي في غيابه، ورغبت في ان تكون عودته دائمة لخوض الاستحقاق والوقوف في وجه مشاريع اخذ لبنان الى ايران او الى حرب أهلية والسقوط في الجحيم من دون ان تكون هناك يد تمتد لانتشاله من القعر.

الكل اليوم في نقاش حول صوابية الخطوة التي اتخذها الحريري، في قواعد “تيار المستقبل” وبين مؤيديه، كما عند القوى والشخصيات السياسية الفاعلة، فالبعض اعتبر ان قرار الانكفاء يضر بجماهيرية التيار وآخرون اقتنعوا بالاسباب التي دفعته الى هذا الخيار، وعلى الرغم من تأكيده على ان بيت الوسط سيبقى مفتوحا، فان هذا الامر لم يخفف من قلقهم ويزيل تخوفهم من انعكاساته على الواقع اللبناني، وما سيترتب عن نتائج الانتخابات التي يستعد حزب الله واحزابه الممانعة الى ملئها، فيما الأحزاب المعارضة تعمل لسد الثغر بشخصيات أخرى ربما تكون غير قادرة على الاستقطاب الشعبي.

في اقليم الخروب، كما في بقية المناطق اللبنانية، جمهور المستقبل يحاول استيعاب الأمر وايجاد تفسيرات للاقتناع بالقرار المتخذ، الا أن ما بين العقل والعاطفة مسافة تحتاج الى وقت من أجل ترميمها لكن اجواء الحزن لا تغيب.

يقول مسؤول قطاع الشباب في تيار المستقبل بالاقليم وسام المعلم لــ”لبنان الكبير”: “بالنسبة لقرار الرئيس العزوف عن الترشح أكيد كلنا زعلانين، والتحرك الشعبي يلي صار الاحد وضم مواطنين من مختلف المناطق اللبنانية خير دليل على مدى تمسك القاعدة الشعبية بشخص الرئيس الحريري ومطالبتهم له بالعزوف عن القرار، لكن بالنهاية نحن مع اي قرار يتخذه الرئيس، خصوصا انه بالمرحلة السابقة وعلى مدى ١٧ سنة لم يكن للمجلس النيابي اي سلطة، في ظل سلطة السلاح والتعطيل”.

ويستدرك: “الموقف واضح وهو لا يعني ان هناك ابتعادا عن الحياة السياسية فتيار المستقبل والرئيس الحريري موجودون بكل بيت وعلى امل تكون هذه فرصة لاعادة هيكلة التيار والمؤسسات والانطلاق بحلة جديدة ومثلما قال الرئيس بعض المرات لازم الواحد يخطي خطوة لورا ليرجع يتقدم الى الامام”.

اما بالنسبة للمشاركة بالانتخابات فيوضح المعلم ان “الرئيس تارك الخيار للكوادر والشخصيات بالترشح لكن باسمهم الشخصي ومش باسم التيار، معتبرا انه من المبكر الحديث عن المشاركة بالاقتراع فبعد بكير على الانتخابات”.

اما مسؤول تيار المستقبل في برجا محمد كايد الحاج فلا يشك “في ان القرار الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري له مبرراراته واسبابه، فدولته سعى بكل امانة وصدق للحفاظ على مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ببناء دولة المؤسسات وتأمين حياة افضل لابناء هذا الوطن، ولم يتخل بأي وقت وتحت اي ظرف عن واجبه الوطني الجامع والحاضن والعابر لكل الطوائف والحواجز”.

ويعرب عن اعتقاده أنه سيكون “لهذا القرار تداعياته على المشهد السياسي والساحة اللبنانية ككل باعتبار ان دولة الرئيس يمثل عاملا للتوازن والثقة يفتقده معظم الساسة الحاليين، ودولته قدم الكثير من التضحيات في سبيل الحفاظ على مقومات الدولة من حسابه الشخصي ومن حساب تياره بعيدا عن الشعبوية والحسابات الخاصة والضيقة”.

ويضيف: “كلنا نعلم كيف كانت تقابل هذه التضحيات وكيف كان يتم التعامل معها، ويسعى اصحاب القرار بجدية واخلاص الى ايجاد الحلول للخروج من الازمات المتوتالية التي نعيشها، تغليب المصلحة الوطنية، التواضع، الابتعاد عن المكابرة من اجل انقاذ هذا البلد وتوفير الحياة الكريمة لكل اللبنانيين”.

ويعبر (جميل ح) عن حاله بخصوص قرار الرئيس الحريري بالقول: “مبسوط ومش مبسوط، وحالتي هذه تشبه حالة معظم رفاقي، مبسوط لاننا نحن بالاساس كنا نشجع الشيخ سعد ونحب ان يكون موجودا على الساحة السياسية، وغيابه كان يضايقنا، وفي الوقت عينه، كنا نتطلع الى ان تقف المملكة العربية السعودية الى جانبه كما كانت دائما، هناك من يعتقد ان المملكة ضغطت عليه حتى يترك لبنان، وهناك من ينفي ذلك ويشير الى انها قد تقوم بعمل ما ضد حزب الله ومن اجل ذلك يتم تحييد الرئيس الحريري بهذه المرحلة حتى لا يكون بالواجهة، لن اغرق في التحليل، لكن في هذه المرحلة يمكن يكون الرئيس مرتاح اكثر وخصوصا ان هناك قرارات مصيرية ستتخذ في البلد مثل تنفيذ الاصلاحات التي يقترحها البنك الدولي ورفع الضرائب وما شابه من امور وقرارات لا يريد ان يتحمل مسؤولية اتخاذها، حتى ان هناك من يؤيد مواقفنا من الثوار لان الرئيس الحريري استقال بناء لدعوتهم، وجلس على جنب”.

ويشير الى ان اهالي الاقليم كما يعبرون ليست آراءهم موحدة، فهناك تناقض في المواقف من خطوة الحريري “هناك من يقول ليذهب خارج لبنان ويرتاح وبلا ما يشغل بالو، وهناك من يذهب بعاطفته ويبدي انزعاجه، لكن نحن في التنظيم حتى انتخاباتنا كنا نربحها ولكن كان نشاطنا خفيفا على الارض ومن دون اندفاع كما عند الاحزاب الاخرى، وعلى الرغم من ذلك كنا نحقق نتائج جيدة بفعل تعاطف الناس معنا وليس بفعل دقة الحسابات الانتخابية”.

ولا يغيب عن جميل الاشارة الى الاجتماع الذي تم بين جبران باسيل والأحباش، متسائلا هل الاحباش يمثلون السنّة في لبنان، اذا التيار الوطني الحر ذهب للتحالف مع الاحباش واحزاب اخرى ذهبت نحو تحالف انتخابي مع قوى من هذا النوع، والاقطاب السنّة قاطعوا الانتخابات، فأين هي المعارضة اذا؟، والواضح اننا نكرر تجربة انتخابات 1992 عندما قاطع المسيحيون الانتخابات وهالمرة ستجري وسط مقاطعة سنية”.

يجد الشاب محمد ابراهيم أن “الرئيس الحريري اختتم كلمته كما يختتم كل مواطن لبناني كلامه وهو يهاجر من هذا الوطن، بأن يستودع الله هذا الوطن، فلم يعد عند اللبنانيين سوى الله يخلصهم من حزب الله وهذه المنظومة الفاسدة”.

واذ يشير الى ان قراره “ليس مفاجئا بل كان متوقعاً، بالنسبة لمن يقرأ أحداث السنوات الثلاث الماضية، فالكل يعلم سواء من كانوا هم داخل دائرة القرار، الذين كانوا يخذلون سعد الحريري ويخونونه ومنهم من عمل على حماية مصالحه ومشاريعه بدلا من حفظ مصالح التيار الذي ينتمون اليه، من دون التنبه لمهامهم القيادية والسياسية والتنظيمية مما دفع العديد للبقاء مع سعد الحريري وترك تيار المستقبل. كما ان الخلاف الداخلي التنظيمي ليس وليد قرار اليوم بل كان موجودا في الكواليس اذ رفض العديد من الكوادر قرارات اتخذت منذ انتخابات ٢٠١٨ وحتى التعيينات التنظيمية”.

وتوقع ان “تكون هناك هبة شعبية تنتهي مع سفر سعد الحريري، أما البعض في التيار فقد يلجأ للبحث عن مصالحه الانتخابية”.

وختم: “اليوم المجتمع السني من دون زعيم واضح وشرعي والخوف من التطرف والأحزاب السنية الدينية قد تعود لتلعب دورا على الساحة السياسية ومعظمها ادوات مخابراتية، لذلك نعول على المثقفين في تيار المستقبل ليكونوا موجودين لإفشال اي محاولة تطرفية للشارع الحزبي السني”.

شارك المقال