زيارة لودريان تدفن المبادرة الفرنسية

ليندا مشلب
ليندا مشلب

فوجىء المسؤولون في لبنان من أداء وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان عند فتح الملف الحكومي وكأنه اتخذ قرارا مسبقا بتجاهله، اذ كان يجيب: “لا اريد التحدث بالحكومة وهذا شأن داخلي ولا يعنينا بل يعنيكم انتم ونحن قدمنا كل التسهيلات التي نقدر عليها وانتهى الكلام”.

مصدر رفيع المستوى تابع عن كثب اجواء اللقاءات التي عقدها المسؤول الفرنسي قال لـ”لبنان الكبير”: “واضح ان فرنسا اتخذت قرارا بعدم التدخل بملف تشكيل الحكومة، في المقابل لا تريد أن تنعي مبادرتها القائمة على تأليف حكومة مهمة كممر الزامي لبدء الإنقاذ وتنفيذ الإصلاحات فماذا بقي من المبادرة؟”.

ردد لودريان على مسمع من التقاهم كلاما مفاده ان فرنسا وفت بوعودها واحترمت التزاماتها، لكن الطبقة السياسية لم تف بالتزاماتها، لذلك هناك اجراءات ستتخذ في المرحلة المقبلة مع احتفاظ بلاده بحق الإعلان او عدمه عن توقيتها وهوية من ستطال من الشخصيات اللبنانية، التي ترى فرنسا ان مسؤولية ما تقع على عاتقها في عرقلة تشكيل الحكومة وتنفيذ المبادرة الفرنسية. كما نبه من ان هذه الإجراءات تصاعدية.

الكل تسلم هذه الرسالة الواضحة واطمأن في جانب ما الى ان فرنسا لم تسحب مبادرتها بعد، بل على العكس أكدت التمسك بها، واستمرار التزامها ما بدأته من مساعدات اجتماعية وتقنية في إعادة اعمار بيروت والنشاطات الثقافية والتربوية، التي تشرف عليها وتمولها. من هنا برزت الزيارات التي قام بها واللقاءات التي عقدها محاولا فصل الشق السياسي والديبلوماسي في مهمته السريعة عن الدور الراعي و”الحنون” للفرنسين تجاه الشعب اللبناني.

وصف المصدر الزيارة بأنها “تبرئة ذمة” وليس انسحاب لان لبنان بموقعه وتداخلاته يخشى كل طرف إقليمي او دولي من تركه لئلا يقع في حضن الاخر. لكن فعليا هذه المبادرة انتهت ولم يبق من ركائزها الأساسية شيء يبنى عليه.

ورأى المصدر ان المقصود بهذه الزيارة ليس فقط الشعب اللبناني انما الداخل الفرنسي أيضا، الذي يسأل عن فشل الديبلوماسية الخارجية في حل الازمة اللبنانية باعتبار ان ورقة كهذه اذا نجحت فيها باريس فحتما ستصرف في بورصة السياسة الداخلية والانتخابات التي اصبحت على عتبتها. من هنا قررت باريس ان تعدل في مبادرتها او وتكيفها على ضوء المستجدات، فعادت الى المجتمع المدني لتخاطب الشباب وحركات التغيير التي نشأت بوجه الطبقة السياسية والفساد، والا لماذا يختار لودريان عشر شخصيات لا دور لهم ولا ثقل في المعادلة وليسوا من صنّاع القرار. فباريس تعلم جيدا ان الحل السياسي ليس بيد المجتمع المدني والـNGOs وهذا يعني انها انتقلت الى مرحلة اليأس، فقفزت الى عملية التحضير للانتخابات البرلمانية لعلها تنتج طبقة سياسية جديدة.

وكشف المصدر أن لودريان قال في احد لقاءاته: عندما تشكلون حكومة اتصلوا بنا.

وخلص المصدر الى ان الزيارة “لا شك مهمة “لكن الحدث في مكان اخر فلننظر أقرب باتجاه الإقليم. هناك تفاهمات جديدة في المنطقة “عم تركب” على خط السعودية ايران وسوريا. بالسياسة لا عدو دائما ولا حليف دائما. وفي زمن التسويات الكبرى الصغار ينتظرون مصيرهم.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً