أيام بيروت المجيدة

مروان سلام
مروان سلام

يوم وقفت بيروت مع المقاومة، لأنها مدينة مقاومة تعرف طعمها ويفتخر أهلها بأنهم أذاقوا بالغالي والنفيس العدو الصهيوني الغاشم طعم الذل والهوان، فدب فيه الرعب والذعر والخوف من شبابنا الأبطال، فانسحب هاتفاً بمكبرات الصوت: “يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار إننا منسحبون”… هذا ما يسمونه يومأ مجيداً وليس غير ذلك.

يوم أوقفت بيروت تقدم أرتال العدو ثلاثة أيام على أبوابها، مع صواريخه وطيرانه ونيرانه… هذا ما يسمونه يوماً عظيماً لا تقل عظمته عن “يوم العبور” وليس غير ذلك… يوم مجيد يُحفر على صفحات التاريخ بأحرف مضيئة لا تبهت ولا تنطفئ على مر أجيالنا.

أعتى جيش في العالم دمر بآلته الفتاكة الحجر في مدينتنا ولكنه لم يقتل فينا الإرادة والإيمان. خرج مذلولاً مدحوراً على عاقبته بعد أن لقنته بيروت، أصغر وأول مدينة عربية دخلها واحتلها بعد القدس، درساً لم ولن ينسَه في تاريخ الكيان الصهيوني.

وحين أرادت بيروت توحيد الكلمة والبندقية باتجاه التحرير، خرج من يستأثر بها ويستحوذ على قرارها بالسلاح وبالقوة، وبات “تحرير” العاصمة من ناسها ومعالمها وتاريخها وأمجادها وشبابها أولى من كل حروب الشرف ضد العدو.

نعم 7 أيار كان درساً علّمنا كيف نترحم على الدولة، بعدما انضوت داخله دويلة لا بل دويلات… نترحم على الشرعية التي حلت محلها شريعة الغاب والفلتان والفوضى، تحت مسميات وشعارات خفاقة براقة خلفها استراتجيات وخطط ليس لـ”فرسنة” لبنان وعاصمته وحسب بل لـ”فرسنة” الهلال كاملاً.

7 أيار كان درساً علّمنا أهمية التمسك بمفهوم الدولة ومؤسساتها، وأن لا نتخلى عن جيشنا بل ندافع عنه بلساننا وقلبنا… وهذا أضعف الإيمان.

البغض لا يولد الأمجاد بل يولد الأحقاد… و7 أيار أفرز لنا وللتاريخ دروساً وعبراً علّمتنا ألا نُلدغ من الجحر نفسه بعد الآن… بينما “هم” ذاقوا طعم الندامة وفقدوا كل الدعم والالتفاف من أهلنا ليخسروا بذلك نشوة الانتصارات التي تحولت إلى انتصارات وهمية سياسية يغلبها الكر والفر، بحسب المقتضيات والمصالح.

ليكن 7 أيار درساً لنا جميعنا، نحن اللبنانيين، نشد عضد بعضنا البعض بعيداً عن الكراهية والبغض، ونشد رحالنا نحو الدولة فقط ووجهتها، فلا نستقوي على بعضنا البعض استقواء الشماتين… استقواء سيولد حتماً الهزيمة يوماً ما.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً