ماذا حقق اتفاق مار مخايل… في ذكراه الـ١٦؟

محمد شمس الدين

التقارب بين المكونات اللبنانية مرحب به، بل هو مطلوب، لكن يجب ألا يكون بين مكونات ضد أخرى، بل مقدمة لتوافق وتقارب وطني شامل بين كل القوى في البلد. ربما كانت هذه النيات عند عقد اتفاق مار مخايل عام ٢٠٠٦ بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، لكنه على مر الزمن وفي ذكراه الـ١٦، أصبح شكليا يشبه عقد تجارة بين شركتين، بيع وشراء بين تنظيمين سياسيين، التيار البرتقالي يبيع الغطاء المسيحي لـ”حزب الله”، مقابل مكاسب في السلطة. فهل حقق هذا الاتفاق نجاحا؟ وما هي سلبياته؟ وما مصيره؟.

نجاحات مار مخايل… سياسية

استطاع “حزب الله” بحلفه مع التيار العوني لجم ١٤ آذار، وإعطاء الشرعية لسلاحه، كما استفاد من وزراء خارجية التيار في المؤتمرات الدولية وجامعة الدول العربية، بينما قدّم للتيار مكاسب في الحكومات والتعيينات، وأوصل في النهاية ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية ليحقق حلمه التاريخي، ويحضر الأرضية لمستقبل صهره السياسي.

سلبيات مار مخايل… حرب إلغاء جديدة!

حقق اتفاق مار مخايل نجاحات سياسية للطرفين، لكنه فشل فشلا ذريعا في مجالات عدة، أهمها المساهمة في بناء الدولة، بحيث أدرك “التيار الوطني الحر” باكرا حاجة “حزب الله” إليه في ظرف إقليمي معقد، لذلك أطلق لنفسه العنان في الساحة اللبنانية، فبدأ شن الحروب السياسية ضد قوى أساسية عدة، أولها حليف “حزب الله” الأول حركة “أمل” ورئيسها نبيه بري. وهنا وقع الحزب بين نارين، نار الوحدة الشيعية، ونار الحاجة الإقليمية، وحاول قدر المستطاع تفادي الأضرار من انتقام التيار من حركة “أمل”، الذي يعتبر عون أنه هُزم أمامها في مراحل عدة، أبرزها انتفاضة السادس من شباط، التي كان أحد أبرز أعمدة قمعها بالقوة لكنه فشل، واتفاق الطائف الذي دفن حلم عون برئاسة الجمهورية وقتها.

وما كاد الحزب ينجح في تخطي أضرار محاولة الانتقام العوني من “أمل”، حتى بدأ التيار حرب إلغاء سياسية ضد القوى السياسية الأخرى بدءا بحليف “حزب الله” الثاني سليمان فرنجية، وذلك كي يقضي باسيل على كل من يشكل خطرا على حلمه الرئاسي. وبعدها استمر التيار في حملاته ضد خصوم الحزب، من الحزب “التقدمي الاشتراكي” إلى تيار “المستقبل” و”القوات اللبنانية”، وإن كان الحزب في مرحلة ما لم يمانع محاصرة الخصوم، إلا أنه في السنوات الأخيرة اتخذ نهجا قريبا من نهج “أمل” في السياسة الداخلية، أي أن هذا البلد لا يمكن إلغاء أحد فيه، وتحديدا من جهة “الاشتراكي” و”المستقبل”. أُحرج الحزب هنا فهو لا يمكنه مجابهة التيار من أجل الخصوم وهو بالكاد يستطيع المحافظة على التوازن بين الحلفاء، وما زاد الأمر سوءا هو النهج الطائفي الذي اعتمده التيار لشن حروبه الإلغائية متسلحا بقوة “حزب الله”، وبهذا يكون الاتفاق فشل في تقريب اللبنانيين، بل زاد من الشرخ فيما بينهم بشكل كبير، وأعاد اللغة الطائفية البغيضة من أيام الحرب الأهلية.

غياب الاحتفال السنوي بين الحليفين

يغيب هذه السنة اللقاء السنوي الذي يجمع “حزب الله” و”التيار الحر” بمناسبة ذكرى اتفاق مار مخايل، وعلى الرغم من تمسك الفريقين بالاتفاق إعلاميا، ييدو أن الشرخ أصبح كبيرا، وتحديدا بعد اختلاف وجهات النظر في ملفات داخلية عدة، آخرها ملف الانتخابات النيابية وأصوات المغتربين، الذين يخاف التيار من تأثيرهم ويحاول حصرهم بـ٦ نواب، فأُطلقت المواقف العلنية، وليس من جبران باسيل فحسب، بل حتى من الرئيس عون، الذي اعتُبرت بعض خطاباته رسائل للحليف “حزب الله” وأيضا محاولات ابتزاز، وذلك عبر التلميح بالفيدرالية.

فالى أين يتجه اتفاق مار مخايل؟ وما مصيره في ظل هذه المستجدات؟ وهل ما يحصل هو مسرحية عونية من أجل شد العصب الانتخابي، أم أن الاتفاق يقترب من نهاية صلاحيته؟ كلها أسئلة لن تُعرف الإجابة عنها إلا بعد الانتخابات النيابية.

شارك المقال