“حزب الله”… أكثرية معنوية تعكرها شريحة شيعية

هيام طوق
هيام طوق

ينقسم المشهد الانتخابي العام بين فريقين أساسيين: فريق “حزب الله” وحلفائه، وفريق معارض لسياسة الحزب، والتصريحات والمواقف “النارية” التي يطلقها الطرفان خير دليل.

صحيح أن الاحصاءات والمؤشرات تدل على أن الانتخابات المقبلة لن تقدم جديداً أو تغييراً ملموساً منشوداً في البرلمان الجديد إن كان لناحية الأكثرية أو لناحية أسماء المرشحين المحسومين، في ظل التشرذم وتعدد اللوائح في صفوف المجتمع المدني الذي كان يُعوّل عليه في إحداث خرق كبير يصل الى 40 نائباً على مستوى 15 دائرة انتخابية لو خاض المعركة بحرفية أكبر، وتمكن من توحيد صفوفه في اللوائح بعيداً من الأنانية التي حوّلت الثورة من “تسونامي” الى مستنقع غرقت المجموعات في وحوله، بحسب ما قال أحد متابعي الملف الانتخابي لموقع “لبنان الكبير”. والصحيح أيضاً أن المعركة الدستورية في 15 أيار المقبل مفتوحة على كل الاحتمالات، وصناديق الاقتراع وحدها تحسم النتائج بشكلها الدقيق، وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود لناحية الاحصاءات التي يشكك كثيرون بنتائجها.

منذ أيام، قال الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله: “الحصول على الثلثين في المجلس النيابي المستقبلي ليس هدف فريقنا السياسي، وهذا الهدف ليس واقعياً ومنطقياً. وما يقال بأن فريقنا السياسي يريد الحصول على الثلثين هو للتحريض”. إلا أن مصدراً معارضاً أشار لـ ” لبنان الكبير” الى أن سلوك الحزب السياسي والانتخابي يؤكد أنه يريد الحصول على الثلثين على الرغم من صعوبة الأمر، ويحاول بكل الطرق لم شمل الحلفاء ومساندة بعضهم حيث أمكن، كما أنه يعتبر المعركة “مصيرية” وتحتاج الى كل صوت، وهذا ما يتم التركيز عليه مع الكوادر. من هنا، يمكن القول إن “حزب الله” ليس مرتاحاً الى وضع حلفائه المتدهور في كل الدوائر، كما إنه يتخوف من الشريحة الشيعية التي ستلتزم المقاطعة أو عدم التصويت بعد الضائقة المالية والمعيشية التي تطال الشعب اللبناني بأكمله، وهذا يشكل هاجساً لديه، وبالتالي، ربما لا تجري رياح الانتخابات كما تشتهيها سفن الحزب الذي يتخوف من فقدان الأكثرية.

وشدد المصدر على أن الحزب في حال فاز بالأكثرية ، فسيسيطر شرعياً ودستورياً من خلال إقرار قوانين تنفذ أجندته السياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية المليئة بالاستحقاقات، وسيكون البلد حينها في مهب الريح وأمام تصعيد خطير أو ارتطام كبير، لافتاً الى سعي الحزب الدؤوب الى دعم حلفائه في مختلف الدوائر، ومحاولة تحقيق الاختراق في البيئتين السنية والدرزية لمصلحة الحلفاء إن كان في بيروت وطرابلس والشوف وعاليه والبقاع الغربي وغيرها من المناطق لاكتساب أكثرية نيابية متنوعة.

وبمعزل عن تحليلات المحللين التي ينذر بعضها بالأسوأ فيما البعض الآخر يتحدث عن بعض التفاؤل في مرحلة التسويات الكبرى، يبقى أن نسأل: هل الحزب مرتاح الى فوزه بالأكثرية النيابية كما يتم الترويج له أو أن الأمر مبالغ فيه؟ وفي حال فاز بالأكثرية، ما الذي يمكن أن يحققه مستقبلاً ولم يحققه سابقاً خاصة وأن الغالبية النيابية معه منذ العام 2018؟ وكيف سيتعاطى المجتمع الدولي حينها مع لبنان الموعود بالمساعدات؟

لفت الكاتب السياسي حسن الدر الى أن “حزب الله يسعى مع حلفائه الى تحقيق الأكثرية، وكل القوى السياسية تسعى الى ذلك، لكن الحصول على الثلثين مستبعد جداً، وليس هدفاً لأنه ليس واقعياً، واثارة هذه النقطة تهدف الى تسويق فكرة هيمنة الحزب على الدولة. الحزب مرتاح الى وضعه كحزب ويمكنه مساندة حلفائه في بعض الدوائر لكن تحقيق الأكثرية ليس محسوماً. والكلام عن الارتياح في تحقيق الأكثرية يهدف الى خلق حالة من الاسترخاء لدى الناخبين والاطمئنان الى النتائج ما يكبح حماسهم للمشاركة في الانتخابات”. وقال: “أمامنا شهر قبل الانتخابات، والكثير من التغيير يحصل خلال هذه المدة، حسب عمل الماكينات الانتخابية والمال الانتخابي وغيرها من العوامل المؤثرة، ولا أحد يمكنه حسم النتائج منذ الآن”.

أضاف: “لبنان لا يحكم وفق الصيغة الحالية بأكثرية وأقلية، انما في حال فاز الحزب وحلفاؤه بالأكثرية فهذه نقطة معنوية بعد الحملات التي حاولت تصوير الحزب بأنه غريب عن مجتمعه ومنبوذ داخل النسيج اللبناني. ومعلوم أن حزب الله سيحصل على أعلى نسب في الأصوات التفضيلية، وهذه رسالة الى الداخل والخارج بأنه منتخب شرعياً ومباشرة من الناس، ويثبت أنه مكون أساس في النسيج اللبناني، وأنه ابن بيئته وليس ايرانياً كما يتهمه خصومه”.

ورأى أن “كل البيئات ستشهد تراجعاً في نسب الاقتراع لكن التراجع لدى الثنائي الشيعي سيكون بنسب أقل من الطوائف الأخرى. انه واقع عام في كل لبنان نتيجة الوضع الاقتصادي والانهيار”.

وأوضح أن “المجتمع الدولي ينادي بالديموقراطية، والشعب اللبناني اختار هذه الفئة، وبالتالي، عليه أن يقرر ويتعامل مع الطرف الرابح بديموقراطية”، معتبراً أن “الغرب بعدما لاحظ فشل مجموعات الثورة وجد أن التعاطي مع الأحزاب أفضل”.

وأكد الدر أنه “لو أراد الثنائي الشيعي تعديل الدستور لصالحه لكان فعل ذلك عندما عرض عليه الفرنسي المثالثة مقابل سلاح المقاومة، كما أعاد الرئيس الفرنسي هذا الطرح خلال زيارته الى بيروت. الثنائي منفتح على النقاش في التعديل الدستوري تحت سقف الطّائف بما يضمن انتظام عمل المؤسسات والافادة من تجربة الطائف منذ العام ١٩٩٢ لسدّ الثغرات وتصحيح المسارات القانونية والدستورية”.

من جهتها، رأت الناشطة السياسية نوال معوشي أن “الحزب ليس مرتاحاً الى وضعه كما في السابق، لكنه جيد لأن لديه كل الامكانات وأدوات الضغط على الناخبين”، مشددة على أن “معركتنا في تقديم البديل أي الدولة التي تؤمن لكل اللبنانيين حقوقهم وحياة لائقة وكريمة”.

واعتبرت أن “الوضع في الطائفة الشيعية تغيّر بحيث أن هناك شريحة تحررت وتقول في العلن إنها لن تصوّت لصالح الثنائي، وهناك شريحة لم تعد تحتمل الوضع القائم”، لافتة الى أن “عدداً كبيراً من الطائفة الشيعية يريد الدولة، ويرغب في العيش بسلام وحرية وديموقراطية، ويحب لبنان، لكنه غير قادر على ايصال هذه الارادة وترجمتها على الأرض. من ناحية أخرى، لم تتمكن الثورة أو الحراك من بلورة خط سياسي معين”.

وأشارت الى أن “الحزب يريد الثلثين لانتخاب رئيس للجمهورية ولتعديلات دستورية، ونحن هدفنا ايصال أكبر عدد من النواب الى البرلمان”، موضحة أن “الحزب في حال فاز بالأكثرية في الانتخابات المقبلة ولكن بنسبة أصوات أقل من الانتخابات الماضية، يعتبرها خسارة”.

ونبّهت على أن “الشعب اذا أعاد انتخاب الطبقة نفسها، فيكون يستحق العيش في الذل والفقر كما هو حاصل اليوم”.

شارك المقال