الدولة المهترئة تضيّع إهراءات قمح في البقاع

محمد شمس الدين

صدمة. وزراء لبنان في زمن أزمة مالية تُصنّف من الأكبر في التاريخ، صدموا، عندما علموا أن هناك منشأة تابعة لوزارة الاقتصاد تستطيع تخزين 200 ألف طن من القمح. الخبر انتشر كالنار في الهشيم، ولم يسلم من مواقع التواصل، وقد علّق أحد الظرفاء على الموضوع بالقول: “الحمد لله ما عنا صواريخ نووية كانت الدولة ضيعتلها شي صاروخ”.

فما قصة هذه المنشأة؟ وماذا عن الانتاج المحلي؟

أشار المدير العام للحبوب والشمندر السكري جرجس برباري، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، الى أن “هناك صومعة قمح في بلدة تربل البقاعية، لكنها غير صالحة للتخزين، لأنها تعاني من تفسخ وتشققات، وبالتالي تدخلها الرطوبة، مما يفسد القمح فيها. وهي ليست جديدة فعمرها أكثر من 50 سنة، وكلفة إعادة تأهيلها كانت لا تتعدى الـ 100 ألف دولار، في زمن الـ 1500 ليرة، ولم يفكر أحد في تأهيلها، فكيف اليوم، ونحن لا نملك 100 ألف ليرة وليس دولارا؟، ولدى الدولة مبان ومنشآت عدة لا تستعملها، بل ربما لا تعرف فيها حتى، والأمر ليس غريبا على لبنان”.

من جهته، لفت رئيس بلدية تربل فادي خوري الى أن لا علم له بوجود هذه المنشأة، وقال: “كل ما أعرفه هو الدراسة التي صدرت عام 2014، التي أوصت ببناء اهراءات قمح في تربل، وقدمت وزارة الزراعة الأرض من أجل هذا الأمر، ورسمت الخرائط، ولكن لم يتم التنفيذ حتى اليوم”.

من ناحية أخرى، أشار خوري إلى وجود ألف طن من القمح في تربل محجوز عليها قضائيا منذ فترة طويلة، وهي تابعة لمطاحن لبنان الحديثة، مناشدا “البت بهذه القضية في أسرع وقت، كي تتم الافادة منها في ظل هذه الأزمة”.

أما رئيس تجمع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي، فاعتبر أن “الدولة تعامل القطاع الزراعي كأنه قطاع درجة ثانية، فلا تشجع المزارع عبر شراء القمح منه بالسعر المستورد من الخارج عينه، وذلك وحده يمكن أن يرفع الانتاج المحلي للقمح إلى 15%، أي حوالي 100 ألف طن، عدا عن أن المزارع لم يتسلم حتى اليوم أيا من الأموال التي أقرتها الدولة له عام 2015”.

وعن الوزارة المعنية، أي وزارة الاقتصاد، حاول موقع “لبنان الكبير” التواصل مع الوزير ومسؤولي الوزارة من دون جدوى، حتى أن مصادر الوزارة رفضت التعليق على الأمر بأي شكل كان.

أما لجهة مخازن القمح، فأوضح ترشيشي أن “هناك مخازن تابعة للدولة في بلدة تل عمارة، تحتاج إلى صيانة طفيفة ويمكنها استيعاب كميات من القمح”.

إهراءات ضائعة في دولة مهترئة ليست أمرا غريبا، بل هو من صلب هذا البلد، وربما يحمد اللبنانيون ربهم أن لبنان ليست لديه مواد نووية وإلا لكانت تسمية انفجار المرفأ “ليبانشيما” بدل “بيروتشيما”، أي تدمر البلد بأكمله.

شارك المقال