سجلت التقارير الامنية في هذا الشهر 3 اعتداءات على قوات اليونيفيل بعد اعتداءين حصلا في قانا وشقرا في الجنوب اللبناني، وهو رقم مرتفع يؤشر إلى محاولة حزب الله ارسال رسائل لمن يجرؤ على طرح سلاح الحزب على الطاولة من جديد، عبر الدعوة لتطبيق القرارين 1559 و1701 عربيا ودوليا والحديث عن تحويل القوات الدولية الى قوات ردع وتنفيذ الـــ1559 تحت البند السابع، إذ لم تعد فكرة سلاح المقاومة مقدسة بعد ان استخدم في الداخل اللبناني وتم تصدير ميليشيات الحزب الالهي الى دول عربية للعبث بأمنها التزاما بما تأمرهم به دولة ولاية الفقيه.
كما لم تعد اشكالية لبنانية مزارع شبعا التي ترفض سوريا تقديم خرائط موجودة لديها تثبت لبنانيتها امام الامم المتحدة، لتقنع احدا وتبرر ابقاء السلاح في يد حزب الله، وتحويل قضية المزارع الى قميص عثمان حتى يبقى الجنوب تحت هيمنة الحزب وفي خدمة سياسات ايران التي تباهت بإنتشار “حراسها” على شواطئ البحر المتوسط.
والملاحظ ان موقف القوات الدولية من الاعتداءات الاخيرة لم يكن خافتا كما في المرات السابقة، بل رفضت ضمنا مقولة ان الاعتداءات قام بها أهالي في اشارة الى ان من يقوم بتحريض المرتكبين ويعطيهم الاوامر للاعتداء هو حزب الله، وكانت دعوتها للسلطات اللبنانية بالتحقيق وإحالة المتورطين إلى المحاسبة حاسمة. إذ لم تكتف ببيان اعلان عن الحوادث كما كانت تفعل، بل بالتشديد على ان اتهام السكان غير صحيحة، مشددة في المقابل على التنسيق مع الجيش اللبناني.
ويقول الكاتب مكرم رباح لـــ”لبنان الكبير” أن “الاعتداء على اليونيفيل من قبل ما يدعى بـــ”الاهالي”، هي محاولة مستمرة من حزب الله لتذكير المجتمع الدولي والقوات الدولية الموجودة لحفظ الامن وتطبيق القرار الدولي 1701 بأن هذه القوات، كما هي حال الشعب اللبناني وأهل الجنوب، هم رهائن عند حزب الله وعند ايران. وهذه المسرحيات التي يقوم بها بعض الاهالي بالتعرض لهذه الدوريات ليست الا عمليات عسكرية أمنية صغيرة يقوم بها حزب الله. وهو أمر يؤدي الى تأجيج هذا الموضوع، عندما يقوم مجلس الامن بإعادة النظر بالتمويل الذي يأتي الى اليونيفيل. علما ان هذا التمويل، ليس فقط تمويلا أمنيا وعسكريا بل هو يساعد بشكل أساسي في العملية الاقتصادية لتلك المناطق”.
وبرأيه، ان “حزب الله” والطبقة السياسية التي تحمي هذا السلاح عبر اعطاء تبرير او تقديم نوع من الغطاء لا تكترث للمبادرة الخليجية ولا سيما الدعوة لتطبيق القرار 1559 والبند المتعلق بتسليم سلاح الميليشيات، ويقول: “هم يعتبرون ان القرار 1559 لا يعني الدولة اللبنانية، بل يحاولون المماطلة او قذف هذا القرار الى الامام. كل ذلك يدل على ان هذا السلاح ليس فقط هو سلاح ايراني. يقاتل في المنطقة لصالح الحرس الثوري الايراني. بل هو كذلك سلاح يحمي هذه الطبقة الحاكمة”.
وباعتقاد رباح ان “هذه الاعتداءات ستستمر ضمن هذا السقف، اي نوع من التخويف ونوع من التذكير. مع امكان اللجوء الى جماعات تكفيرية كما هي الحال في السابق التي تعمل على تحقيقها بأوامر من حزب الله. تستهدف القوات الدولية بعبوة صغيرة او بصاروخ أرعن. كل ذلك اشياء متوقعة من قبل حزب الله وهذه المنظومة الأمنية العسكرية التي تسيطر على المنطقة”.
ويشدد في الختام، على ان “لا حل لمشكلة السلاح الا بمواجهة سياسية، مع هذه الطبقة التي تحتمي بهذا السلاح من اجل استعادة الدولة والسيادة، فلا يوجد حل آخر”.
من الواضح ان رد حزب الله على المطالب الخليجية التي حملها وزير خارجية الكويت احمد ناصر المحمد الصباح الى بيروت، جاء ردا ميدانيا من رامية حيث وقع الاعتداء الاخير على اليونيفيل، وقبل ان يرد الامين العام للحزب عليها الاثنين، لا يتوقع ان تسفر الوعود الرسمية بإجراء تحقيقات عن أي شيء كما في التحقيقات السابقة، وبالتالي لا محاسبة لمرتكبي الجريمة، ليبقى كلام المسؤولين مجرد كلام في الهواء، فيما الفعل هو لحزب الله، الا ان المواقف الدولية والعربية ليست كما كانت بالأمس فهل سيتم وضع حد لسلاح الحزب الايراني ام ستبقى يده مطلقة في مسك قرار الحرب والسلم وإبقاء هيمنته على لبنان.