الحريات تتراجع… والصحافيون بلا حماية

راما الجراح

في زمن استسهال ملاحقة الصحافيين وتوقيفهم، في زمن “بلطجة” أزلام السياسيين، في زمن التآمر على العاملين والعاملات في المجال الإعلامي، وفي زمن الحماية المشروطة بالتبعية السياسية لحزب معين، باتت الصحافة في بلادنا “بدّها حرية”.

الصحافيون في لبنان تعرضوا لأبشع أساليب القمع، منهم من تم استدعاؤه، ومنهم من تمت ملاحقتهم، وآخرون تم ضربهم رغم معرفة هويتهم الصحفية، والسبب الوحيد لأنهم يكتبون بحرية، ينقلون الصورة كما هي من دون فوتوشوب!

يقول رئيس تحرير موقع “الرأي” الإلكتروني الأستاذ سامر الحسيني لــ”لبنان الكبير” إن “حرية الصحافة في لبنان تعتبر الأفضل مقارنةً بالدول العربية ولكنها من سنوات قليلة وخصوصاً بعد العام ٢٠٠٥ بدأت بالتراجع وأصبحت الملاحقات تطال الكثير من الإعلاميين”، ويضيف “الضغوط التي يتعرض لها الصحافي اليوم لا تقتصر على الجهات الرسمية فقط بل إن الملاحقات بأغلبها تقوم بها جهات سياسية وحزبية”.

ويتابع: “اليوم إذا قررت كتابة موضوع عن منطقة معينة إذا لم يطابق سياسة هذه المنطقة لا بد أن أتعرض للاضطهاد والقمع وكُثر من الصحافيين الميدانيين تعرضوا للضرب نتيجة سياسة الوسيلة الإعلامية التي ينتمون إليها”.

ويروي لنا تجربته قائلاً: “عام ٢٠٠٩ ونتيجة الآراء السياسية تعرضت لملاحقة أمنية من قِبل ضابط في مخابرات الجيش وكوني كنت صحافياً في جريدة “السفير” كنت أتمتع بحصانة واستطاعت “السفير” توقيف الضابط عند حدّه وأجبرته على عدم التعرض لي”، ويؤكد أنه “إذا لم يكن للمراسل “سند” وأعني أن تكون المؤسسة التي يعمل بها تتمتع بالقوة الكافية لحمايته أو إذا صح التعبير ” يكون وراها حزب قوي” يكون من السهل اصطياده وملاحقته”.

ويرى الحسيني “أننا قادمون بظل الظروف التي نعيشها على واقع مأسوي أكثر تجاه حرية الصحافة والإعلام وخاصة في ظل غياب قوانين تحكي الإعلاميين”.

وتشير الإعلامية ومقدمة البرامج قمر صالح إلى أنها “عملت في المجال الصحفي بخبرة متواضعة اكتسبتها من سنوات دراستها في الجامعة، وترى أنه “في لبنان قلم الصحافي ليس حراً”، وتضيف: “الصحافي الحر مُعرض دائماً للتهديدات وانتهاكات لحقوق الإنسانية والمهنية كما أننا شهدنا موجه كبيرة من القمع في الفترة الماضية لصحافيين وناشطين بسبب إبداء رأيهم تجاه قضية معينة”.

وترى انه “من غير مقبول ببلد مثل لبنان يتغنى بالديموقراطية واحترام الحريات أن نصل إلى اغتيال الصحفيين بسبب كلماتهم الحُرّة من جبران تويني إلى محاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق وغيرهم”.

وتجد أن “لا مستقبل للصحافة في لبنان إذا استمرت بالمُضي في طريق المحسوبيات السياسية لأنها لن تفيد بلدنا بشيء، بل ستكون السبب في إيقاظ الفتنة دائما بين اللبنانين”، وتشير إلى انه لو حصل “انقلاب على الصحافة في لبنان من خلال إعادة هيكلة الخطوط والنقاط التي من واجب الصحافي الوقوف عندها وبالأخص أنها تعتبر السلطة الرابعة وهنا يحصل التغيير”.

ولفتت قمر إلى “الدور شبه المعدوم للصحافية المحجبة في لبنان والقمع الذي تتعرض له هذه الفئة واللواتي يتمتعن بالكفاءة والخبرة، وتعتبر هذه الفئة كبيرة وهناك فئة كبيرة من اللبنانيين ترغب برؤية محجبة على التلفاز وأن يكون لها دور في إيصال صوت الناس”.

وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة تترحم سارية جراح مُحررة في موقع “الكلمة دوت كوم” على أرواح جميع الصحافيين الذين قضّوا فداءً لكلمتهم الحُرّة وتعتبر أن” حرية الصحافة هي مقياس لحرية الشعب والصحافي هو همزة الوصل بين صُنّاع القرار وبين الشعب”.

وتضيف: “الصحافي ليس مكسر عصا” واليوم في لبنان تتغلغل الطائفية بين أحرف الإعلاميين ومقدمات نشرات وسائل الإعلام والحياد مفقود”.

وتناشد الجراح قائلةً: “في الآونة الأخيرة كَثُر قمع الحريات الصحفية ويجب على الحكومة إصدار قرارات تحمي الصحافيين وتعمل على تعزيز حرية الصحافة لأن السلام والأمان حق من حقوق الإنسان ويجب العمل على تحقيقه وحمايته لا انتهاكه”.

انحدر لبنان إلى المرتبة ١٠٢ من أصل ١٨٠ دولة في العام الماضي ضمن التصنيف السنوي الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة بعدما كان في المرتبة ٩٨ في السنوات السابقة، فإذا لم يتكاتف الصحافيون/ات لتنظيم هذا المجال والسعي إلى قيامة جديدة له من تحت رُكام الطائفية والمحسوبيات، لن يتبقى شيء من حرية الصحافة في لبنان!

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً