ورقة بهاء الحريري أمام الطرابلسيين: خاسرة أم رابحة؟

إسراء ديب
إسراء ديب

يضجّ الشارع الطرابلسي بتفاصيل عودة رجل الأعمال بهاء الحريري من جديد إلى الساحة السياسية في لبنان. فهذا الرجل الذي غاب لأعوام عن البلد، عاد بدءاً من ثورة 17 تشرين الأوّل 2019 تحت سقف المنتديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكان يختفي تارة ويطل تارة أخرى من “برجه الافتراضيّ”، وآخر اطلالاته جاءت بعد قرار أخيه رئيس تيّار “المستقبل” سعد الحريري تعليق العمل السياسي.

وقد يكون وضع البعض لافتات وصور تعود لبهاء في أحياء من طرابلس كمستديرة نهر أبو علي، دوار السلام، القبة، الزاهرية… وكُتب عليها: “إيد بإيد… ومعك منكمّل مسيرة بيّك”، خطوة متوقعة ولم تُثر الغضب أو أي مشاعر سلبية لدى الأهالي الذين قد يعرفونه أو يجهلونه نظراً الى تغيّبه لأعوام طويلة، لكنه أكّد في خطابه الأخير، أنّه “يرغب في استكمال المسيرة بعد استشهاد والده رفيق الحريري”، لكن ليست خافية المقارنة المستمرة التي يُجريها النّاس غالباً بينه وبين أخيه الذي قاد تيّار “المستقبل” وترأس حكومات لمرات عدّة بعد استشهاد والده منذ 17 عاماً.

لا يُمكن القول ان صورة بهاء الحريري أو “الورقة” التي باتت تتدخل في الساحة السياسية في الفترة الأخيرة، مرفوضة عند الكثير من الطرابلسيين الذين قد لا يُمانع بعضهم تدخله السياسي حين يكون مختلفاً عن غيره، لكن على الأرجح بات الشارع الطرابلسي اليوم متأرجحاً بين رغبته في التمسك بالزعامة السنّية التي لا يرغب في خسارتها أو تركها لمن لا يستحقّ من جهة، وبين عدم تحديده الشخصية السنّية البديلة من الرئيس سعد الحريري الذي كان خياره مفاجئاً من جهة ثانية.

ومن الواضح أن خطاب بهاء الحريري الأخير أربك الساحة السياسية والشعبية شمالاً، فعلى الرغم من غموضه السياسي الذي لا يُعطي معلومات واضحة وتفاصيل دقيقة عنه وعن أهدافه المقبلة، اختلطت الأوراق الانتخابية بعد عزوف الرئيس الحريري ودخول شقيقه على الخطّ مباشرة، مما ترك تعقيدات واضحة لدى بعض القيادات السنّية “طرابلسياً”، والتي قد تجد في تدخله باباً مفتوحاً لتحالفات مقبلة تحت شعارات سياسية باتت معروفة كـ”الحدّ من نفوذ حزب الله وسلاحه”، وهي شعارات تحظى بدعم شعبي.

دعم مالي وإعلامي؟

تُشير المعطيات طرابلسياً إلى أنّ بدء بهاء الحريري بدعم المنتديات منذ فترة زمنية لمباشرة نشاطه محلياً، وتدخله في حركة جديدة أطلق عليها اسم “سوا للبنان”، وهي حركة مموّلة منه وانتشرت اللوحات الاعلانية عنها في مناطق لبنانية مختلفة، يخدم بالتأكيد مصالح انتخابية تجذب النّاس مع إغرائها بالمعونات المالية أو الغذائية مثلاً، “ليكون الطعم الانتخابي جاهزاً للاستخدام عند الإقرار بالاشتراك في دعم اللوائح الانتخابية إذا ما قرّر عدم الترشح”.

وتلفت هذه المعطيات أيضاً إلى أنّه “يبدو واضحاً دعم بهاء لبعض الصفحات الطرابلسية التي كانت موجودة وانتشرت بشكلٍ أكبر، أو لصفحات أسست حديثاً، ومن الملاحظ من أسلوب طرحها وتقاريرها المتنوّعة أنّها ركّزت على هذه الشخصية ودعمتها بما يرتبط بصحافة المواطن التي تنقل الأحداث عبر بثٍ مباشر”.

صورة إيجابية أم سلبية؟

يرفض أبو خالد (44 عاماً) وهو من سكّان الميناء اعتبار البعض أنّ الطائفة السنّية وحقوقها باتت حكراً على شخصية معيّنة أو عائلة محدّدة، وأنْ يتمّ التعامل معها على أنها زائلة مع زوال حكامها.

ويقول لـ “لبنان الكبير”: “لا نعلم من هو بهاء الحريري حقيقة… ندرك أنّه نجل الشهيد رفيق الحريري ليس إلا، وتدخله في هذا التوقيت متاح لكن لو كان قد تعاون مع أخيه سعد لكانت النتيجة أضمن لهما، أمّا تدخله سريعاً بعد عزوف شقيقه عن العمل السياسي، فيشير إلى وجود حلقة ناقصة لكنها لن تُؤثر في المقعد السنّي في كل الحالات”.

أمّا ناجية ع. (تعيش في الزاهرية) فتتذكّر أنّه “منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري كان بهاء يتمتّع بشخصية قوية لكنه لم يبق في لبنان بل توجه إلى الخارج ولم نسمع عنه شيئاً، ولم يتدخل في شؤون سياسية أبداً إلا منذ فترة وجيزة، لافتة إلى أن وضع الصور في مناطق وأحياء مختلفة لن يُؤثر أبداً في آراء النّاس في طرابلس، إلا في حال استغلال الحال المعيشية والظروف الاجتماعية والسعي إلى حلحلتها، هنا قد تتغيّر وجهات النّظر، لكن يبقى سعد الحريري معروفاً أكثر بالنسبة إلينا”.

ويؤكد أبو عمر رفضه دخول بهاء المعترك السياسي، قائلاً: “شبعنا وعوداً سياسية، فلم نستفد أبداً لا من نواب طرابلس ولا من وزراء لبنان منذ أعوام وحتى يومنا هذا، وبالتالي أنا لن أنتخب أحداً من هذه الطبقة السياسية التي خذلتنا كعادتها، مشدداً على ضرورة رفض أي مساعدة قبل الانتخابات فلينتظروا حتى تنقضي هذه الفترة لنعلم من المسؤول الجيّد ومن هو الاستغلالي”.

من جهتها، لا تنكر أم عبد الله أهمّية الزعامة السنّية “فهذه البلاد لن تستمر الحياة فيها بغياب زعامتنا، لكن لا مانع من وجود شخصيات مختلفة وجديدة، وقد يكون بهاء إنْ أراد ذلك إحداها، وقد يكون عمر حرفوش أيضاً إذا لديه حسن نيّة بالتغيير، لم لا؟”. أمّا شقيقتها نوال ق. فتُشدّد على أنّ “لا بديل عن سعد الحريري لا سيما إذا تحدّثنا عن آل الحريري”، وتقول: “إن عاد الرئيس سعد من جديد فسننصحه جميعاً باجراء تغييرات وإصلاحات لا سيما على مستوى الشخصيات المحيطة به”.

شارك المقال