طرابلس وهاجس الفوضى: انتكاسة أمنية وسياسية؟

إسراء ديب
إسراء ديب

بعد مقتل الشاب أحمد الأيوبي وهو أحد مناصري الحزب “السوري القومي الاجتماعي” بطريقة غامضة في طرابلس اثر إطلاق مجهولين النّار عليه ما أدّى إلى وفاته، يُتابع “القومي” هذه القضية بعد اللجوء إلى القضاء، إذْ تقدّم محاميان من الحزب هما ريشار رياشي وعبد الله ديب بشكوى جزائية أمام النيابة العامّة الاستئنافية في شمال لبنان، تناولت الجريمة التي وقعت بتاريخ 7 شباط 2022.

في الواقع، تُوضح مصادر متابعة لهذا الملف لـ “لبنان الكبير” أنّ خطوة الحزب “روتينية” قضائياً، لكنّها ستُواجه أمريْن: إمّا أنْ يتحوّل هذا الملف إلى أدراج النسيان بعد فترة زمنية وتُهمل هذه القضية إخفاءً لثغرة ما، أو إلقاء التهمة على أحد الأشخاص فتقتصر التوقيفات على شخصية معيّنة من دون تحديد مجموعة من الأشخاص أو العصابة مثلاً التي ارتكبت هذا الجرم أو دعمته.

“القومي” والإرهاب

يربط “القومي” هذه الجريمة بالتدهور الأمني، ويتحدّث أيضاً عن “إرهابيين يُنفذون هكذا اغتيالات”. وإذْ ترفض أوساط طرابلسية وقضائية ربط هذه القضية بمصطلح الإرهاب، يُشدّد الحزب على ضرورة إجراء التحقيقات اللازمة لتحديد القتلة ومحاكمتهم.

وعلى الرّغم من عدم تحديد القاتل أو مرتكبي هذه الجريمة بعد، تستغرب هذه الأوساط سرعة اتخاذ الحزب قراراً بأنّ ما حصل هو عملية إرهابية لم تُعلنها التحقيقات أو الأجهزة المتخصّصة بعد، معربة عن غضبها من الاستعمال المفرط وغير المبرّر لهذا المصطلح الذي التصق بالمدينة منذ أعوام وعادت بعض الوسائل والصفحات الى استخدامه لا سيما بعد عدم معرفة سرّ “الغرف السوداء” التي كانت قد أرسلت شباناً طرابلسيين إلى العراق، مع عدم إلقاء القبض ولو لمرّة واحدة على مفتعلي الفوضى في المدينة لمعرفة أهدافهم ومن يقوم بتمويلهم ودفعهم إلى إثارة الذعر بين الطرابلسيين يومياً، خاصّة في أوقات المساء بعد إلقائهم القنابل أو المفرقعات النارية التي تحمل أصواتًا مخيفة للغاية في أحياء المدينة المختلفة، وهذا ما تربطه هذه الأوساط بأنّه رغبة مبطنة في الهروب من الاستحقاقات السياسية والانتخابية، ما يُشكّل حال ارتياب واضحة بين المناطق الطرابلسية.

الخضّة الأمنية “داعشية”

صحيح أنّها ليست المرّة الأولى التي تُواجه المدينة فيها “خضات” أمنية مقصودة، ولن تكون آخر جريمة تشهدها أراضي طرابلس التي عرفت الكثير من الويلات منذ أكثر من 40 عاماً، لكن بعض المصادر تتساءل عن الدور الذي باتت تلعبه الأجهزة الأمنية في طرابلس، لا سيما بعد الإنجاز الذي قامت به شعبة المعلومات التي كشفت وتعقّبت كوادر تابعة لتنظيم “داعش” في مخيّم عين الحلوة، وذلك ضمن إطار عمليات الأمن الوقائي.

وتقول هذه المصادر لـ “لبنان الكبير”: “إنّ الكشف عن هذه العملية الأمنية الكبيرة التي كانت قابلة لتهديد السلم الأهلي في البلاد لو لم تُكشف، كان يجب أن يسبقه الكشف عن السيناريوات الأمنية المرتبطة بالحديث عن التنظيم وعلاقته ببعض شبان طرابلس، من دون اللجوء إلى ملفات توقع بالشبان بدون دليل واضح يُورّطهم في خطورتها، وذلك بدءاً من الحديث عن الكشف عن خلية إرهابية مؤيّدة لداعش منذ أشهر وصولاً إلى آخر المعطيات التي تحتاج إلى تفسير”.

وتُضيف: “إنّ طرابلس عانت من هذه التنظيمات التي ضربتها بشدّة، فلا ننسى الهجوم الإرهابي الذي هزّ طرابلس عشية عيد الفطر عام 2019، والذي نفذه عنصر سابق من التنظيم وهو عبد الرّحمن مبسوط كان قد قاتل في سوريا، واستهدف هذا الهجوم القوى الأمنية كما المواطنين الأبرياء، وذلك لإثارة الفتنة حينها. أمّا التهجم على مراكز دينية تتبع المذهب الشيعي، فهو سيناريو جديد قد يليق بالمقاومة حالياً التي تُريد وبشتى الطرق إثبات معادلة تقول انّها وبمساعدة إيران ستبقى هي الحامية في وقتٍ تُهدّدها المجموعات المتطرّفة التي عليها التخلّص منها وتحذير النّاس من خطورتها التي تتجاوزها بمراحل، وصولاً إلى معلومات صحافية تُشير إلى عميل للصهاينة طرابلسياً لتزيد الطين بلّة ولتُثير الفتنة الشيعية – السنّية ولفصل المناطق بين مناطق داعشية شمالاً ومستهدفة في الضاحية الجنوبية، وبالتالي إنّ أيّ شكل من أشكال الانتكاس الرسميّ في المدينة سيُضعف موقفها أمام المتربصين…”.

وتتُابع: “زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى طرابلس لم تُثمر ارتياحاً أمنياً، ولم تبسط عناصر الجيش لحماية طرقات المدينة، لكن يبقى الجيش هو الحامي الفعلي الذي يُمكن تحريكه وتقبّله في المدينة قبل أيّ حدث”.

وتختم هذه المصادر: “أين بسام مولوي (وزير الداخلية) ابن طرابلس ممّا يحصل في مدينته من فضائح مدّوية بهذا الحجم؟ وأين هي نتائج اللقاءات السياسية التي أجراها نواب طرابلس في بيروت منذ أشهر؟ وأين نتائج اللقاءات التي أجراها أمنيون واتخذوا سلسلة قرارات لا تصمد أمام أيّ حدث ولم يُنفذ أيّ منها؟. المشكلة أنّ الشعب ينسى والدّولة تتناسى الملفات التي تُفتح ولا تُغلق بالشكل الصحيح، بل يعود جهاز أمني آخر بخبطة جديدة يليه جهاز جديد يُغطّي الفضائح السابقة بخبطة أخرى ضمن عمليات تُؤدّي إلى توقيف رجل واحد ولا أنباء عن تفاصيل مجموعة كاملة أو مصادر دعمها وتمويلها، وبالتالي تبقى هذه المعطيات الأمنية غير مكتملة العناصر”.

شارك المقال