أوكرانيا والعبرة من إيونيا: أين ينتهي الهجوم؟

حسناء بو حرفوش

لن يتوقف هذا الهجوم مع أوكرانيا حسب ما حذرت قراءة في موقع “سبكتايتور” الأميركي، تشبه ما يحصل حالياً بالغزو الفارسي لليونان واستعادة إيونيا. ووفقاً للمقال، “في العام 494 قبل الميلاد، كانت منطقة إيونيا مهددة من قبل الفرس الذين لم يتمكنوا من تقبل أنها كانت منطقة يسكنها اليونانيون، أو أن سكانها يعتنقون ديناً ويمتلكون ثقافة مختلفة. علاوة على ذلك، كانت إيونيا موجودة تماماً في المكان الذي أرادوها فيه. وتجدر الاشارة إلى التشابه المخيف بين هذه الحلقة التاريخية وتمسك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعادة إحياء الاتحاد السوفياتي في العام 2022.

وفي مواجهة الغزو الفارسي الوشيك، سعت إيونيا الى طلب المساعدة والتعاون من المدن اليونانية الأخرى، على أمل أن تكتسب على الأقل القدرة على الدفاع عن نفسها بمجرد بدء الحرب. لكن الرد أتى فاتراً مثل بيروقراطية بروكسل: لم يرغب جزء كبير من المدن اليونانية في مواجهة قوة خطيرة في ذلك الزمن، مثل بلاد فارس، حتى أن مجموعة كبيرة من المثقفين أعجبت علناً بالشكل الفارسي الاستبدادي للحكومة، أما ما بقي من صنّاع القرار اليونانيين فاختاروا الصمت والنظر في الاتجاه المعاكس. بالطبع، كانت هناك تصريحات منمّقة من الاغريق لدعم إيونيا، ولا شك في أنها مؤثرة للغاية وشاعرية، ولكن فاعليتها لم تتجاوز ذلك، أباد الفرس الأيونيين ودمروا المدن بينما كرّس الاغريق أنفسهم، للسياحة التي اعتقدوا أن الآثارستجلبها خلال القرن العشرين.

ولكن، نظراً الى إدراك الفرس ضعف اليونان وانقسامها، لم يكونوا راضين عن إيونيا، وبعد فترة وجيزة، وتحت قيادة الملك داريوس، هاجمت بلاد فارس اليونان، وبدأت سلسلة حروب دامية لا نهاية لها. بطبيعة الحال، ارتبطت الذريعة الفارسية بالحجة المتوقعة: دعمت أثينا إيونيا في الصراع. ويذكر خطاب زيلينسكي بالتصفيق العالي والعاطفي، لكن الذي لم يصحبه أي شيء آخر. ويشبه الخوف من الصراع النووي إلى حد ما الخوف الذي تملك اليونانيين من شن حرب ضد الفرس الأقوياء. وفي الواقع، فضل هؤلاء تسليم إيونيا بدلاً من الوقوع في المشكلات. لكن الحقيقة هي أن العار لحق بهم وتعرضوا بدورهم للحرب. ويطرح السؤال لأولئك الذين يلعبون اليوم الورقة النووية المناهضة للحرب: ما الذي يجعلكم تعتقدون أن النظر في الاتجاه الآخر بينما يغزو بوتين الأوكرانيين سوف يجنّب الغرب الحرب النووية؟

بالعودة إلى التاريخ، يلاحظ على جانبي الطيف السياسي إنكاراً للأدلة. حتى أن قدراً كبيراً من المحافظين يصر على أنه، على الرغم من أن مقتل الأوكرانيين غير عادل، إلا أن خطر نشوب صراع نووي شامل يبقى مرتفعاً للغاية. أليس من البغيض تقدير حق الناس في العيش على أساس المخاطر وتحديداً من جانب الذين يلتزمون أخلاقياً بالدفاع عنهم؟ فلنعد مرة أخرى، لإيونيا وأثينا. لم يرغب الاغريق في المخاطرة. لقد باعوا إيونيا لمدة عشر دقائق أخرى من السلام المزيف. يجب أن يقف الغرب مع زيلينسكي في ساحة المعركة. هناك العديد من الطرق للقيام بذلك مع تقليل مخاطر الحرب النووية. لقد حان وقت الذكاء والقيادة والموهبة. لا يزال هناك مليون حل ممكن لمساعدة الأوكرانيين، وربما أول الحلول عدم البث المباشر لكل عملية سرية تنفذ، بما في ذلك تسليم الأسلحة أو الطائرات. فقد تم إحباط تسليم الطائرات البولندية إلى أوكرانيا من قبل بينما كان من المفترض أن تنم العملية بسرية، لكن رغبة بوريل في الظهور في مؤتمر صحفي ليروي القصة ويسجل نقطة أو نقطتين أتت أقوى من كل الحسابات. لقد أخطأ في العملية.

وهناك بالتأكيد الكثير مما يجب أن نتعلمه من كل هذا والكثير من الدروس التي يمكن انتهاجها من إيونيا، ولعل أهمها أن الهجوم الحالي لن يتوقف عند حدود أوكرانيا.”

شارك المقال