استهداف الناشطين يشعل غضب العراقيين ضد إيران

علي البغدادي

زاد اغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني القيادي في الاحتجاجات العراقية يوم السبت في كربلاء التي تحتل أهمية كبيرة في الوجدان الشيعي لارتباطها بمقتل الإمام الحسين بن علي إلى جانب محاولة اغتيال أحمد حسن مراسل قناة “الفرات” الفضائية في الديوانية فجر الاثنين من النقمة الشيعية وعمق حالة رفض الهيمنة والنفوذ الإيراني في البلاد.

فما جرى حلقة في مسلسل دموي لاغتيال ناشطين وأكاديميين وصحافيين بارزين معارضين للنفوذ الإيراني وفاعلين في احتجاجات تشرين ضد الطبقة السياسية الحاكمة منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، على يد جماعات مسلحة يعتقد أنها على ارتباط بالحرس الثوري الإيراني، وسط ردود فعل ضعيفة من حكومة مصطفى الكاظمي التي يفترض أنها منسجمة مع الاحتجاجات الشعبية بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي المقرب من طهران.

وقد تحولت القنصلية الإيرانية في كربلاء يوم الأحد إضافة إلى جداريات تحمل صور القيادات الإيرانية في أكثر من مكان، إلى عنوان بارز وعريض للرفض الشعبي لدور إيران وأتباعها في العراق. وتجسد ذلك بالهجوم على مقر القنصلية بعد ساعات من قيام مشيعي جثمان الوزني بترديد هتافات داخل العتبة العباسية في كربلاء، تطالب بإسقاط النظام و”إيران برة برة.. كربلاء تبقى حرة”، و”تشرينية تشرينية ضد إيران الجمهورية”.

وتسود الشكوك في الأوساط الشعبية والناشطين من قدرة رئيس الوزراء العراقي على تنفيذ تعهده خلال جلسة الحكومة يوم الأحد بعدم إفلات قتلة الناشط الوزني من قبضة العدالة، خاصة وأن تجارب الماضي القريب والوقائع التي حصلت خلال الأشهر الماضية تدل على أن أغلبية ملفات اغتيال الناشطين بقيت طي الكتمان، ولم يتم الإفصاح عن الجهات المتورطة فيها، رغم أن حل لغز هذه العمليات المنظمة كان في مقدمة سلم أولويات حكومة الكاظمي عند تسلمها المسؤولية قبل سنة.

وتوجِّه أحزاب وشخصيات معارضة للوجود الإيراني أصابع الاتهام لجهات عراقية مدعومة من الحرس الثوري الإيراني، بالوقوف وراء عمليات اغتيال ممنهجة لناشطين مناهضين لدور طهران في الساحة العراقية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية، حيث تم تسجيل أكثر من 70 عملية اغتيال، طالت ناشطين في التظاهرات منذ تشرين الأول (اكتوبر) لعام 2019 وحتى الآن أدت إلى مقتل 25 ناشطاً وجرح عدد آخر وفقاً لأرقام مفوضية حقوق الإنسان التي تطرقت أخيراً إلى وصول أعداد المغيبين في التظاهرات إلى ما لا يقل عن 80 شخصاً.

وتحاول طهران عبر حلفائها السياسيين وأذرعها المسلحة الحد من تنامي تأثير الكتل السياسية الممثلة للاحتجاجات الشعبية المعارضة التي تنوي دخول الانتخابات التشريعية في تشرين الأول (اكتوبر) المقبل وإعاقة تحقيق أي مكاسب تساهم في تقليص وإضعاف النفوذ الإيراني سواء في البرلمان أو الحكومة، عبر اتخاذ إجراء تضييق ضد المرشحين.

ونجم عن التطورات الأمنية المتسارعة في كربلاء وعدد من المحافظات العراقية الأخرى إعلان أربعة كيانات سياسية هي: كيان الوعد العراقي، ونازل آخذ حقي، والوعد العراقي، والبيت الوطني، انسحابها من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، رفضاً لعمليات الاغتيال التي يتعرض لها ناشطون سلميون معارضون لهيمنة بعض الأحزاب وممارساتها المخالفة للقانون.

ويبدو أن عمليات الاغتيال في العراق تندرج ضمن أساليب التخويف والضغط التي تجيد اللجوء إليها إيران وسبق استخدامها في قمع الاحتجاجات الإيرانية أكثر من مرة ومحاولة استنساخ التجربة الإيرانية في قمع المحتجين وإخماد المظاهرات المناوئة للدور الإيراني في العراق، إلى جانب الحد من تنامي تيار عروبي شيعي رافض لسطوة إيران وولاية الفقيه، ولا سيما في المدن الوسطى والجنوببة ذات الأغلبية الشيعية.

وأكد الخبير الأمني علي البيدر أن عمليات الاغتيال ضد الناشطين لن تنتهي حتى يتم تصفية آخر عراقي قال كلا للفوضى في البلاد.

وقال البيدر في تصريح صحافي إن “عملية استهداف أو تصفية ناشطي تشرين تهدف إلى تصفية جميع الرموز التي وقفت وشاركت في الاحتجاجات الشعبية”.

وأضاف: “الحكومة لا تريد وغير قادرة على حماية المتظاهرين وإضعاف نفوذ السلاح المنفلت في القضاء والقبض على قتلة المتظاهرين والناشطين”، مشيراً إلى أن “المسألة تحتاج إلى جراحة دولية وبصمة دولية من أجل معالجة واقع الحال الذي أخذ منعطفات خطيرة”.

واقترح الخبير الأمني، “تدويل القضية عبر إيجاد تحالف دولي على غرار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، للقضاء على الفوضى والسلاح المنفلت الذي يخدم دولاً إقليمية وجهات سياسية وعسكرية عراقية”.

وكان مسلحون مجهولون، اغتالوا مساء السبت الماضي الناشط المدني ايهاب الوزني أمام منزله في منطقة شارع الحداد في كربلاء، فيما تعرض أحمد حسن مراسل قناة الفرات الفضائية في الديوانية فجر الاثنين إلى عملية اغتبال أدت إل إصابات بليغة في الرأس.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً