السلطة الرابعة تتصدى… لـ “والي جهنم”

آية المصري
آية المصري

عهد أقل ما يُقال عنه عهد اللاكرامة. عهد لم يسبق أن مرّ مثله على اللبنانيين. عهد جعل شعبه يموت من الجوع ويعيش الذل يومياً أمام محطات الوقود وأبواب المستشفيات. عهد الكيدية والنفاق الذي لم يتوقف يوماً عن ممارسة سلطته في قمع السلطة الرابعة. لكننا لا نستغرب ما نعيشه اليوم، فهذا عهد الجنرال ميشال عون الذي تخلى ذات يوم عن اللبنانيين هارباً بـ”بيجامته”، عون المحب للكرسي وللقب فخامة الرئيس، الذي تنازل عن كل معتقداته ليتحالف مع محور الممانعة ولينصب نفسه والياً على لبنان.

لكن هذا الوالي تناسى أن لبنان بلد الحريات، وليس ايران أو سوريا. وتناسى أن الاعلام لا يهاب الحقيقة مهما كلف الأمر، وأن حرية الرأي والتعبير لا تقدر بثمن ولا تباع ولا تُشترى، وأن السلطة سيف ذو حدين ولن تقبل بممارساته وتجاوزاته الدستورية. ولأنه يعشق العظمة والتباهي أوصلنا الى الخراب والى جهنم التي وعدنا بها، وجاء صهره المدلل “غرندايزر العرب” جبران باسيل ليتحكم بكل مفاصل الحياة اليومية ويملي القرارات ويمرر القوانين التي تخدم مصلحته الشخصية، كيف لا وهو يعتبر نفسه خليفة “والي جهنم”.

عهدٌ لا مثيل له، ولم يكن أبداً في الحسبان، والمشكلة أننا نعرف متى بدأ لكننا لا نعلم متى ينتهي. عهد منشغل بضرب آخر ما تبقى من لبنان، وبفبركة أخبار لا تمت الى الواقع بصلة. وأمام كل ما يمر به البلد من أحداث، يستمر بالهيمنة على كل السلطات من تنفيذية وتشريعية وقضائية، اما السلطة الرابعة فتقف متصدية له ولفساده مع العلم أنه يستخدم كل الوسائل لكمّ الأفواه، وآخرها الإخبار المقدم بحق رئيس تحرير موقع “لبنان الكبير” الزميل محمد نمر، مطالباً اياه بالمثول أمام المباحث الجنائية، فهل ما قام به نمر يمس الأمن القومي في البلد؟ أو قام بعملية تطبيع مع إسرائيل؟ أو نهب المال العام؟ أو نقل مقاتلي “داعش” بسلام الى ديارهم وبباصات مكيفة؟

في هذا السياق، توالت ردود الفعل التضامنية الاعلامية والسياسية مع الزميل نمر، فرأى وزير الاعلام السابق جمال الجراح أن “الصحافي محمد نمر تجرأ على كشف ما يدور في القصر الجمهوري من تركيبات وقضايا تضرّ بالمصلحة الوطنية والعمل الانتخابي، عبر ممارسة الابتزاز تجاه بعض الناس ورؤساء مجالس إدارة المصارف، تماماً كما فعلوا ويفعلون مع حاكم مصرف لبنان مستخدمين القضاء وتحديداً القضاء العوني، وهذا النمط سيستمر حتى نهاية هذا العهد الذي نأمل أن تكون قريبة وألا يدفع البلد أثماناً أكثر جرّاء تصرفات ميشال عون”.

وأكد رئيس تحرير موقع “الكلمة أونلاين” سيمون أبو فاضل أن “ما يحصل اليوم هو تعدٍ على الزميل محمد نمر من قبل الدولة وأجهزتها، وهو تعدٍ على مواطن وصحافي، فالتركيبة السياسية تريد إعلاميين تابعين وخاضعين لها صامتين عن ممارساتها وأخطائها التي أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم”.

من جهته، رأى الاعلامي يزبك وهبة أن “السلطة الرابعة باتت تواجه اليوم ضغوطاً عدة، ويجب أن تكون مساحة حرية الرأي والتعبير أوسع، وهذه الحرية يجب أن تكون مسؤولة، كما ينبغي أن يتحلى المسؤولون برحابة الصدر طالما أنه لا يوجد إستهداف مباشر لهم وأن لا يتجهوا سريعاً الى تقديم الشكاوى”.

ودعا الاعلامي فيليب أبو زيد الى التضامن مع الزميل نمر، مؤكداً أن “من حق الاعلاميين الطبيعي الوصول الى المعلومات، وفي حال وصول أي معلومة بشكل عام ونشرها وتبيان أن هناك أي خطأ يتم نشر توضيح متعلق بها. وانطلاقاً من رأيي الشخصي اذا كانت تلك المعلومة تهدد الأمن القومي فيجب على القضاء التدخل والتحقق من الموضوع، أما ما نشر في موقع لبنان الكبيرفلا يهدد الأمن القومي ولا يمس به”.

واعتبرت الاعلامية لينا دوغان أن “القصة باتت قمعاً للحريات وللكلمة والرأي”، قائلة: “نحن مع الزميل محمد نمر، ومع الكلمة الحرة، وما حدث معه لم يعد يقتصر عليه، بل يطال الاعلام وأي صحافي وأي مدوّن عموماً في هذا العهد”.

كما تضامن رئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين مع نمر في مواجهة “هذه النزعة المتزايدة السلطوية من قبل أقطاب المنظومة”، معتبراً أن “نمر من المتصدين لهذه المنظومة، وموقع رئاسة الجمهورية موقع مسؤول ويتحمل المسؤولية حيال ما يجري في البلد وعليه ألا يتصدى للاعلام الحر”. وقال: “الاعلام من واجبه أن يقول رأيه وموقفه ازاء هذا السلوك السياسي للمنظومة وعلى رأسها رئيس الجمهورية ميشال عون، ونعتبر أن الإخبار الذي صدر بحق نمر محاولة لارهاب كل صوت حر”.

233 يوماً على انتهاء عهد عون، وربما سيكون يوم المغادرة من أكثر الأمنيات التي بات معظم الشعب يتمناها، 233 أملاً بالفرج القريب…

شارك المقال