قطاع طب الأسنان يقاوم الانهيار… والدولار

راما الجراح

وداعاً للابتسامات الواسعة، اللامعة، التي أصبحت معياراً للجمال والشُهرة. نادراً ما نرى فنانات وفنانين ورواد تواصل ما يسمى بالـ”influncers” أو “Bloggers” من دون الهوليوود سمايل! وهذه “الموضة” انتقلت الى الناس العاديين حتى أصبحت لدى الكثيرين منهم ضرورية، ولكن هل فكّروا أنهم قد يصِلون إلى يوم لن يستطيعوا فيه تقويم أسنانهم والاعتناء بها لدى الطبيب في العيادة؟

إلى كل حالم بتبييض أسنانه، أو تركيب غيرها، أو صناعة “سمايل” جديدة ومُلفتة، وتغيير شكل الأسنان وحجمها، أو ترتيبها واصطفافها، أو تجميل خط اللثة “انسوا” الموضوع، وحاولوا قدر الإمكان الاعتناء بأسنانكم في المنزل لأنكم قد تحتاجون مع الأيام إلى فُرشاة أسنان “دوبل” لتفادي اصفرارها!.

بين الواقع المرير وروح الفُكاهة، تخيلوا أن “تسقط” أسناننا ونحن نسير في الطريق، أو أن نشاهد صورا لفتيات بأسنان “مكلخة” و”مسوسة”، والسبب أنهن لا يملكن المبلغ المطلوب لتحسين مظهر ابتسامتهن.

قطاع طب الأسنان في خطر كبير، وما ذكرته يمكن أن يصبح حقيقة في حال تطور الأمر إلى الأسوأ، اذ أن الوضع الاقتصادي الصعب نال بشكل كبير من القطاع الطبي من أزمة الدواء، إلى أزمة الضمان، وهجرة أهم الأطباء في لبنان من مختلف الاختصاصات، إلى عيادات أطباء الأسنان التي أصبحت شبه خالية من الناس الذين فضلوا تأمين الغذاء على علاج الأسنان وتجميلها مما يهدد عمل آلاف الأطباء في هذا المجال وقد يؤدي إلى خسارة حياتهم العملية.

ومن خلال استطلاع رأي قام به “لبنان الكبير” على فئة من الناس وبالأخص الشابات والشباب، كانت النتيجة محصورة ومحسومة بأن الابتسامة هي الجاذبية الأولى للشخص وفي حال لم تكن جميلة فذلك ينعكس على مظهره وربما ينال من ثقته بنفسه. ومن جهة أخرى وجدت النسبة الأكبر أي حوالي ٧٠٪ في الابتسامة المعيار الأول للجمال، وخاصة أثناء التصوير أو التفاط سيلفي، بحيث أصبحت الصورة الشخصية على كل مواقع التواصل الاجتماعي أساسية وضرورية ويجب أن تكون “مزينة” بإبتسامة بيضاء طبيعية وتؤثر بطريقة أخرى من الناحية الرومانسية، حسب رأيهم.

وشرح طبيب الأسنان الدكتور علي الهندي ل “لبنان الكبير” أن “أزمة هذا القطاع أسوأ من كل القطاعات في لبنان بسبب تفلت الدولار، فالمواطن اللبناني اليوم يقوم بشراء المواد الغذائية على الدولار، وفي حال احتاجت سيارته للصيانة يقوم باصلاحها بحسب سعر صرف الدولار اليومي، وكذلك الأمر بالنسبة الى أسواق الثياب، ولكن عندما تصل الأمور إلى عيادة طبيب الأسنان تنقلب رأساً على عقب، فنحن نقوم بشراء كل المواد على دولار اليوم حتى أن أسعارها ارتفعت على الدولار، وللأسف لم يتلق القطاع أي دعم من دولة صفر مكعب بكل ما للكلمة من معنى”.

أضاف: “اليوم لا نستطيع أن نأخذ حقنا من المواطن، فعندما يعطيني المريض نصف المبلغ أو ربعه بحسب قدرته المادية فهذا يعني أنني كطبيب أسنان لستُ بخير، وفي الوقت نفسه لا يمكنني الضغط على الناس وإلا سيتوقف عملي بشكل نهائي، ولو تسنت لي فرصة اليوم للهجرة إلى الخارج فلن أتردد أبدا. على سبيل المثال حشوة الليزر أي التجميلية كانت ب ٥٠ ألف ليرة واليوم ب ٣٣ دولارا، أي حوالي ٨٠٠ ألف، وعندما يأتي المريض لا يمكننا صدّه وبالتالي من أصل المبلغ يدفع لي نصفه، وانا مجبر على أن أرضى بواقع الحال ومقتنع بأنه علينا الوقوف إلى جانب الناس حتى تنفرج الأمور، ولكن يبقى السؤال إلى متى سنستطيع الصمود في ظل هذا الوضع الصعب؟”.

وأكد الهندي أن “غالبية أطباء الأسنان هاجرت إلى الخارج، فالضائقة المعيشية والوضع الاقتصادي أثرا على قطاعنا بشكل لا يحتمل، فكل القطاعات مع ارتفاع الأسعار تأخذ حقها الا قطاعنا، وبالتالي حتى نقابة أطباء الأسنان لا تحمينا، وأصبحت هناك أعداد كبيرة من المستوصفات السورية والأطباء من الجنسية السورية يعملون حولنا وينافسوننا في القطاع مما أثّر ويؤثر بشكل سلبي وكبير علينا، وعلى الرغم من ذلك لم نجد أي حل أو اقتراح حل من النقابة ولا حياة لمن تنادي”.

شارك المقال