المعارضة الشيعية: زلزال هز لبنان!

آية المصري
آية المصري

بعد قرار الرئيس سعد الحريري تعليق العمل بالحياة السياسية والعزوف عن الترشح للإنتخابات النيابية المقبلة، بدأ القلق يساور اللبنانين من مختلف الإتجاهات، ولم يعد الخوف يقتصر على الطائفة السنية الحزينة على غياب أحد أركانها الأساسيين. بل امتد القلق ليشمل الشيعة المعارضين لسياسة ونهج حزب الله. فالجميع يعلم ان الحريري كان رمزا للإعتدال ولحل المشاكل والأزمات المهيمنة علينا. ما من شك أن الحريرية السياسية عمّرت وأسست لبنان الحديث، وهي ساعدت وتساعدنا على مواجهة كل الإنهيارات ولم تتوقف يومها عن القيام بواجباتها أمام جميع أبناء البلد. وبالتالي لم يكن الاهتمام ينصب فقط على أفراد طائفته ومحيطه بل امتد الى مساحة لبنان كلها، لماذا؟ لان رفيق وسعد قلبهم ووجدانهم على كافة المناطق اللبنانية، والعيش المشترك رمزهم وبالتالي ما من تفرقة بين أبناء الوطن.

أجل، البيئة الشيعية المعارضة للمحور الإيراني حزينة على ما حصل في لبنان، وحزينة على مغادرة رئيس التوافق والإعتدال. فما رأي الشيعة المعارضة لحزب الله بقرار الرئيس الحريري؟ والى أين سنذهب؟ وما هو السيناريو الأسوأ بعد غياب المرجعية السنية الأولى في لبنان؟ 

عياش: عزوف الحريري خسارة للحياة السياسية

أكد الصحافي أحمد عياش لموقع “لبنان الكبير” ان “عزوف الرئيس سعد الحريري عن المشاركة في المعترك الإنتخابي يُعد أمرا سلبيا ويُعتبر خسارة للحياة السياسية في لبنان. ولا شك ان هذا الأمر له الكثير من التداعيات، لكن ما زلنا في البداية مما يطرح العديد من التساؤلات خاصة ان هناك فراغا سينشأ ومن سيملؤه؟ وقبل استباق الامور والقول ان كل هذا سيؤدي الى وضع صعب او مأساوي او على العكس. اعتقد ان لبنان يمر بفترة انتقالية وكل ما كتب قد كتب وما اتخذه الرئيس الحريري من موقف قد اتخذ ولا اعتقد ان هناك تغييرا لهذا الواقع”.

وأضاف عياش: “علينا اليوم النظر الى الامام والذهاب الى ما هو افضل، بمعنى التعامل بواقعية وجدية مع هذا الانسحاب والذهاب نحو تطوير الواقع السياسي عبر جهد وطني. لا نتحدث فقط عن الطائفة السنّية بل عن الجهد الوطني ككل من اجل ملاقاة هذا التحدي الكبير المتمثل بالانتخابات النيابية المقبلة، وهذا الاستحقاق أمامنا ويستدعي بذل كل الجهود للتعامل مع ذلك. طبعا لا شك ان هناك فريقا من اللبنانيين يخشى ان تصب الانتخابات المقبلة بعد عزوف الرئيس الحريري لمصلحة حزب الله، ونشوء واقع يؤكد اكثر فاكثر ان لبنان تحت الوصاية الايرانية ممثلة بحزب الله”.

فياض: ما شهدناه البارحة زلزال

ولفتت الكاتبة والدكتورة منى فياض الى ان “ما شهده لبنان البارحة عبارة عن نوع من الزلزال وسينتج عنه الكثير من التأثيرات في المستقبل. أما على المدى القريب فسنشهد مشاكل عدة لانها ستكون بداية إنفراط لهذه المنظومة الحاكمة المستبدة في البلد. فالطائفة المسيحية فرطت واليوم دور الطائفة السنّية بانتظار انفراط الطائفة الشيعية واعتقد انها ستكون اطول فترة وسنتعب كثيرا لان وارءها إيران. ومن غير المعروف اذا ستنجح إيران في خططها واذا ستتنازل أميركا وستتفق معهم ام سيفرط الوضع مع أميركا أيضا. هناك عدة مؤشرات تشير إلى اننا سنشهد عنفا في المنطقة ونوعا من الخلل الأمني الكبير”.

وتابعت فياض: “على المدى الطويل سننتظر انفراط الطائفة الشيعية او السياسة الشيعية وحينها سنتمكن من بناء بلد على أسس جديدة. كم ستأخذ العملية من وقت لا أحد يعلم. لكن بشكل عام الوضع جدا متأزم وأشد صعوبة في المدى القريب ولا أعلم كيف سيكون تأثيره في الانتخابات النيابية المقبلة في حال إجرائها”.

الأمين: لماذا يبقى الحريري داخل السفينة الغارقة؟

واعتبر المحلل السياسي ورئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين ان “الوضع يزداد سوءا فلماذا سيبقى الرئيس الحريري داخل هذه السفينة الغارقة؟ خرج الرئيس الحريري منها بداية كرئيس حكومة واليوم لن يكون انكفاءه او إعتزاله بشكل دائم. وبخلاف الجو المشاع، اعتقد ان هذا الحدث لا يعكس تراجعا او إحباطا بقدر ما يعكس حالة من الهجوم. لان الحريري قال بخطابه الأخير ان كل التسويات والمبادرات التي حاولها لم تؤدِ الى اي نتيجة وكنا نرى المزيد من النفوذ الايراني”.

وأضاف الأمين: “اعتقد ان الرئيس الحريري ربما ادرك انه تحول بإرادته او بعدمها في السياسة التي اعتمدها الى عكاز لنفوذ حزب الله وايران في البلد. وبالتالي أيضا الطرف الآخر اي حزب الله يعتبر ان وجود الحريري بمعزل عن حبه او عدمه كان مفيدا لجهة تمدد نفوذ حزب الله في البلد. ربما مسالمة الحريري وعدم استعداده للمواجهات العسكرية والأمنية وعدم رغبته بالحروب الأهلية كان الطرف الآخر يستفيد منها ويحقق مكاسب خاصة. وانكفاء الحريري سيحدث فراغا لدى المنظومة. كنا نسمع قبل قرار الحريري ان هناك احتمالا بتطيير الانتخابات المقبلة وسيبقى قائما هذا بعد الحريري. أعتقد ان حالة الرئيس الحريري خارج السلطة ستكون أقوى، وبتقديري أنها ستعيد قدرته على المبادرة أكثر ودائما الخطاب المعارض أقوى من خطاب السلطة”.

وختم الأمين: “المطلوب إعادة الحياة السياسية الى وضعية مختلفة عن القائمة اليوم، لان بارودة حزب الله تُعطل الحياة السياسية وتطوّقها. وقال لنا نعيم قاسم وهاشم صفي الدين ومحمد رعد انه مهما فعلتم في الانتخابات المقبلة الواقع لن يتغير لاننا في بلد توافقي، وكأن التوافق فقط مع حزب الله الذي يعتبر أنه يختزل الشيعة وهذا غير صحيح. وبالتالي خروج الحريري بطاقة حمراء للعبة السياسية القائمة وهو يؤسس لإعادة بناء الحياة السياسية على شكل مختلف في المدى البعيد”.

من الواضح ان حزب الله يخسر يوميا الكثير والكثير، ومن الواضح ان الطائفة الشيعية لم تعد توافق على إدراج جميع مكوّناتها ضمن خانة محور الممانعة. فيما لبنان بأسره يُجمع على أنه لا بديل عن الرئيس سعد الدين الحريري.

شارك المقال