هدم إهراءات المرفأ بين طمس الحقيقة وتهديد الأمن الغذائي

آية المصري
آية المصري

“لم يعد من داع للحفاظ على ما تبقى من إهراءات القمح في مرفأ بيروت” جملة أثارت غضب أهالي شهداء انفجار 4 آب، الذين اعتبروا أن هذا القرار سيقتل الشهداء مرتين ويمحو معالم جريمة العصر.

وبعد التصريحات الأخيرة لوزير الأشغال العامة علي حمية ووزير الاقتصاد أمين سلام يبدو أن قرار هدم الإهراءات بات واضحاً، بحيث سيتم إنشاء بديل منها وفي العديد من المناطق اللبنانية نظراً الى أهمية وجود هذه الاهراءات وضرورتها من جهة، ولتفادي الوقوع في أزمة تعوق الأمن الغذائي وتهدده من جهة أخرى. والنقطة الإضافية التي هي في صالح دولتنا الكريمة، إعراب الدولة الكويتية عن إستعدادها لتمويل إنشاء إهراءات جديدة في مرفأ بيروت بمبلغ قدره 40 مليون دولار.

من هنا جملة من التساؤلات تُطرح في هذا السياق، هل بات من الضروري هدم الإهراءات في مرفأ بيروت؟ وماذا عن الأمن الغذائي المهدد؟ وما رأي الجهات المعنية وتبريرها لهذا القرار؟ وماذا عن رأي أهالي الشهداء؟

لا نفع من بقاء الاهراءات

أكدت مصادر مطلعة في وزارة الاقتصاد والتجارة لموقع “لبنان الكبير”، أنه “من الناحية الهندسية والعلمية، وبعد الدراسات والمقاسات والتقارير اللازمة التي أجريت على مدار أشهر، توصلنا الى نتيجة أن لا نفع من بقاء الاهراءات في مرفأ بيروت. ونعاود التأكد من التقارير مجدداً ويفترض أن نتوصل الى النتيجة النهائية خلال الأسبوع المقبل. وهذه الإهراءات تملك أساساً هندسياً وثباتها قائم على الأعمدة في الأرض وعملية الثبات عمودية، وبالتالي لا يمكنها تحمل أي حركة أو ثقل جديد بسبب الـ Piles (المواسير) التي لم تعد تساعدها على الثبات بشكل جيد”.

وأشارت المصادر الى أن “الضربة بعد إنفجار مرفأ بيروت جاءت جانبية وبذلك تحطمت الأساسات ولم تعد هذه الاهراءات موجودة لهدفها المرجو منه خاصة بعد انهيار وتساقط معظمها، وما تبقى منها يميل وينحرف يومياً 2 ملم، وبالتالي ينبغي ألا ننتظره كي يقع ويسبب مشكلات جديدة، لأن سقوطه سيتسبب بهزة قوية في بيروت”.

وشددت على وجوب “البحث عن مكان آخر لإنشاء اهراءات، لكنه لن يكون الى جانب الاهراءات الحالية من حيث الموقع. ومن جهة الأمن الغذائي ليس لدينا مخزون وسنقع في أزمة انقطاع القمح، لذلك يجب انشاء اهراءات واعمارها في أسرع وقت ممكن وفي مختلف المناطق الى حين البت في قرار هدم اهراءات المرفأ، وبحسب الشركات ينتهي الاعمار خلال أشهر”.

الأمن الغذائي أساس

بدوره، لفت مصدر معني بموضوع الاهراءات في وزاة الأشغال العامة الى أن “الأمن الغذائي أساس لكل المناطق اللبنانية، وكرؤية إستراتيجية يجب أن يكون لدينا العديد من الاهراءات، لحماية الأمن الغذائي في حال تعرضنا لأي أزمة طارئة أو جديدة وبحيث نكون على أتم الاستعداد والتجهيز. والقانون يحكم دائماً عمل الوزير علي حمية وأي إستثمار خارج إطار الهبات يجب أن يتم عبر طريق المناقصات والمزايدات وفق دفتر شروط معيّن ووفقاً للقوانين المرعية الإجراء، وبالتالي موضوع الاهراءات أو غيره يتعلق بتطبيق القانون وبالالتزام به”.

نون: يريدون محو آثار الجريمة

وفي السياق، قال وليام نون، شقيق الشهيد جو نون: “موضوع الاهراءات بغض النظر عن رأي القضاء والقاضي، نحن نعتبر أنه يتطلب رأي كل الشعب، وكأهالي شهداء المرفأ نرفض بشكل قاطع مثل قرار هدمها، لأنهم بذلك يمحون معالم الجريمة، ونحن ضد هذا القرار حتى التوصل الى معرفة من قتل أهلنا. وفي أي بلد عند حدوث مثل هذه الجريمة لا تمحى المعالم، وما تبقى من آثارها يوضع في خانة الذكرى حتى لو بقيت ذكرى أليمة”.

أضاف: “يريدون التخلص من الاهراءات القديمة وانشاء بديل منها في مساحة أخرى داخل مرفأ بيروت، قمنا بتحرك الأسبوع الماضي وقلنا موقفنا وسنعيده: أي شركة تعهدات ستقصد المرفأ لغاية الهدم سنقف في وجهها وسنمنعها بالقوة، وعندما نريد القيام بأي تحرك لا نخاف من أحد. قلنا كل ما لدينا ونحن بانتظار ما ستقوم به الجهات المعنية، ومن المفترض بقاء تلك الاهراءات ذكرى من إنفجار 4 آب، وهذا ليس رأينا وحسب انما رأي الشعب اللبناني أيضاً”.

بين طمس معالم جريمة المرفأ والخوف من أزمة جديدة تهدد الشعب بأكمله، ضاع المواطن… وربما سيكون مصير هذه القضية كغيرها من القضايا العالقة في الأدراج لأهداف شخصية وسياسية. وفي حال لم ينصف القضاء شهداء 4 آب الذين أريقت دماؤهم بغير ذنب، فالعدالة السماوية آتية بلا ريب “وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين…”.

شارك المقال