المرّ… التاجر… وبينهما الجميل

مروان المهايني

اقتضت متاعب المهنة أن أكون قريباً من جميع الساسة والنواب اللبنانيين، الذين قصدوا دمشق لمتابعة نشاطاتهم إبان الحرب الأهلية والتواصل مع الجهات السورية المعنية بالشأن اللبناني.

ومع استطالة أمد تلك الحرب وتعدد زيارات أغلبهم وتحولها أحياناً إلى إقامات وما اقتضته من لقاءات واجتماعات ومساجلات، نشأت بيني وبين عدد كبير علاقات ود وصداقة استمرت مع من ظل حياً منهم حتى الآن، ومع الآخرين إلى أان توفوا وآخرهم المرحوم ميشال المر، الذي كان من أنشط وأفعل العاملين في الحقل السياسي اللبناني وعلى مدى سنوات طويلة، لعب خلالها أدواراً مشهودة في الانتخابات النيابية والرئاسية، كما كان ممولاً للعديد من الحملات والتنظيمات والنشاطات بحكم كونه رجل أعمال ومقاولاً ناجحاً في لبنان وخارجه.

وفي آخر سنوات الحرب تعرض الرجل لحالات من نقص السيولة دفعته إحداها إلى محاولة بيع عمارته، المشهورة بـ”برج المر” التي كانت ولاتزال عالعظم أي من دون استكمال. كما كانت بحكم موقعها تحت سيطرة حركة “أمل”.

وفوجئت بالمرحوم يسألني، ذات جلسة مسائية على تيراس الشيرتون، عن مدى معرفتي بالشيخ الإماراتي مهدي التاجر، وعما إذا كان بإمكاني التواصل معه لأنه الوحيد المؤهل لشراء برج المر، فهو الذي يملك عقارات وأراضي كثيرة في لبنان كان اشتراها من دون أن يراها، كما أنه كشيعي نافذ قادر على التعامل مع حركة “أمل”.

واستجابة لطلبه اتصلت بالشيخ مهدي وأحطته برغبة المر فطلب موافاته بمخططات البرج ومواصفاته، فأرسلت إليه، واتصل بي فيما بعد محدداً موعداً للقاء المر بباريس مشترطاً حضوري معه لأنه لا يعرفه شخصياً… وطرت مع المر إلى باريس وامتطيت معه… الرولزرويس… التي اقلتنا إلى قصر التاجر في الضواحي. والتقيا لساعة ونيف يتبايعان السعر المطلوب فيما تشاغلت عنهما بقراءة عناوين الكتب التراثية والتاريخية التي اكتظت بها مكتبة الشيخ.

لم يتفقا على ثمن البرج وغادرنا القصر، ونزلت معه من البرج الذي حلمنا به لو تمت الصفقة…

وبعد سنوات عرفت أن ما أفشل الصفقة زلة لسان من المر تناولت الرئيس أمين الجميل، الصديق والمحامي للشيخ الإماراتي الذي كانت له وساطة ناجعة لدى الرئيس حافظ الأسد لوصل ما انقطع بينه وبين الجميل، والتي أثمرت بعيداً عن الأعين ما سمي حينذاك اتفاق (فاروق) الشرع و(ايلي) سالم في أواخر عهد الرئيس اللبناني، وهي الوساطة السرية التي عرفتني بالتاجر ولها حديث آخر…

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً