خطابات انتخابية بالية… لكن الصراع على المرحلة الجديدة

محمد شمس الدين

الانتخابات التي ستنقل لبنان من الظلمات إلى النور، ستنظم بعد أقل من شهر، هذا ما تحاول القوى السياسية ايحاءه للشعب اللبناني، انتخبونا ونحن سنمنع الفريق الآخر العميل من تحقيق أجنداته، انتخبونا وسننتزع سلاح حزب الله، انتخبونا وسنمنع السلام مع اسرائيل. وطبعا تم تطعيم هذه الخطابات، ببعض شعارات حقوق الناس، وأموال المودعين. كل شيء مباح في الحب والحرب، قالها الشاعر الانكليزي جون لايلاي(John Lyly) يوما، أما لبنان فأضاف اليها في الانتخابات أيضا.

لكن هل ما زال الخطاب الانتخابي التقليدي، يستقطب الجمهور؟ هل هناك من يؤمن بأن بإمكان فريق ما إلغاء فريق آخر؟ ولماذا تتصارع الأحزاب على أطلال بلد؟

مصدر مطلع أشار لموقع “لبنان الكبير” الى أن الصراع بين الأطراف اليوم هدفه حجز مقعد لمرحلة ما بعد الانتخابات، مضيفا “أن لا أحد يعرف شكل المرحلة، أو مشهد ما بعد الانتخابات، ولكن الكل يعرف أن هناك مرحلة جديدة، وإن لم تحجز مقعدك فيها لن يبقى لك مكان في الساحة اللبنانية، لذلك ترى الخطاب اليوم شبيه بمرحلة عام 2005، شد عصب من الدرجة الأولى بين فريقين، فريق داعم للمقاومة وسلاحها، وفريق رافض له، والجمهور عند الطرفين يحب أن يتم تجييشه، واستنفاره، وهذا الموضوع بحاجة إلى دراسة اجتماعية طويلة، كي نفهم أسبابه وخلفياته”.

وتابع: “لكن لا بد من الإشارة إلى النكهة المضافة على الخطابات الانتخابية عند الأحزاب التقليدية، وهي لغة الرغيف والدولار والاقتصاد، اذ عادة لم تحتج هذه الأحزاب أكثر من التصويب السياسي على الفريق الآخر، إلا أن اليوم المزاج اللبناني لم يعد يكفيه ذلك، بعد تشرين 2019، هو يحتاج إلى الاطمئنان الاقتصادي والاجتماعي أيضا، وستكتشف الأحزاب أن العديد من اللبنانين، ليسوا مهتمين بصراع المحورين، لا احتلال إيراني، ولا احتلال أميركي، كل همهم مركز على لقمة عيشه والحياة الكريمة، سيسأل أين الكهرباء، أين القمح، وأين الدواء”.

ويرى المصدر أن نسبة الاقتراع ستكون متدنية مقارنة بالانتخابات الماضية، بسبب النقمة الشعبية وأيضا بسبب غياب البديل الذي يمتلك مشروعا انتخابيا حقيقيا، لكن البديل المطروح يشبه الأحزاب التقليدية، وهو يطرح نفسه كبديل على قاعدة “قوم لأقعد محلك” فقط.

من جهته، مصدر مستقل رأى أن “الخطابات الانتخابية للأحزاب التقليدية أصبحت بالية، ربما تمر على بعض الجيل القديم، لكن الجيل الجديد لا يجذبه هذا الخطاب، إلا أن حصر الأزمة اللبنانية في صراع محورين هو ما قد يتسبب بصمته، هذا يريد محو اسرائيل(علما أنه حق)، وذاك يريد تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني (علما أن النفوذ الكبير لإيران لا يفرق عن النفوذ الفرنسي في فترات سابقة ولا النفوذ الأميركي الحالي). هذا الحصر هو ما سيمنع الإصلاح الحقيقي للبلد، وسيدفع حتى الرافضين للواقع إلى الصمت، وتحمل جهنم”.

وتابع: “والمصيبة الكبرى أن القوى التي طرحت نفسها كقوى تغييرية بديلة عن الأحزاب، لم تقدم مشاريع حقيقية، بل على العكس دخلت لعبة المحاور، لدرجة أصبحنا نسمع مصطلحات مثل مجموعة ثورة ممانعة، مجموعة ثورة سيادية، هذا الانقسام الأزلي بين الشعب اللبناني، هو أداة السياسيين للمحافظة على سلطتهم لاطول فترة ممكنة، حتى لو دُمر لبنان عشرات المرات”.

سياسيو لبنان محظوظون، محظوظون بالجغرافيا اللبنانية، وليس الكليشيه الجغرافي، “نص ساعة من الجبل للبحر”، بل محظوظون بموقعه في الإقليم وجيرانه ومحيطه. وهم محظوظون أيضا ب”الثوار” ضدهم، فهم يقدمون لهم خدمات مجانية، تبقيهم في السلطة، ولهذا السبب لا يحتاج السياسيون إلى خطابات واقعية ومن أرض الواقع، هم كل 4 سنوات ينفضون الغبار عن الخطاب السياسي عينه، ويبهّرون ويملّحون فيه قليلا.

شارك المقال