لبنان تجمّع لعمالقة الرعب

محمد شمس الدين

أفلام عديدة تنتشر في العالم عن انتقال بشر إلى داخل فيلم، فكرة محبّبة جدا لدى عشاق السينما، المغزى منها الهروب من مصاعب الحياة إلى عالم السينما، الذي يتبع قواعد معينة، وبذلك يمكنك أن تكون بطلا داخل فيلمك المفضل، وتتفاعل مع شخصياتك المفضلة.

قد تحب أن تكون اليد اليمنى لمايكل كوروليوني في فيلم “العراب”، لتساعده على الانتقام من عائلات المافيا الأخرى. أو قد تتمنى احدى الفتيات أن تأخذ دور أنجلينا جولي في فيلم “السيد والسيدة سميث”، وتوقع براد بيت الوسيم في حبها. لكن على اللبنانيين أن لا يبحثوا بعيدا لتحقيق حلم العيش في فيلم، فنحن في لبنان نعيش فيلما، لكنه ليس فيلم مغامرة أو تشويق، بل قمة أفلام الرعب، مستنبَط من عظماء هذا النوع، مثل ألفرد هيتشكوك، جورج روميرو، ستيفن كينغ وويس كرايفن.

المريض الحاكم

البداية من العظيم هيتشكوك، وفيلمه الأشهرpsycho ، الذي يتكلم عن مريض نفسي يتربص بالفتيات ويقتلهن. وجه الشبه بين الفيلم ولبنان، أن هناك حاكما أقل ما يقال عنه أنه مهووس بحب السلطة والنفوذ والمال، لكنه لا يفرق بين الجنسين، هو يقتل الجميع، وبدلا من السكين يستخدم سلطته وصهره، يعطل البلد، ويدفن مشاريع القوانين، يسعى الى الاغتيال السياسي وإلغاء الآخرين، هو الذي كاد يقتل البلد بمغامراته العسكرية، عاد لينهي عمله، ويضع السكين على رقاب اللبنانيين. “إما أنا وصهري المعجزة واطاعتنا وإما أقتلكم”. نورمان بايتس المريض في فيلم psycho، لا شيء أمامه، فذاك كان يقتل شخصا واحدا كل فترة، أما حاكمنا، فيمارس الإبادة الجماعية بحق الشعب الذي لفظه سابقا، وعاد اليوم حاكما على الرغم من إرادة الناس يحرقهم بلهيب جهنمه.

عتمة الضباب

الضباب من الظواهر الطبيعية الجميلة، وإن كان لوقت قصير لا يؤثر خلاله في حياة الإنسان، لكن ماذا لو استمر الضباب لوقت طويل، لأيام وساعات؟ هذا ما عالجه الروائي الشهير ستيفن كينغ في روايته The Mist، التي تم تحويلها إلى فيلم عام 2007، وفيه يسيطر الضباب على إحدى القرى، وتغزوها الوحوش لقتل ساكنيها. أما في لبنان، فالضباب هو الظلام الدائم الذي يعاني منه بسبب مصائب قطاع الطاقة، المسيطر عليه صهر الـpsycho الحاكم وأزلامه. هذه المشكلة أضحت حلولها بسيطة في غالبية دول العالم، بينما لا يزال لبنان يعاني لإنارة شارع واحد. ومع استمرار النهج عينه، وطلب السلفة الأخيرة في مجلس الوزراء، يبدو أننا سنعيش في الظلمة الدائمة للضباب الحديث، أي العتمة.

تجار الزومبي

المخرج العظيم جورج روميرو، يعتبر الأب لأفلام الزومبي، وقد أُعجب الجمهور بالرعب من أكل البشر لبعضهم البعض. لكن الزومبي ليس خرافة في لبنان، إنه حقيقة، فالتجار أسوأ من الزومبي، المصابون بدأوا يفقدون فيه عقلهم، لكن التجار عندنا بكامل قواهم العقلية، ينهشون لحم الشعب اللبناني، من أجل تحقيق الأرباح الطائلة على حساب أوجاع الناس، اذ يشترون البضائع بأبخس الأثمان ويبيعونها بأسعار خيالية، وما أسعار السوق اليوم إلا دليلا على ذلك، فعلى الرغم من هبوط سعر صرف الدولار، تستمر الأسعار في الارتفاع، تحت حجج واهية لا تنطلي على أحد، وأصبح المواطن يحلم باللحم والدجاج، لكونه بالكاد يستطيع تحمل كلفة الخبز والأرز. نعم هؤلاء هم زومبي العصر، التجار اللبنانيون، الذين يمتلكون براءة الاحتكار من الدولة اللبنانية، تجار المواد الغذائية، اللحم، الدجاج، الدواء، المحروقات وسائر الحاجيات، كلهم ينهشون لحم المواطن وقد يتطورون لأكل عظامه لاحقا.

الكوابيس القاتلة

“Nightmare On Elm Street” لمخرجه ويس كرايفن، خوّف الناس من أحلامها، وهو ما يحصل اليوم مع اللبنانيين، الذين يخافون النوم، كي لا تصيبهم الكوابيس التي تلاحقهم، مثل بكاء طفلهم لعدم توافر الحليب له، أو موت عزيز لهم على باب أحد المستشفيات، أو حتى عدم القدرة على تأمين ربطة الخبز لاطعام عائلته، كلها كوابيس يستطيع فريدي كروغر في الفيلم الشهير استغلالها ليقبض أرواحهم، هذا عدا عن الحلم المسروق لفلذات أكبادهم، الذين أصبحوا يصطفون أمام أبواب السفارات طالبين الهجرة، للبحث عن مستقبل أفضل. وأسوأ ما يمكن أن يحصل للانسان هو أن تتحول أحلامه الى كوابيس.

عمالقة أفلام الرعب يسكنون لبنان، بينما يبحث شعبه عن جايمس ماكتيغ، مخرج الفيلم الرائع “V For Vendetta”، علّه يستطيع أن يجد الثائر V اللبناني، الذي سينتقم لهم من الحاكم الـPsycho، ويبدد ضباب العتمة، ويقضي على التجار الزومبي، ويعيد إليهم أحلامهم ببلد أفضل. لكن V لا يمكن أن يكون شخصا واحدا، بل يجب أن يكون فكرة ثورية، تعيد الحكم الى أبناء الوطن، وتنتزعه من وحوش أفلام الرعب الحاكمة.

شارك المقال