عزوف الحريري عن الترشح… كيف يراه الطرابلسيّون؟

إسراء ديب
إسراء ديب

بعد عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى لبنان، ومع الحديث عن نيته العزوف عن الترشح في الانتخابات النيابية وما يُرافقها من إرباك سياسيّ، انقسمت الآراء في المجتمع الطرابلسي إلى مجموعة من التوجهات كانت متوقّعة ويُمكن رصدها بسهولة في وقتٍ تختلط فيه الأوراق الانتخابية الغامضة من جهة، وفي ظلّ مواجهة هذا المجتمع تحدّيات سياسية، اقتصادية وشعبية تجعله في “غيبوبة” سياسية مع انغماسه في الأزمات المعيشية من جهة ثانية.

في الواقع، لا يُمكن الإغفال عن حجم “الخيبة” السياسية طرابلسيًا، بدءًا من نوابها الذي أظهروا “فخامة” في أسلوب إهمالهم لمدينتهم لأعوام، وصولًا إلى كلّ المنظومة السياسية. لكن مع عودة الحريري، توجه عدد من الطرابلسيين والعكاريين إلى بيت الوسط في مواكب سيّارة وغنائية لدعمه، في ظلّ انقسام واضح بالآراء بين مؤيّد ومعارض لفكرة العزوف في المدينة.

فئات مختلفة

من الملاحظ أنّ آراء الطرابلسيين تندرج ضمن الفئات التالية: فئة ترى أنّ مشاركة الحريري في الانتخابات ووجوده المستمر في السلطة ضروريّ لأنّه “ما زال مرجعية سنية معتدلة ولا بديل عنها”، في وقتٍ ترى فيه أنّ “بعض القيادات السياسية تُحاول النّيل من موقع رئاسة الحكومة بكلّ قوّة لإضعافه قدر الإمكان”.

أمّا الفئة الثانية، فتجد أنّ الحريري “وإنْ اتّبع بدقة نهج والده الشهيد رفيق الحريري سيلقى دعمًا شعبيًا واسعًا مع ضرورة التزامه بوعوده”، فهم يرونه أنّه لم يمس بأرواح النّاس ولم يسع للخراب كغيره، وبالتالي يُمكنه إصلاح نهجه “حين يضع كلّ عند حدّه”.

فيما ترى الفئة الثالثة، أنّ محاولة الإصلاح سهلة، “وذلك باستبعاده بعض الشخصيات التي أوكلت ملف طرابلس والشمال وكانت عرضة لانتقادات لاذعة نظرًا لعدم اتخاذها الشمال بجدّية وتقدير كاف، مما كان يُقحم تيّار المستقبل بموجة من النّقمة الشعبية على ممارسات غير مسؤولة من قبل البعض”.

أمّا الفئة الرابعة، فهي “لا ترى في وجود تيّار المستقبل أو غيابه أيّ فارق نظرًا لتأزم الأوضاع من جهة، وعدم تنفيذ وعود يرونها أساسية كتلك المرتبطة بملف الموقوفين الإسلاميين من جهة ثانية”.

بينما تُشير فئة خامسة إلى معارضتها للسياسيين جميعًا، معتبرة أنّ “انسحاب الحريري وغيره من السياسيين سيفتح الباب أمام تغيير سياسيّ قد يتبعه انفراجًا في الأزمة”.

قرار الحريري أمام الطرابلسيين

يرى المستشار القانوني عمر البيسار أنّ تمسّك الحريري بقراره، قد يكون “ترجمة لتخلّي الدّول العربية عن لبنان وتحويله إلى أرض صراع”. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “التراجع الكبير للدّور السني في المنطقة أمام التحالفات الضخمة ربما يكون قد وصل إلى ذروته، أمّا على الصعيد المحلي فلا مانع من دخول المستقلّين إلى عالم السياسة، لكن لا بدّ من تحالفات محلّية إذْ لا يملك المستقلّون المنفردون أيّ هوامش للتحرك”.

ويرى المواطن عزام هاشم أنّ الحريري شخصية سنية بارزة. ويقول لـ “لبنان الكبير: “نأمل تمسكه بالسياسة لأنّه محبوب، خاصّة حينما يعود إلى قواعده السابقة التابعة لوالده ويُنفذ وعوده، لكنّ الحقيقة أنّ الحريري ظُلم مع هذه الطبقة السياسية، ومع بعض الشخصيات التابعة له، لكنّه الوحيد الذي نراه معتدلًا ومقبولًا بين السنّة”.

وتُوافق المواطنة نعمت رشيد على رأي هاشم، معتبرة أنّ البلاد أرهقتها الأزمات السياسية التي ازدادت مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أيضًا. وتقول لـ “لبنان الكبير”: “بين ميقاتي والحريري، أختار الحريري لأنّه الأقرب إلى قلبي”.

من جهته، يُشدّد نبيل السباعي على أهمّية وجود الحريري، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “نريده بدل الـ 100 (مليار)، ولا يُمكن تعويض مكانته، فميقاتي ابن طرابلس لا يُغطّي حاجة المدينة، أمّا الحريري فكان يُحاول إكمال مسيرة والده لكن عارضه الكثيرون، لا سيما حزب الله، وهو لا يزال زعيم السنّة ولا نريد غيره”.

ويُعبّر الشيخ نبيل رحيم عن موقفه السلبي من كلّ السياسيين نظرًا لعدم ثقته بهم وبأسلوب تعاطيهم مع النّاس. ويُشدّد لـ “لبنان الكبير” على أنّ السياسيين السنّة تحديدًا “لم يُغيّروا شيئًا في مناطقهم ولم يخدموها كغيرهم، “لكن الحريري حرّ في قراره، وفي وقتٍ بتنا فيه أضعف طائفة، لن يتغيّر شيئًا في عزوفه أو مشاركته لأنّ وعوده كانت أكثر بكثير من التنفيذ”.

ويرى رئيس لجنة متابعة حقوق طرابلس أبو ربيع البيروتي، أنّ الطرابلسيين ظلموا بكلّ التفاصيل ومع كلّ السياسيين، “ولا يعني ذلك أنّ الثوار باتوا أفضل منهم، لكن لا نقتنع بأيّ تصرف أو تصوّر انتخابي لنا، فالتحالفات كانت خاطئة والكثير من الوعود سقطت أرضًا بلا تنفيذ”.

أمّا الثائر محمّد سعيد فشيش، فيلفت إلى عدم اهتمامه بكلّ السياسيين، مشيرًا إلى أنّ الطرابلسيين أيضًا لا يفكّرون في الآونة الأخيرة بهذه القرارات.

شارك المقال