تقسيم لبنان لمنطقتي نفوذ… مقترح حل في علم الغيب

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

لم يتجاوب لبنان مع المبادرة الخليجية سوى بالشكل، أما في المضمون فهو أبقى مشكلة سلاح “حزب الله” قيد “الحوار” للتهرب من مسؤولياته في معالجة هذه المشكلة وتنفيذ سياسة النأي بالنفس، من دون التزامات بتطبيق بنود القرارات الدولية ولا سيما القرار 1559. وجاء الرد في جمل انشائية لتضييع الوقت باعتبار أنها “شطارة” أو قدرة على “البَلف”، لكن دفن الرأس في الرمال كما النعامة، لم يعد ينفع في التعامل العربي والدولي مع دولة فاشلة أحنت رقبتها أمام السلاح غير الشرعي وأعلته على مصالح اللبنانيين. وسط هذه الأجواء تم تداول تصريحات لمستشار السياسة الخارجية الأميركية السابق وليد فارس تشير الى وجود أفكار يتم تداولها في واشنطن، عن تنفيذ القرار الدولي 1559 عبر اللجوء الى تقسيم لبنان منطقتين، الأولى تقع تحت نفوذ “حزب الله” تضم الجنوب والضاحية باتجاه البقاع شرقاً، والثانية منطقة آمنة في عهدة القوى الدولية والقوى الشرعية اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي.

وبدا واضحاً نشاط لوبي لبناني في الولايات المتحدة لتمرير هذا الاقتراح، الذي حمل عنوان “الخطة الأمنية”، في الكونغرس وطرحه لاحقاً في مجلس الأمن الدولي، كبداية لتنفيذ القرار 1559، وتردّد أنه شرط لتمرير المساعدات العربية والدولية.

مصادر سياسية معارضة قالت لـ”لبنان الكبير”: “ان الموضوع الذي يعمل عليه وليد فارس لا يعوّل عليه”. واعتبرت أنه “موضوع غير مهم ولا يلقى تجاوباً حتى في الكواليس الأميركية، مشددة على أهمية المبادرة الخليجبة وضرورة دعمها والتجاوب مع ما طرحته لجهة التزام لبنان تنفيذ القرارات الدولية”.

ويرى عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله أن “هذه المطالبات لم ترق الى الجدّية. هي بعض الاشارات عن مشاريع أو مسودات مشاريع هنا وهناك، تم تسريبها، من دون التأكد من مدى جديتها وصحتها وصوابيتها في هذه الظروف الراهنة”. ويعتبر أن “أي تقسيم جغرافي للبنان، وفق أي قاعدة أو منطق، مرتبط بتقسيم سلطة الدولة أو توزيعها، هو منطق مرفوض بالمطلق”.

ويستشهد على ذلك بالقول: “ها هي أمامنا خريطة سوريا، مناطق نفوذ تركية، مناطق نفوذ أميركية، مناطق نفوذ ايرانية وروسية… الى آخره. لا نريد للبنان أن يصل الى هذه الصورة. هناك مشكلة لدينا صحيح، وهي مشكلة السلاح خارج اطار الدولة، وهناك توافق على البحث في استراتيجية دفاعية موحدة، بانتظار الظروف الاقليمية المواتية، اما القرار 1559 فأعتقد أن لا طائل للبنان من تنفيذه. وكما قلت هو مرتبط بالمعادلة والتسوية الاقليمية التي يجري العمل عليها من فيينا وصولاً الى عواصم أخرى”.

من جهته، يؤكد نائب رئيس تيار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش أنه “في ظل استعصاء الحلول واستمرار حزب الله كقوة اقليمية مرتبطة بمشروع ولاية الفقيه وبالطموح الايراني، قد تطرح حلول خارج المنطق في بعض الأحيان. ومنذ بدأ حزب الله احتلال مناطق الحدود الشرقية في سوريا وغرب سوريا وشرق لبنان، أي وراء سلسلة الجبال الشرقية في لبنان، بدأت أقتنع بأن هناك محاولة لفرض واقع سكاني جديد، أي تهجير السكان السنّة واسكان آخرين من الطائفة الشيعية، بالاضافة الى عمليات الشراء الممنهج لفرض الاحتلال من قبل الايرانيين في مناطق بمحيط دمشق. هذا التمدّد هدف الى فرض واقع جغرافي وسكاني قد لا يؤدي الى تغيير المعالم، لكنه في النهاية بات أمراً واقعاً كما أمر وجود السلاح الايراني المسمى حزب الله في لبنان”.

ويشير الى أن “أحد الحلول الافتراضية، أن يعترف لايران بموطئ قدم معين جغرافياً، وهي المناطق ذات الأكثرية الشيعية، وأن تترك المناطق الأخرى في حماية دولية ضمن نطاق وتفاهم دوليين. وقد تكون مسألة عين الرمانة التي حصلت منذ شهرين، أحد وجوه هذا الطرح، فلو تطورت الأمور أكثر في هذه المنطقة، لما وصلت الى خواتيمها، وربما تفادى حزب الله التمادي في ذلك الموضوع، لعدم الوصول الى هذا الواقع”.

وعن تداعيات مثل هذا الطرح التقسيمي، يعرب علوش عن اعتقاده بوجوب “أن يوضع موضع البحث، في ظل التداخل السكاني الواضح في البقاع والجنوب وفي بيروت والضاحية، وماذا سيكون الأمر لو حصل. هل سيكون ذلك بالاتفاق مع ايران، أو بمواجهة معها، وهل ستسبق تلك الأمور حرب معينة أو أحداث عنيفة؟. كل هذه الأمور لا تزال في علم الغيب، على الأقل في هذه المرحلة”.

ويضيف: “بالنسبة الينا نحن نعتبر أن تطبيق القرار 1559 هو الطريقة الوحيدة لابقاء لبنان موحداً. وتطبيقه لن يكون حسب ما هو واضح الا بصراع مسلح مفتوح ودموي ومدمر. لذلك قد يكون هذا الحل العبقري بالتفاهم مع ايران، ولست أدري اذا كان سيطرح، لكن كل ما يقال حتى الآن مجرد تحليلات تستند الى بعض المعطيات، أما كيفية تطبيقها على الارض فتبقى عرضة للتساؤل وللكثير من الأمور غير المحسومة. وفي النهاية الحلول المعقدة تصبح سهلة التطبيق عندما يكون هناك حدث أمني يؤدي الى تغيير المعالم الجغرافية أو الديموغرافية للمناطق”.

شارك المقال