“صفعة فياض” تثير الجدل… عنف السلطة يرتد عليها!

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

تباينت الآراء واختلفت وجهات النظر في ردة الفعل التي أظهرها الناشط ايلي هيكل تجاه وزير الطاقة وليد فياض، والقيام بصفعه. وكما تردد فان هيكل كان في طرابلس قبل أن ينتقل الى مطعم في الجميزة ارتاده فياض، وشاهد وجع الأهالي وحزن المدينة التي فقدت عدداً من أبنائها على أحد قوارب الموت وتبعات الحادثة وتشكيك الأهالي برواية ما جرى، لكأنه كتب على هذه المدينة أن تعيش ما عاشته بلدة عرسال سابقاً. واذا كانت الحادثة مقصودة أم صدفة سيئة فستترك في كلتا الحالتين تأثيراتها على أرض الواقع وتضع عملية اجراء الانتخابات في دائرة الخطر.

وعلى وقع تزايد أعداد ضحايا زورق الهجرة غير الشرعي، تحول الغضب الشعبي من طرابلس الى بيروت، حيث صدرت دعوات ليل الأحد – الاثنين الى تجمعات في وسط العاصمة وكذلك في مدينة صيدا، وكعادتها تحركت مجموعات من الثوار التي ترصد حركة السياسيين في الطبقة الحاكمة في الأماكن العامة لتبلغ الرسالة، وكان “النصيب” وزير الطاقة، الذي انتنشرت قبل أيام صوره في أهرامات مصر، ما أثار تعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما وأنه يسوح ويجول والكهرباء مقطوعة 24 على 24 في معظم المناطق اللبنانية.

هذه المجموعة من الثوار التي تتحرك دائماً بإتجاه المطاعم ويقودها هيكل، الذي تعرض أكثر من مرة للتوقيف وإنبرى محامو الثورة للدفاع عنه، لم تكن موفقة هذه المرة في صيد ثمين، اذ أن فياض، حسب البعض هو الحلقة الأضعف في السلطة السياسية ولا يتحرك مع جيش من المرافقين، كما بقية رجال السياسة والسلطة الحاكمة في البلد، لا سيما منهم الفاسدون وعلى رأسهم “معلم” فياض رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.

وتركت حركة دفع الوزير فياض ردة فعل مستنكرة من بعض “الثوار” الذين رأوا في هذا التصرف عملاً لاأخلاقياً بضرب وزير أعزل، حتى أن بعض المرشحين على قوائم الثورة اعتبر هذا الفعل “بلطجة”، وأن محاسبة الفاسدين في السلطة لا تكون بهذا الأسلوب “اللاحضاري” والذي يمس بالقيم اللبنانية، في حين دافع آخرون عن مجموعة الثوار التي أوصلت رسالتها بدعوته الى الاستقالة عندما تحاور معها، ودافع عن حقه في حرية التحرك قائلاً لهم كما ظهر في الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل انه يعمل 18 ساعة في اليوم، ولكن الرد كان “بس ما عنا كهربا”.

لم تقتصر ردود الفعل المستنكرة على ناشطين سياسيين مؤيدين ضمناً لخط فياض السياسي لا سيما الشيوعيون منهم الذين نادوا بضرورة التمتع بصفات الأخلاق الحميدة، فحتى المقربون من 14 آذار سابقاً لم يعتبروا هذه التصرفات من شيم اللبناني. وذهب البعض الى أبعد من ذلك في مطالبة الثوار بملاحقة وفيق صفا الذي يسهر في المطاعم أيضاً، فمن يجرؤ على غير إبن خالته؟!.

اما من كان مؤيداً، فمنطقه يقول بأن فياض ارتضى أن يكون واجهة لجبران باسيل، وأنه يتنقل من ملهى الى مسبح الى… فيما فريق باسيل يمعن في إذلال اللبنانيين، وبأن من يتعاطف مع وزير العتمة بحجة أنه جديد في الوزارة، ليس صحيحاً اذ كان مستشاراً لوزيري العتمة السابقين ندى بستاني وسيزار أبي خليل.

وأكد آخرون أن “إستخدام العنف مرفوض، لكن هذا الوليد المهضوم واللطيف” عنيف بتموضعه إذ أعار نفسه للقاتل، عنيف بسلوكه المستفز، عنيف بتنمّره على الناس، لذا فان الصفعة التي تلقاها ليست “شخصية” بل عامّة.

ووصف البعض ما حصل بأنه اعتداء على الوزير مرفوض ومدان ولا علاقة لأي كان بحياة فياض الشخصية، لا ثورة ولا غير ثورة، مذكراً بأن “القبضايات” نسوا أن الاعتداءات المماثلة قد هزمت “الثورة”، قبل أن تهزم الثورة نفسها بعنفها غير المبرر، وأن خصمهم هو النظام ورموزه الكبرى .

ومن الثوار من اعتبر تصرف فياض بالسهر في المطاعم غير لائق، فالبلد بدون كهرباء وهناك فاجعة في طرابلس، وعليه يحق للناس أن تعترضه وتناقشه في ما فعل ويفعل، اما الاعتداء عليه بهذا الشكل فلم يكن تصرفاً ذكياً، والركون الى العنف ستترتب عليه تداعيات.

ومن برّر ذلك العنف ضد فياض اختصر الكلام بكونه “وزيراً يمثل السلطة الفاسدة وهو في وزارة الفساد الحامية لمافيات البنزين والمازوت والمولدات وحارقة الناس”.

ويبالغ أحدهم بالرد قائلاً: “أنا مع الكف واللبطة لكل واحد لا يحس على دمه في هذه الفترة الصعبة والكارثية، وكما يقال ولاسيما في هذا الشهر الفضيل: إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا، أو ليس هم سبب بلاء هذا الوطن وهذا الشعب بالمعاصي؟”.

ويعتبر أحد الناشطين أن فياض وزير طاقة في حكومة أعلنت الحداد العام و”حضرته داير يسهر وآخر همه أخبارنا عن ربع الساعة الأخير الذي عاشه الضحايا في خوف ورعب، قبل أن يلاقوا حتفهم. نحن شعب غير مسؤول لا نتعاطف الا بالصور التي تراها أعيننا، وليس مع المأساة التي لا يعلن عنها، ولا نتذكر في وقفات الثوار على الأرض العنف المفرط الذي مورس عليهم. إعلان الحداد العام ليس حزناً، انه بروتوكول تمارسه الدولة والله يعيننا على العصابة التي تحكمنا”.

ومن الثوار من يستخلص من النقاشات الدائرة أن “الوزير عليه أن يحسب حساب كل خطوة يقوم بها ولكن يجب علينا ألا نتصرف تصرفات تكره العالم بنا”.

وهناك من يستنكر حملة التضامن مع فياض أي “الوزير الذي لم يكن على قدر المسؤولية، بينما قلة حزنت على المواطنين الذين غرقوا بسبب منظومة سرقت كل شي، وكانوا هاربين من الذل والقرف بسبب هذه الأحزاب والتيارات المجردة فاقدة الحياة وهي على قيدها”.

ومن حيا هذا التصرف يرى أن “هذه الصفعة ليست لشخص الوزير بل رسالة لكل المنظومة المجرمة”.

وفي المعادلة العادلة النهائية “وليد فياض وزير يمثل السلطة السياسية الحاكمة التي تمارس العنف بحق الناس وبالتالي من حقهم أن يمارسوا العنف مع ممثلي السلطة… بكل بساطة”.

شارك المقال