أين الإخبارات بحق رئيس الجمهورية وولي عهده وتياره؟

محمد شمس الدين

المباحث الجنائية. عندما تسمع بهذا الاسم تظن أن التحقيق هو في جريمة قتل أو اغتيال، ولا يخطر في بالك أبداً أنه تحقيق مع صحافي، ولكننا نعيش في زمن العهد الأقوى في تاريخ كوكب الأرض، بل العهد الأقوى في مجرة درب التبانة وبعض المجرات المجاورة، لذلك يجب علينا توقع أكثر من ذلك من “عهد جهنم”.

نفي بمثابة إخبار، هكذا نصّ بيان مكتب النفي في قصر بعبدا، نعم هو مكتب النفي وليس الاعلام، فقد أصدر هذا المكتب بيانات نفي أكثر من نشره نشاط الرئيس ميشال عون، ولكن بعيداً من النفي المستمر، الموضوع اليوم هو الإخبار من هذا المكتب الذي استدعي على أساسه رئيس تحرير موقع “لبنان الكبير” محمد نمر. فقد اتسم عهد “بي باسيل” بضرب حرية التعبير وترهيب الصحافة، بينما أوصل البلد بنفسه إلى جهنم، وكل مخالفاته وتجاوزاته وفساد تياره وولي عهده، لم يتحرك من أجلها قاضٍ واحد، بل حتى عندما تقدمت مجموعة بدعوى قضائية تطالب بالتثبت من أهلية الرئيس عون للحكم، أرهبتها قاضية البلاط غادة عون بدعوى التعرض لرئيس الجمهورية.

حسناً، إخبار عبر مكتب إعلامي، ولكن ماذا عن آلاف المقالات ومئات التقارير التي نُشرت عن صفقات وهدر وسوء إدارة يتحمل مسؤوليتها العهد والولي والتيار؟ ألا تُعتبر مقابلة جبران باسيل التي قال فيها إن صديقه أعاره طائرته الخاصة إخباراً؟ ألا يجب التحقيق في هوية هذا الصديق ومعرفة الخدمات التي يقدمها له الحاكم باسم عمه؟ لا بد من التذكير بأن رئيس وزراء بريطانيا اضطر للاجابة عن آلة صنع القهوة في مكتبه، وكيف دُفع ثمنها.

حسناً ماذا عن وزيرة السوبر طاقة والأرقام باستملاكات معمل سلعاتا؟ ألا يعد خبر كهذا إخباراً؟ ماذا عن خرقها للقوانين عبر عملها كمستشارة للوزارة وفي الوقت نفسه موظفة لدى شركة متعاقدة معها؟ ألا يعد هذا إخباراً؟ ألا يجب أن تساءل اليوم بعد وعدها الشعب اللبناني بأن المحروقات لن تنقطع؟

ماذا عن داني خوري وأوسكار يمين والتلزيمات التي يتلقيانها؟ هل هناك من يدرس المناقصات؟ هل هناك مناقصات أصلاً أم هي تنفيعات برتقالية؟

ماذا عن سد المسيلحة الفاشل؟ ألا يجب أن يكون إخباراً، بعدما كلف الدولة أموالاً طائلة والمياه بالكاد تصمد فيه أسبوعاً؟

وبالطبع يجب ألا ننسى وزارة الطاقة والفساد والفشل فيها، من صفقات شركات مقدمي الخدمات، إلى التلزيمات بالتراضي عبر صفقات مشبوهة، إلى اختلاف كلفة التخابر بين منطقة ومنطقة، علماً أن التخابر يحصل على الخط الأرضي الثابت، إلى صفقات البواخر والفيول، إلى إلى إلى… ملف الطاقة وحده يحتاج إلى عشرات المقالات لتعداد المخالفات والفساد، ولكن أمراً بارزاً جداً حصل إثر انفجار مرفأ بيروت، عندما قدمت شركة “سيمنز” الألمانية توربينين مجاناً إلى الدولة اللبنانية، يمكنهما تغذية 65000 مواطن بالكهرباء لمدة سنة، والهدف كان تغذية المناطق المتضررة من الانفجار، ولكن وزارة الطاقة رفضت وقتها، وطالبت “سيمنز” بقطع غيار للمعامل الموجودة.

تجدر الاشارة الى أن الصهر المدلل في اليوم الثاني على انفجار مرفأ بيروت، كان يشتري عقارات وكأن لا كارثة شبه نووية حصلت وسقط فيها عشرات الشهداء، وسببها فساد غلامه بدري ضاهر، الذي بحسب قانون الجمارك كان بإمكانه تلف المواد الخطرة من دون الحاجة إلى أي مرجعية قضائية أو سياسية.

أما فخامته، فهو “بي التعطيل” أيضاً، من التعيينات القضائية إلى مراسيم ناجحي الخدمة المدنية، ومؤخراً رده قانون المنافسة الذي يمنع الاحتكار، فضلاً عن عشرات القوانين النائمة في أدراج قصر بعبدا. وبالتأكيد اشتهر فخامته بعرقلة تشكيل الحكومات كرمى لعيون الصهر، ألا يجب أن يكون هذا التعطيل الممنهج إخباراً؟ هل هذا رئيس جمهورية أو مفوض سام حاكم بأمره؟

مقال واحد لا يكفي لتعداد تجاوزات “عهد جهنم” وفساده، وقد نحتاج إلى خوادم مثل خوادم شركة “غوغل” العملاقة، لنحفّظ عليها الوثائق والمناشير عن هذا العهد، وهي تحتاج إلى إخبارات بالجملة، ولكنه، بعد كل لهيب جهنمه ودمار لبنان، يستدعي الصحافيين الذين ينطقون بالحقيقة! فعلاً وصلنا إلى الدرك الأسفل مع هذا العهد.

شارك المقال