“رفيق الاعلاميين” آمن بتعدد الآراء وضمان الحريات

آية المصري
آية المصري

17 عاماً وما زال اللبنانيون على مختلف إنتماءاتهم يستذكرون الرئيس الشهيد رفيق الحريري. 17 عاماً وما زال لبنان يدفع ثمن غياب رجُل بحجم وطن، رجُل المراحل الصعبة، عنوانٌ للإعتدال والمحبة، رمزٌ للعيش المشترك ورفيق كل المناطق اللبنانية.

لم يميز يوماً بين اللبنانيين وسعى الى بناء هذا الوطن وازدهاره. قدم الكثير والكثير ولم يبخل حتى بدمه. إستشهد الرفيق ورحلت معه سويسرا الشرق. إغتالوه يوم 14 شباط لأنهم خافوا منه، أجل، خافوا من ضمير هذا الرجل، وخافوا من الأحلام التي حققها للبنان. لم ينكفئ يوماً عن مساعدة هذا الشعب. قدم الكثير للاعلام وكان هدفه وصول لبنان الى العالمية. أحب الصحافة وسعى الى تطويرها، كما عشق حرية الرأي والتعبير. إستمع الى الجميع مؤيدين ومعارضين له. فما نظرة الاعلاميين الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ وما هي المواقف التي عايشوها معه؟

وهبه: حادثة أرويها للمرة الأولى

وقال الاعلامي يزبك وهبه: “كنا نلتقي بالرئيس الشهيد رفيق الحريري أثناء السفر وسأروي للمرة الأولى عبر موقع لبنان الكبير حادثة حصلت أثناء تواجدي معه على متن الطائرة حين كنا متوجهين الى فرنسا سنة 1997. سافرت مرتين مع الرئيس الشهيد وسنة 1997 كنت أعمل في محطة الـ ام. تي. ف، ويومها طلب مني الجلوس الى جانبه لبضع دقائق ليطرح علي سؤالاً. حين جلست قال لي: لماذا هناك فريق من المسيحيين لا يحبني؟ أريد معرفة السبب. فأجبته شارحاً: هناك جزء يعتبر أنك تريد أن تكون زعيم لبنان الأوحد وتحاول أخذ لبنان الى زاوية تختلف مع نظرته. نظر الي قائلاً: جئت لأخدم لبنان، ولأكون مع كل اللبنانيين. أنا لا أنتمي الى فئة أو طائفة محددة، أنا لكل اللبنانيين”.

ولفت وهبه الى أن “ذكرى 14 شباط مناسبة أليمة جداً، فالرئيس الشهيد ترك أثراً كبيراً في لبنان، حيث رفع مستواه الى العالمية من خلال علاقاته الدولية التي وظفها في خدمة هذا البلد. ساهم في إعمار لبنان وانهاضه ورفع اسم بلدنا في العالم واستفاد من علاقاته جميعها. كما جدد علاقات فرنسا والولايات المتحدة بلبنان، وشهدنا نهضة كبيرة في وسائل الاعلام، اذ لم تكن الحريات الاعلامية قوية نتيجة الوصاية السورية وهذا لا يتحمل مسؤوليته. كان الشهيد محباً للاعلاميين ويحمل مودة وصداقة خاصة لهم. حتى الاعلاميون الذين لا يتفقون معه ولا يؤيدونه سياسياً كان قريباً منهم”.

وأكد أن “الرئيس الشهيد كان يسأل كثيراً ويحب معرفة الآراء الأخرى، بحيث كان يستمع الى كل الصحافيين البعيدين عنه والقريبين منه، لمعرفة وجهة نظرهم وملاحظاتهم بهدف عملية التطوير. كان محباً للجميع وفي فترته نستذكر جيداً إنطلاقة تلفزيون المستقبل والنخب الاعلامية التي ضمها. ونجله الرئيس سعد الحريري تعاطيه جيد مع الاعلام، لا بل أقرب من والده بحيث أن الشهيد كانت إنشغالاته أكثر”.

أضاف: “خسارة كبيرة جداً للبنان هذا الرئيس. نحن بحاجة الى رجال أمثاله يعملون ويعيدون لبنان الى الخارطة الدولية. كانت أياماً جميلة جداً بحيث شعرنا أن هناك تطوراً كبيراً نعيشه ويا ليت أيامه تعود. أنا من الصحافيين الذي التقوا الرئيس الشهيد خلال الجلسة الشهيرة في 14 شباط، كنت أقوم بتغطية صحافية وخرج من البرلمان يومها وألقى علي التحية قبل مغادرته والذهاب الى مقهى café de l’etoile وبعد أقل من 40 دقيقة سمعنا دوي الانفجار”.

دوغان: ما زلنا نعيش تداعيات الاغتيال

أما الاعلامية لينا دوغان فاعتبرت أن “لبنان خسر كثيراً على مختلف الصعد. البلد إنهز يوم 14 شباط. وبعد مرور 17 عاماً مازلنا نعيش تداعيات هذا الاغتيال ولم ننته حتى يومنا هذا من الخسارة والحدث الذي شهدناه. الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان محباً للاعلام ولأهله وكان يعيره الكثير من الإهتمام، فهو أول من نادى بالحرية الاعلامية وبالتعددية داخل المحطات الاعلامية. رفيق عمل على قانون الاعلام وأصر على وجود كل الأشخاص بحيث أعطى للمؤسسات الحق في ضم كل الأطراف اللبنانية مهما كان دينهم أو مذهبهم، فهذا الرجل رمز للعيش المشترك، ولم يقبل بصبغة أي مؤسسة اعلامية بلون واحد”.

وقالت: “الرئيس الشهيد هو من أوجد تلفزيون المستقبل والتسمية أتت منه، كان يريد أن يرى التعددية في الآراء وضمان الحرية، وتلفزيون المستقبل كان التلفزيون الأوحد الذي وظف كل الفئات من دون أي تفرقة. كما كان يهتم بتفاصيل التلفزيون ويتابع كثيراً الاعلام. كان يتابعنا منذ الصباح الباكر، ولدى أي غلطة أو كلمة تصدر يتصل شخصياً قائلاً: أريد إعطاء رأيي وملاحظاتي. كان يهتم جداً بالتفاصيل ويسعى الى الصورة الأفضل”.

ورأت أن “أكثر من يشبه الرئيس الشهيد هو نجله الرئيس سعد، يشبهه في الكثير من الأمور وتحديداً لناحية الاعلام. فالرئيس سعد الحريري فتح باب منزله لكل الاعلاميين من دون أي استثناء، وترك مجالاً لكل الاشخاص أن يدخلوا ويعطوا رأيهم ويطرحوا كل أسئلتهم. والمشكلة اليوم أن الاعلام عاد ليشبه السلطة الحاكمة، فالبلد عاد الى الوراء كثيراً وكذلك الاعلام عاد ليتقوقع على نفسه”.

أضافت: “أقول للرئيس الشهيد صحيح نحن خسرناك لكن هناك العديد من الأمور تعلمناها منك ولن نخسرها، وأقول للرئيس سعد الحريري على الرغم من كل شيء أنت الصح”.

أبو زيد: قيمة إضافية للبنان

ووصف الاعلامي بسام أبو زيد علاقته بالرئيس الشهيد بـ “الجيدة”، موضحاً “أننا كنا نجلس معه ونتحدث عن أوضاع البلد. وكان توجهه المحافظة على الاعلام وحريته. كما كان يستمع كثيراً الى من يخالفه الرأي وأتحدث عن تجربة شخصية. والرئيس الشهيد كان قيمة إضافية للبنان ولو وجد في ظروف أفضل مما كنا عليه لكان عمل للبنان الكثير والكثير، وكنا في وضع مختلف عما نعيشه في الوقت الحالي. هناك العديد من الظروف التي عاكسته، ظروف لها علاقة بالوضع الداخلي والخارجي، وحاول جاهداً إعمار لبنان واستطاع تحقيق الكثير من الأمور للبنانيين، والظروف الأخرى لم تساعده في تطوير لبنان وازدهاره أكثر. وعلى الرغم من كل شيء اغتيل وهذا لبنان للأسف”.

أضاف: “لا أحب المقارنات وكل وشخص لديه أسلوبه وظروفه، وأعتقد أن الظروف التي تواجد فيها الرئيس سعد الحريري أصعب من ظروف الرئيس الشهيد. كما أن الرئيس سعد الحريري قريب من الاعلاميين وليس بعيداً عنهم، ويهمه جداً التواصل مع الاعلام. رحم الله الرئيس رفيق الحريري ولا أنسى لحظة الاغتيال خصوصاً أنني كنت من أوائل الصحافيين الذين وصلوا الى مكان الاغتيال، على أمل ألا نشهد إغتيالات في لبنان”.

شارك المقال