سجن سري لـ”حزب الله” في تدمر… تعذيب وخطف وإبتزاز

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

أفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن “حزب الله” عمد في الآونة الأخيرة، إلى إنشاء ما وصفه بأنه “سجن سري” جديد له داخل الأراضي السورية، يقع قرب مستوصف في منطقة غرب مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي وسط سوريا، مشيراً إلى إحاطة السجن بأسلاك شائكة.

وسبق للمعارضة السورية أن أعلنت أن “حزب الله” شيّد سجوناً سرّية مخصصة لتعذيب معارضي النظام والمعترضين في أرياف حمص ودمشق، في أماكن نفوذه العسكري المدعوم من النظام، لمعاقبة الشعب السوري المنهك من الجوع والقصف والقتل. ومن أبرز هذه السجون السرّية التي تناولها الاعلام تلك الموجودة في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق ومزارع الأمل في القنيطرة والصنمين داخل الفرقة التاسعة في درعا. أما أشهرها، فهو في منطقة تلكلخ والذي يطلق عليه البعض اسم “الثقب الأصفر” وآخرون اسم “سجن الحزب”. وهذه السجون خصصت لتعذيب معارضي نظام الأسد، والمعترضين على تواجد “حزب الله” على الأرض السورية.

وكانت شهادات المعتقلين أفادت أن معتقل تلكلخ خطير ومن يدخل إليه يعتبر مفقوداً. كما أشارت إلى السجنين المركزيين للحزب الواقعين في منطقة قارة القريبة من الحدود اللبنانية – السورية وفي دمشق قرب السيدة زينب، إذ أن معظم نزلاء هذين السجنين من السوريين والعراقيين.

وتوضح المحامية السورية نور الخطيب من “الشبكة السورية لحقوق الانسان” أن “السجن المكتشف حديثاً في منطقة قريبة من تدمر يقال إنه تابع لحزب الله، ونحن لدينا معلومات بوجود منشأة جرى بناؤها حديثاً تابعة للحزب وهي تحوي مستودعات قد تكون مقراً له. ولكن بالنسبة الى كونها مركز احتجاز أو لا، فنحن لا نزال نحقق في الموضوع ولم نتأكد حتى الآن ما اذا كانت هذه المنشأة يتم استخدامها كمركز احتجاز أو لا”.

وتشير الى أن “كل الميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية والايرانية التي قاتلت في سوريا عندها سجون سرية، ودائماً تكون موجودة في المقرات العسكرية التابعة لها. والهدف الرئيسي من وجودها احتجاز أشخاص يتم القبض عليهم إثر المعارك سواء كانوا من مقاتلين ينتمون الى فصائل المعارضة أو من داعش أو من أي جهة مقاتلة. أي كان يحتفظ بهم كأسرى، وأحيانا يتم احتجاز أشخاص اختطفوا بغرض الحصول على فديات مالية، وهناك عمليات خطف كانت وراءها ميليشيات طائفية، من ضمنها حزب الله، بهدف الحصول على مبالغ مالية، لا سيما أشخاص ينتمون مثلاً الى عائلات موجودة في مناطق خارجة عن سيطرة النظام. فهم كانوا يفاوضون للحصول على مبالغ مالية كبيرة”.

وتلفت الخطيب الى أن “حزب الله تحديداً أنشأ عدة مراكز احتجاز في منطقة القلمون وفي القصير بريف حمص وأيضاً في البادية السورية وغالبية المحتجزين عندهم كانوا من الأسرى أو مختطفين. وحسب المعلومات الموثقة لدى الشبكة فإن حزب الله لديه 48 سورياً مدنياً تم إختطافهم، وأهالي هؤلاء المدنيين الذين أبلغونا عن اختفائهم يعتقدون أنهم موجودون عند حزب الله. ولكن نحن ليست لدينا أدلة لنؤكد هذا الأمر، الا أن أهاليهم يرجحون إختطافهم من قبل ميليشيات الحزب”.

وتؤكد الخطيب أن “عمليات التعذيب المعروفة تحصل في الأفرع الأمنية السورية، وهي عمليات جد شنيعة يستخدم فيها أكثر من 72 أسلوب تعذيب يمارس بشكل يومي ومتواصل في المراكز التابعة للأفرع الأمنية والنظام السوري. بالنسبة الى المراكز التابعة للميليشيات، فالوضع يكون أكثر صعوبة والممارسات أكثر وحشية بسبب عدم وجود ضوابط أو إجراءات يمكن أن تحكم عمل هذه الميليشيات وتضبطها، والافلات من العقاب بالنسبة اليها يكون سهلاً جداً. وبالتالي فان عمليات التعذيب في مراكز الميليشيات تكون غالباً انتقامية – عقابية، تطال أشخاصاً تنتمي عائلاتهم الى المعارضة أو أشخاصاً قاموا بانتقاد ممارساتهم، فدائماً هؤلاء يتعرضون لتعذيب إنتقامي ووحشي وغالباً ما تنتهي عمليات التعذيب بالقتل”.

وعن كيفية تتبع الشبكة لهذه الحالات، تقول الخطيب: “بشكل رئيسي، من خلال تتبعنا للأحداث نعرف أن من إعتقلوا هم من الناجين أنفسهم في منطقة ما تعرضت للقصف أو كانت مركز قتال، من هنا نستطيع أن نقدر الى أي مراكز إحتجاز أو إعتقال نقلوا، وإذا كان المكان معروفاً أو سرياً، فلدى الشبكة باحثون في كل المناطق السورية وهي على تواصل مع كل الأهالي الذين يزودوننا أحياناً معلومات خاصة عن المراكز، ويكونون شهود عيان عما جرى ويجري في هذه المنطقة أو تلك””.

والمعروف وفق تقارير صحافية، أن سجون “حزب الله” السرية تنتشر أيضاً في ضاحية بيروت الجنوبية ومنها السجن المركزي في حارة حريك، خلف مستشفى بهمن، وسجن بئر العبد ويقع خلف مركز التعاون الإسلامي، ومركز تحقيق قرب مجمع القائم، وسجن في بئر العبد قرب مجمّع السيدة زينب، إضافة الى سجن مجمّع المجتبى خلف قناة “المنار”، ويتميّز هذا السجن بشموله زنزانات انفرادية وغير انفرادية تمت إزالة بعضها بعد كشفها على خلفية خطف فتاتين من آل شمص وسجنهما هناك.

وحسب سجناء عاشوا مرارة التجربة، فإن التحقيقات تشمل الضرب والتعذيب الكهربائي بشتى الطرق الجسدية والنفسية، والحرمان من الطعام ومنع التواصل. ويشرف على عمليات التحقيق والتعذيب أفراد ملثمون تابعون لوحدتي 1000 أو 900.

ولدى “حزب الله” منظومة قضائية مرتبطة بالمجلس الجهادي يصدر الأحكام بحق موقوفين، يعتبر الحزب أنهم خالفوا الإجراءات والقوانين. كما أسس الحزب وحدة ما يسمّيه “الأمن الوقائي” وهناك أحكام تتعلق بتهم القضايا النسائية والمالية والعمالة للعدو أو عمليات خطف.

وحسب بعض من عاشوا التجربة، فإن محققي “حزب الله” يستخدمون أساليب الإغراء للحصول على اعترافات متهمين بجرائم لم يرتكبوها ومن بينهم قصّر من الأطفال.

والواضح حسب متابعين أن هناك استنسابية في المحاسبة لجهة الأحكام الصادرة، حسب الواسطة ودرجة قرب الشخص من مسؤول أو قيادي.

ويبرّر “حزب الله” وجود هذه السجون المخالفة للقانون بكونه يتخذ الإجراءات المناسبة لحماية بيئته ومنع اختراقها من الجهات المعادية.

شارك المقال