بين حق التنقل والاستفزاز… باسيل يقتحم عكار بمرافقة عسكرية

محمد شمس الدين

حرية التنقل لأي مواطن على الأراضي اللبنانية يكفلها الدستور والقوانين، ولكن عندما يضطر هذا المواطن إلى الاستعانة بالجيش اللبناني كمرافقة خاصة، من أجل أن يدخل إلى منطقة ما، فهذا أمر يستوجب التوقف عنده. هكذا كان المشهد بالأمس، عندما أراد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، أن يحيي احتفالاً انتخابياً في بلدة رحبة العكارية، حيث وصل بمرافقة عسكرية ضخمة، في أعقاب الدعوات في البلدة الى قطع الطريق عليه، ومنعه من الدخول إليها، ما أدى إلى إشكالات بين مناصري باسيل والجيش من جهة، ومواطنين عكاريين من جهة أخرى. ولكن في زمن إفلاس الدولة هل كان الأمر يستحق أن تصرف تكاليف باهظة من أجل تأمين الحماية لمرشح الى الانتخابات؟ أما كان على باسيل تأجيل زيارته إلى حين تأكد القوى الأمنية من عدم وجود صدامات على خلفيتها؟ أم هل القانون يجب أن ينفذ بالقوة حتى لو كان هناك رفض شعبي؟

مصادر شمالية معارضة رأت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “عهد ميشال عون هو السبب الرئيس في جهنم التي وصل إليها لبنان اليوم”، معتبرة أن “ردة فعل الشارع في أكثر المناطق حرماناً في لبنان ليست غريبة”. وتساءلت “هل كان ولي العهد يتوقع أن يستقبل بالورود وهم يعيشون في الظلام بسببه؟ أم هل كان يجب فرش السجاد الأحمر له، بينما العكاري يموت ألف ميتة في اليوم من أجل تأمين المأكل والمشرب لعائلته؟ ماذا كان يتوقع صهر العهد؟ أن تعم الاحتفالات عكار ترحيباً بالمسؤول الأول عن معاناتهم؟”.

وقالت المصادر: “كان يمكن للصهر القوي، الذي استطاع تسخير سرية جيش من أجل حمايته الشخصية، أن ينتقل الى منطقة الاحتفال بمروحية للجيش، لكان تجنب هذا السناريو، وهو الذي تنقل مرات عدة بالمروحية لمناسبات لا تحتاجها، ولما كان ابن منطقة خزان الجيش في موضع مواجهة مع جيشه، ولكن باسيل يفضل الاستفزاز والمواجهة، ويريد أن يقول للبنانيين أنا الحاكم وأنا ربكم الأعلى، لا يهم إن عشتم في ظلام جحيمي، عليكم أن تتقبلوني وأنتم صامتون، وإن اعترضتم فأستخدم سلطتي لقمعكم، وأفرض ما أريد رغماً عنكم، حتى لو كلفت ما تبقى من أموال في خزينة الدولة، هذا النهج الباسيلي الذي تعودنا عليه”.

من جهتها، أشارت مصادر “التيار الوطني الحر” الى أن “من غير المقبول أن يمنع أي مواطن من التنقل على الأراضي اللبنانية، فكيف إذا كان رئيس تيار لديه تمثيل شعبي واسع، ووجود وازن، والأمر هنا متعلق بالانتخابات؟”. أضافت: “ما حصل هو لعبة من الذين يريدون الغاء التيار الوطني الحر. هم الذين تآمروا على العهد، وأسقطوا الميغا سنتر، واليوم يقطعون علينا الطريق، كأنها خطة ممنهجة من أصحاب الفكر الالغائي، وسنواجههم ولن نقبل أن يمنعونا من التواجد في أي شبر من الأراضي اللبنانية، هذا حقنا وحق كل مواطن، والتيار يمتلك حيثية شعبية في عكار، حيث حصد في الانتخابات الماضية أكثر من ٣٠ ألف صوت، فهل تجوز مصادرة قرار هؤلاء بحجج واهية؟ فلينافسونا بشرف، ولتظهر أحجام الجميع”.

قد يجد المواطن اللبناني نفسه محتاراً هنا، فمن جهة، الانهيار الاقتصادي حصل في عهد الرئيس ميشال عون، وصهره جبران باسيل له الدور الأكبر في هذا العهد. ومن جهة أخرى لا يجوز منع أي مواطن لبناني من التنقل في أراضي بلده، ولكن المؤكد أنه كان بإمكان باسيل معالجة الموضوع بطريقة مختلفة، في بلد أصبح المواطن فيه مستعداً للمخاطرة بالذهاب في قوارب الموت على البقاء فيه. الانتخابات على مسافة أسبوعين، وعلى الجميع وفي مقدمهم تيار الاستفزاز المناطقي والطائفي، أي التيار الباسيلي أن يتفهم غضب اللبنانيين، لا أن يفرض عليهم إرادته بقوة، ولكن للأسف قد يصب ما حصل لمصلحته في الانتخابات، كونه يشد عصب بعض الناخبين في عكار… فهذه طبيعة لبنان وشعبه.

 

 

 

 

 

شارك المقال