الانتخابات على كف عفريت… والبلد في مهب الريح

هيام طوق
هيام طوق

بضربة نيابية سقط قانون “الكابيتال كونترول”، وبضربة قانون “جهنم كونترول” أمسكت السلطة الحاكمة برقاب العباد، وحاصرتهم بنيرانها الحارقة من كل الجوانب، وبجلسة تشريعية عقدت أمس، وليس مستبعداً أن تكون الأخيرة والوداعية قبل موعد اجراء الانتخابات في 15 أيار المقبل، شرّعت قوانين العيش الرغيد لأن في الختام مسكاً، وعلى وقع المناكفات والسجالات والتراشقات ستعقد جلسة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري اليوم وعلى جدول أعمالها بند وحيد: إقرار قانون “soul control” أو السيطرة على النفوس.

وعلى وقع الهبات الباردة والهبات الساخنة، يجري التحضير للانتخابات النيابية في أجواء غامضة وملبدة بالتناقضات، اذ أن الاجراءات اللوجيستية لوزارة الداخلية والبلديات قائمة على قدم وساق، وطبول المعارك الانتخابية تقرع في كل الدوائر على بعد أيام قليلة من حسم تركيب اللوائح، إلا أن القوى السياسية بمعظمها لا تسقط من حساباتها احتمال تأجيل الانتخابات أو تطييرها، وهذا ما يتم تداوله في الجلسات المغلقة الخاصة لدى كل الأطراف، وما نلاحظه من حركة خجولة وبطيئة للماكينات الانتخابية، وفرملة صرف الأموال على الحملات الانتخابية الذي بدا جلياً من خلال قلة صور المرشحين المنتشرة على الطرقات والتي كانت أعدادها أكثر بكثير في انتخابات 2018  عما هي عليه اليوم، وفق ما أكد مصدر مراقب للعملية الانتخابية لموقع “لبنان الكبير”.

وبين من يقول إن الانتخابات قائمة في موعدها حتماً الا اذا طرأ حادث أمني كبير وخطير جداً، وبين من يعتبر أن الانتخابات مهددة لألف سبب وسبب ومنها الأزمات المعيشية الخانقة وارتفاع أسعار المحروقات واختفاء الادوية من الصيدليات مما سيخلق فوضى اجتماعية لا يمكن توقع تداعياتها، يبدو أن الاستحقاق الدستوري أمام احتمالين متساويين: الاجراء أو التأجيل اللذان تعادلا في كفتي الميزان الانتخابي، ويبقى أمام الخيارين قرابة 45 يوماً لتحديد مصير الانتخابات.

ووفق ما يلفت مصدر متابع لـ “لبنان الكبير” فان “الانتخابات المقبلة كما تبدو الصورة حتى اليوم لن تحدث التغيير المنشود، وهذا ما اقتنع به الجميع في الداخل حتى الدول التي لا تزال تشدد على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها أصبحت الرؤية أمامها أكثر وضوحاً، وباتت على قناعة بأن التغيير الجذري لن يتم عن طريق الانتخابات الا اذا حصلت مفاجأة كبرى على صعيد اللوائح التغييرية، وهذا أمر مستبعد”.

وفي ظل الاتهامات وتقاذف المسؤوليات في السعي الى تأجيل الانتخابات أو تطييرها، وأمام تعادل احتمالي الاجراء أو التأجيل، يبقى السؤال: ما هو السيناريو الذي ينتظر لبنان في حال جرت الانتخابات أو لم تجر؟  وهل المشهد سيكون سوداوياً إن تمت الانتخابات أو لم تتم في موعدها لأن المعركة الأساسية والحقيقية والأكثر خطورة ستكون على الانتخابات الرئاسية؟

يرى نائب رئيس “لقاء سيدة الجبل” بهجت سلامة أن ” الانتخابات النيابية تحصل اذا شعر حزب الله أن نتائجها ستكون لصالحه، واذا لم تحصل فيكون الحزب لا يريدها لأنه يرى أن النتائج ليست لصالحه”.

ويقول: “أنا لا أرى أن الانتخابات محطة تغييرية، لكنها ضرورة كونها استحقاقاً دستورياً يجب خوضه، بمعنى آخر المنطق يقول إن الانتخابات لن تغير أي شيء، وسيبقى البلد تحت احتلال الحزب. ونأمل أن يكون المراهنون على التغيير من خلال الانتخابات على حق ليشكلوا حالة جديدة في البرلمان، لكن العلم والمنطق يشيران الى أن لا تغيير في ظل احتلال البلد”.

ويضيف: “اذا فاز الحزب بالغالبية الساحقة، واستطاع تعديل الدستور، فحينها سيصبح المشهد سوداوياً، وسنرى ثورة سيادية سياسية وليس انتفاضة مطلبية، وسندخل في نفق مظلم لأن الاحتلال سيتحول من احتلال بقوة السلاح الى احتلال بواسطة الدستور. وبالتالي، عندما يعدّل الدستور يكون حكم البلد ليس عسكرياً وحسب، انما سياسي”.

من ناحيته، يشير الباحث السياسي والاقتصادي بلال علامة الى أن “الانتخابات المقبلة التي تأجلت مرتين كانت دائماً محط تشكيك بإمكان حصولها، وأهميتها أنها تأتي بعد انهيار كبير على مستوى تركيبة السلطة، ولأنها ستحمل مشهداً سياسياً جديداً يتوجب عليه انتاج رئيس جمهورية جديد”.

ويتابع: “هذا المشهد السياسي الجديد تكون فيه تركيبة الحكومة خاضعة لمعايير جديدة. هذه المعايير غير مضبوطة على ايقاع المنظومة السياسية ولا على ايقاع الدول التي ترعى فرقاء فيها. يليها مباشرة استحقاق انتخاب رئيس جمهورية. والسؤال هنا: كيف ستكون قواعد الانتخاب اذا كان المشهد السياسي مختلفاً؟. انطلاقاً من هذا التساؤل،  كل الأفرقاء في السلطة يتمنون ضمنياً ألا تحصل الانتخابات، ولكن لا يوجد طرف يستطيع تبني طرح التأجيل. لذلك، هم يعتمدون على مناورات ورهانات ربما تتعلق بالارتطام الكبير على المستويات كافة الذي سيشهده لبنان في الفترة الفاصلة من الآن وحتى تاريخ اجراء الانتخابات النيابية”.

ويعتبر أنه “في حال حصل هذا التدهور، فإن السلطة حكماً بما لديها من امكانات ستكون عاجزة كلياً عن اجراء الانتخابات، اذ ليست لديها لا امكانات مالية ولا لوجيستية ولا سياسية لضبط العملية الانتخابية، وستعمد الى التأجيل، وهذا هو الخيار الغالب. اذاً، السلطة التي من المفترض أنها معنية، ومشرفة مباشرة على العملية الانتخابية ليست لديها القدرة، وتعمد الى البحث عن مبررات أو اسباب أو عوامل موضوعية تحصل للدفع باتجاه تأجيل الانتخابات”، لافتاً الى أنه “كلما اقتربنا من تاريخ 15 أيار يصبح هذا الخيار أكثر مثولاً أمام أعيننا في وقت كل الأحزاب والقوى المسيطرة تستعد للانتخابات وكأنها قائمة، لكن رهانها على أنها لن تحصل”.

ويشير الى أنه “اذا لم تحصل الانتخابات فسيحصل التأجيل، واذا حصل التأجيل فسيتم تأجيل انتخاب رئيس للجمهورية وتبقى الحكومة قائمة، وهذا السيناريو الأخطر لأنه يمكن أن يودي بالبلد الى مكان غير محسوب سواء بإعادة النظر في الآليات الدستورية المتبعة أو لناحية فرض القوى القوية معادلة جديدة”.

شارك المقال