الإنفتاح العراقي… منافع ومخاوف

مروة علي
مروة علي

شهد العراق مؤخراً، منذ أن تولى مصطفى الكاظمي رئاسة مجلس الوزراء تحركات سياسية واسعة بهدف الإنفتاح السياسي والإقتصادي على العالم، بعد عزلة طويلة منذ حرب الخليج لم يتغير واقعها بعد تغيير النظام السياسي بل استمرت بموازاة انفتاح على من جانب واحد، مع جارته إيران، في جوانب عدة إقتصادية وأمنية منها.

بوادر الانفتاح بدأت منذ عامين بالمشاركة السعودية الضخمة في معرض بغداد الدولي، بعد قطيعة لإكثر من ربع قرن. نتج عن تلك المشاركة  تأسيس المجلس التنسيقي الذي مهد لإتفاقات عدة إقتصادية وإعلامية ورياضية وفتح منافذ حدودية بينهما والإتفاق على إنشاء منطقة إقتصادية حرة على الحدود.. لتأتي زيارة الكاظمي مؤخرا الى الرياض مثمرة العديد من الإتفاقات الإضافية لتعزيز التعاون المشترك.

كما قام الكاظمي بزيارة الى دولة الإمارات التي استقبلته بالترحيب. وأثمرت الزيارة مبدئياً عن تدشين خط جوي مباشر بين بغداد وابو ظبي، والإعلان عن التعاون بين البلدين في مجالات الإستثمار والطاقة والتجارة والخدمات والنقل.

وشهد العراق في الآونة الأخيرة زيارة شخصيات مهمة بابا الفاتيكان والرئيس الفرنسي، كما الإعلان مؤخراً عن قمة ثلاثية في بغداد بمشاركة مصر والأردن، ما أعاد تسليط الضوء من جديد على أهمية العراق التأريخية وتفعيل دوره مجددا في محيطه العربي.

يأتي هذا في وقت يعاني العراق أزمة إقتصادية مع انخفاض اسعار النفط (العماد الرئيسي للإقتصاد) وانهيار الدينار، وسط تقارير تحذر من كارثة إقتصادية مرتقبة، فضلاً عن فساد في كل اجهزة الدولة أدى الى هدر كبير للمال العام مع وعود سياسية كبيرة بالإصلاحات لم تنفذ أبدا.

لذا فان مبادرات إقتصادية إستثمارية دولية،  تُدخل رؤوس اموال ضخمة وتوفر فرص عمل، من شأنها اشاعة التفاؤل بإنفراجات تُخرج العراق من أزمته.

في المقابل تُقدر قيمة التبادلات التجارية بين العراق وإيران بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، في مجالات عديدة خصوصا المنتجات غير النفطية من الأسمنت والفولاذ والمواد الكهربائية والغذائية وصولاً إلى البتروكيمياويات، مقابل سوق عراقي شبه مشلول تجاه الصناعات المحلية مع تشجيع سياسي خفي على إبقاء العراق في حالة التبعية الإستهلاكية، فيظل سوقاً مفتوحة أمام إيران تربطها علاقات وطيدة بقوى نافذة في السياسة العراقية لها صوت فعال في البرلمان العراقي منذ 2003… وهذه القوى تشكك علنا عبر وسائل اعلامها بالتعاون مع السعودية والإمارات وتعتبره تعاونا غير مُجدٍ لا يحقق مصلحة العراق، كما وتسعى جاهدة لإفشال القمة مع مصر والأردن.

باختصار تكمن مصلحة إيران الكبرى، وهي تتخبط بأزمات موجعة على وقع العقوبات الإميركية، في ابقاء العراق في عزلته مخدراً بعيداً عن المجتمع الدولي، لتنفرد به ساحة خصبة سياسيا واقتصاديا وأمنيا.

لذا يتحتم على المعنيين بالانفتاح المتبادل، من العرب والعراقيين، العمل على تفويت الفرصة على طهران، بالحرص على تعاون جدي لتنفيذ الإتفاقات في ظل واقع إستثماري مريح يضمن تحقيق الأهداف المنشودة، أخذا بالاعتبار حقيقة سيطرة الميليشيات الموالية لطهران على مفاصل مهمة في الدولة، وهي تستخدم ابشع الطرق في الحصول على الخووات في آلية عمل المشاريع التنموية والإعمارية العراقية البحتة.. فكيف سيكون الأمر بالتعامل مع الشركات الإستثمارية السعودية والإمارتية فهل سيحقق ذلك المرجو منها  للإقتصاد العراقي، او إنها ستكون عبئاً إضافياً على العراق مع الصعوبة التنافسية مع السيطرة.

والأمل أن يكون الكاظمي قد تحسب لهذه النقطة المهمة وكيفية التعامل معها واقعياً قبل اقدامه على توقيع إتفاقات قد تضع الدولة العراقية في حرج مع التزامات عقدية مُرهقة ومآزق مستمرة تُضاف على حجم  مديونيتها وتضعف الإقتصاد العراقي بدلاً من إنعاشه لصعوبة تنفيذها.. والأمل أيضا بأن تكون هناك اصوات عالية حُرة في البرلمان العراقي تنزع عباءة المحاور في التعاملات الإقتصادية وتجعل مصلحة العراق وإقتصاده قبل مصالح اي جارة أخرى إيرانية كانت او حتى خليجية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً