تفلت الدولار عامل ضغط للتأثير على القرار السياسي؟

محمد شمس الدين

يشهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً جنونياً بعد استقرار نسبي، اذ تخطى حاجز الـ27 ألف ليرة لأول مرة منذ أشهر عدة، ويبدو أنه متجه الى الارتفاع أكثر فأكثر، وسط توقع بعض المراقبين أن يصل الى 30 ألفاً قريباً، ويتخطى لاحقاً الـ40 ألفاً. فما السبب وراء ارتفاع سعر صرف الدولار؟ هل هو اقتصادي أم سياسي؟ وهل يمكن خوض الانتخابات بسعر دولار متفجر؟

النظرة الاقتصادية

اعتبر الباحث الاقتصادي محمود جباعي في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن السبب الرئيس لارتفاع سعر الصرف “هو أن السياسات التي قام بها مصرف لبنان لم تكن بنيوية، فقد تم إهدار مبلغ لا يقل عن ملياري دولار على منصة صيرفة، استفادت منها المصارف التجارية لدفع الديون المتوجبة عليها للمصارف المراسلة أو لإعادة الرسملة، وكذلك استفادت منها المؤسسات الكبرى، التي تملك عملة بالليرة بشكل كبير، بينما لم يستفد المودعون. الدولار حصر في مكان معين، وذهب هباء منثوراً، لم يستفد منه السوق بشكل حقيقي، لذلك بمجرد أن أخذ مصرف لبنان قراراً بعدم إعطاء الشركات والمؤسسات دولاراً عبر منصة صيرفة، ارتفع الدولار تلقائياً، بسبب زيادة الطلب عليه، وكذلك ارتفعت منصة صيرفة لتصل إلى حدود الـ 24 ألفاً”.

أضاف جباعي: “خطة الحكومة للتعافي المالي واضحة لجهة سرقة أموال المودعين عبر شطب 60 مليار دولار ديون المصارف، وهذا الأمر خلق قلقاً عند المواطن، الذي اعتبر أن هذه الحكومة لا تنوي خيراً، ولا تهدف الى حل المشكلات الاقتصادية والمالية في البلد، بل لديها أزمة كبيرة في تأمين الدولار”.

من جهة أخرى، رجح جباعي أن يكون لملف توقيف شقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة، والدعاوى القضائية بحق الحاكم رياض سلامة، دور في ارتفاع سعر الدولار، ربما كضغط للتأثير على القرار السياسي عشية الانتخابات.

النظرة السياسية

رأى المحلل السياسي يوسف دياب أن “القرار بإجراء الانتخابات اتخذ وصارت بحكم الحاصلة، لأن المال السياسي وتمويل الانتخابات باتا جاهزين، وكل اللوائح تقريباً دفعت أموالاً انتخابية، وبالتالي الأحزاب لا مصلحة لها اليوم في التراجع عن الانتخابات، ولكن يبقى خوف وحيد، هو أن يؤدي تفلت سعر صرف الدولار، إلى تحركات وفوضى في الشارع، تستفيد منها جهات خارجية، وتدفع باتجاه تأجيل الانتخابات. فإذا تطورت الأمور في الشارع، واتسعت رقعة الفوضى، تصبح الأولوية لضبط الشارع وليس الانتخابات، وتحديداً مع عدم وجود أي بصيص أمل يوحي بالطمأنينة للمواطن، في ظل وجود حكومة عاجزة”، متسائلاً: “ماذا عن القوى الأمنية بكل فروعها؟ هل ستستطيع الصمود؟ هل ستواجه الناس المنتفضة في الشارع وربما تتمنى هي أن تكون منها؟”.

واستدرك قائلاً: “عدا عن هذا السيناريو، الانتخابات قائمة، والسلطة اليوم تتمنى إجراءها، لأنها تعتبرها فرصة لا تفوت، فهي أمّنت الأكثرية، وتريد تكريسها وتعزيزها بمقاعد سنية ودرزية، لم تكن تحلم بها، قبل خروج الرئيس سعد الحريري من المشهد السياسي”.

النظرة الأمنية

أكد مصدر أمني أن “العناصر الأمنية، حتى مع الراتب الضئيل، ومع غصة كبيرة، لن تتوانى عن حفظ البلد وأمنه، وقد أقسمت على خدمة وطنها قبل أي شيء، لذلك مهما تطورت الأمور وتعاظمت، فالقوى الأمنية ستكون جاهزة لمواجهة كل ما يمس أمن الوطن”.

يبدو أن السلطة بشكل عام تريد إجراء الانتخابات، وهي تعمل من أجل ذلك كونها تكرّس سيطرتها واستمرارها في الحكم، ولكن الاجراءت القضائية الأخيرة توحي بأن هناك من يسعى الى ضرب الاستحقاق عبر استخدام تفلت الشارع، الذي لن يستطيع السكوت أمام هول المأساة الاقتصادية في حال حلّق الدولار متخطياً حدود العقل والمنطق.

شارك المقال