استدعاء ناشطة طرابلسية إلى التحقيق بسبب “بوست ناقد”… وهذه التفاصيل!

إسراء ديب
إسراء ديب

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر يُشير إلى استدعاء المحكمة العسكرية الناشطة الطرابلسية تيما سمير للتحقيق، وهي الملقبة بـ “جميلة الثورة” التي سطع نجمها بدءاً من ثورة 17 تشرين الأوّل عام 2019 ولم تترك تظاهرة أو مسيرة في ساحات الثورة إلّا وشاركت فيها إيماناً منها بلبنان وبحقوقها المدنية.

تدرك هذه السيّدة جيّداً أنّ الثوار الذين كانوا صادقين وتمسّكوا بالثورة ميدانياً بشفافية، سيتعرّضون على الأرجح وباستمرار للملاحقة الأمنية. وكانت قد نشرت قبل توجهها إلى المحكمة منشوراً لفتت فيه إلى ذهابها لحضور الجلسة، واعتقد حينها كثيرون من المواطنين الذين يعرفونها أم لا، أنّها استدعيت إلى التحقيق بسبب تعرّضها لرئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.

في الواقع، حرّك هذا الخبر الكثير من النّاس الذين تضامنوا معها لا سيما الناشطة كيندا الخطيب التي عبّرت عن تضامنها مع تيما، كما تضامنت الأخيرة معها في أزمتها التي واجهتها محلّياً، فضلاً عن قيام آخرين بنشر صورها مع عبارات تضامنية للوقوف إلى جانبها إلى حين خروجها من التحقيق.

ولمعرفة تفاصيل هذه الحادثة، تواصلنا مع تيما للحديث عن سبب الاستدعاء ونتائجه.

تفاصيل

وفي التفاصيل، ليست المرّة الأولى التي تُلاحق فيها تيما أمنياً، لكنّها المرّة الأولى التي يتمّ فيها استدعاؤها إلى المحكمة العسكرية.

وتقول لـ “لبنان الكبير”: “على خلفية منشور سابق لي على صفحتي عبر فيسبوك، تمّ التحقيق معي بسبب (المس بكرامة المؤسسة العسكرية وشهدائها)، فبعد تظاهرة سلمية في بعبدا وحصل فيها إطلاق رصاص حيّ على المتظاهرين، كتبت منشوراً عبر الفيسبوك عبّرت فيه عن غضبي بسبب هذا الموضوع الذي حصل بالتزامن مع حادثة البداوي السنة الفائتة والتي أدّت إلى استشهاد عناصر من الجيش اللبناني، الأمر الذي دفعني إلى مسح المنشور لنشر آخر اعتذرت فيه من أمّهات الشهداء لأنّ الجيش هو ضحية كالمواطن الذي يُعاني أيضاً، لكن يبدو أنّ هناك من صوّر المنشور مسبقاً قبل حذفه”.

وتُضيف: “اتصلوا بي من مخابرات الجيش وطلبوني إلى التحقيق وبقيت حينها من الساعة الرابعة إلى الثامنة مساءً ثمّ سلّموني إلى الشرطة العسكرية في القبة التي بقيت فيها حتّى الثانية عشرة ليلاً، لكن يبدو أنّ التحقيق لم يُحفظ وبعد فترة اتصلوا من المحكمة العسكرية وكانت الجلسة منذ ساعات وانتهت بدفع غرامة مالية وقدرها 680 ألف ليرة لبنانية”.

أمّا عن تفاصيل الجلسة، فتُؤكّد تيما أنّها لم تتعرّض للإساءة أبداً، لكنّها لم تتوقّع أن يستمرّ التحقيق هذه الفترة الزمنية الطويلة، متسائلة: “أنا كمدنية، لماذا أمثل أمام المحكمة العسكرية؟”، وهو سؤال كان يُراودها منذ أعوام، وتُتابع: “وجدت أثناء التحقيق في المحكمة بعض المتهمين بالإرهاب وحوالي 100 موقوف عسكريّ بتهم مختلفة قد تكون تجاوزات، فرار من المؤسسة، إطلاق نار… وغيرها من التهم التي من المنطق أن يُحاكموا بها أمام المحكمة العسكرية، لكن أنا يمكن أن أحاكم في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية مثلاً لأنّني أحاسب على منشور حذفته، ولا أعلم ما إذا كان هذا الملف سيُعاود فتحه من جديد في أيّ لحظة، مع العلم أنّني اعتذرت عنه وأكّدت أنّنا في هذا الوطن الذي لا نعرف كيفية صموده واستمراره إلى هذه اللحظة، كلّنا ضحايا وأنا أم لابنتين وأشعر بمعاناة أمّهات الشهداء، وحين قالوا لي انّ تظاهرة بعبدا لم يسقط فيها أيّ شهيد، تحدّثت بكلّ حرقة عن شهداء طرابلس الذين وقعوا أثناء دفاعهم عن حقّهم في التظاهرات والثورة، وآخرين تعرّضوا لعاهة مستديمة بسبب الإصابة، ويجب عدم الاستهزاء بشهدائنا أبداً”.

وحول الحديث عن استدعائها بسبب الرئيس عون وباسيل، تلفت إلى أنّ العميد الذي أجرى معها التحقيق تناول في جزء من حديثه تعرّضها لهما، لكنّه ركّز على العسكريين أكثر، “وتحدّثت معه عن رأيي برئيس الجمهورية بكلّ صراحة، لكنّه لم يُعلّق”، حسب ما تقول.

ولا تخفي تيما فرحتها بتضامن المواطنين معها، معتبرة أنّ الثورة المرتبطة بها فكرياً ووجدانياً لم تتوقّف أبداً ولم تتخلّ عن مبادئها أبداً. وتقول: “بعد فقداننا الثقة والإيمان بمؤسسات الدّولة التي ينخرها الفساد مع رصد آراء النّاس التي لا تزال تعكّر صفو البلاد بمساندة زعيمها، بتنا في حالة من الإحباط، لكن لم نفقد الأمل”.

مفهوم المحكمة قانونياً

يُجيب المحامي نهاد سلمى عن تساؤل تيما، مؤكّداً أنّ المحكمة العسكرية هي استثنائية (مع أنّ دول العالم ألغت المحاكم الاستثنائية لكن لا تزال موجودة في لبنان)، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “بالنسبة الى مفهوم هذه المحكمة، فإنّ أيّ شيء يرتبط بالعسكر كأيّ إشكال قد يحدث، حالات شغب معيّنة، أو أيّ تعرّض للمؤسسة… كلّها اتهامات قد تدخل ضمن إطار عملها، ومع أنّنا طالبنا بإلغاء هذه المحكمة لأنّها استثنائية، ولكن قانونياً ووفق مفهوم هذه المحكمة، يتمّ استدعاؤها لأنّها تعرّضت للعسكريين بمنشور، أمّا المنطق والصحيح فهو ضرورة اللجوء إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في هذه الظروف أو الحالات”.

التوقيفات مستمرّة؟

يُشير أحد الثوار لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ بعض الثوار الطرابلسيين سيتوجهون إلى المحكمة العسكرية الشهر المقبل للتحقيق معهم بتهم التعرّض للعسكريين والآليات، وأبرزهم خالد الديك، ربيع الزين وغيرهما من الثوار، مطالباً بضرورة التركيز على هذه الجلسات التي “لا تتوقف مهما بلغت بساطة التهمة من جهة، كما عدم صحتها ودقتها من جهة ثانية، إذْ هل يُعقل أن يتعرّضوا للآليات التابعة للعسكر؟”، وفق ما يقول.

شارك المقال