“الجنوب الأولى” شبه محسومة… وفرصة المعارضة في الثانية والثالثة

محمد شمس الدين

لطالما كان الجنوب يعتبر بلوكاً شيعياً خالصاً لمصلحة الثنائي الشيعي (باستثناء صيدا)، الذي كان قانون الستين يعطيه محدلة انتخابية ضخمة، من الصعوبة جداً أن يخرقها أحد. وكان “حزب الله” وحركة “أمل” يكتسحان المقاعد اكتساحاً، على الرغم من أنه في بعض الأحيان كانا يواجهان تحالف خصومهما. ولكن الوضع اليوم مختلف، فالقانون الذي يعمل به في هذه الانتخابات، هدفه أصلاً تمثيل الجميع، والتخفيف من قوة المحادل الانتخابية، وإعطاء فرصة لذوي الحيثيات الصغيرة، على الرغم من كل الشوائب التي يعاني منها هذا القانون، إلا أنه يشكل فرصة حقيقية للقوى المعارضة، إضافة إلى أنه سمح للمغتربين بالادلاء بأصواتهم، وهم وحدهم يشكلون حواصل انتخابية عدة. أما في صيدا فالوضع مختلف قليلاً، على قانون الستين كان الحسم لصيدا مستقبلي الهوا، وفي جزين كان العونيون يتربعون على عرش النيابة فيها، ولكن حسب القانون الجديد، الكل أصبح مجبراً على المشاركة، مما سبب تقريباً تعادلاً بين القوى في العام 2018.

في الانتخابات الماضية، لم يستطع أحد تأمين حاصل أمام لوائح الثنائي الشيعي في كل من دائرتي الجنوب الثانية والثالثة، على الرغم من اقتراب اللائحة المدعومة من تيار “المستقبل” من ذلك في دائرة الجنوب الثالثة، اذ كانت تحتاج الى ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف صوت، ولكن هذه السنة الأمر مختلف، فالانهيار حصل بعد الانتخابات، والثنائي موجود في السلطة، بل ان آخر حكومتين اعتبرتا من اللون الواحد، أي من الذين ينتمون إلى حلف 8 آذار القديم، ما تسبب بإحراج للثنائي أمام جمهوره. إضافة إلى ذلك، وحسب الاحصاءات صوّت أكثر من 10 آلاف مغترب في “الجنوب الثانية”، وأكثر من 12 ألف مغترب في “الجنوب الثالثة”، وفي حال صبّت غالبية هذه الأصوات ضد الثنائي فالخرق حاصل لا محالة، عدا عن التراجع الشعبي عند كل الأحزاب اللبنانية ومن بينها الثنائي بعد الأزمات التي أغرقت البلد، لا سيما الأزمة الاقتصادية والمالية، وخسارة أموال المودعين.

أما “الجنوب الأولى” فقد اقترع فيها وفقاً للاحصاءات أكثر من 5 آلاف مغترب، وهم يقاربون نصف الحاصل، ولكن على الأرجح لن يكون هناك خرق للأحزاب التقليدية في الدائرة، وغالبية الترجيحات تقول إن جزين أًصبحت النتائج فيها شبه محسومة، والمعركة الحقيقية هي على المقعدين السنيين في صيدا، وتحديداً اختلطت التحالفات عن الانتخابات السابقة، وخصوصاً تحالف الثنائي الشيعي وأسامة سعد، و”التيار الوطني الحر” وعبد الرحمن البزري، عدا عن غياب تيار “المستقبل”، الذي قد يكون السبب في خلط التحالفات.

في “الجنوب الثانية” حصلت اللائحة المنافسة للثنائي الشيعي، على 11 ألف صوت فقط في الانتخابات الماضية، أي أنها كانت تحتاج إلى ضعفها لتستطيع الخرق، ولكن هذه السنة ضمت اللائحة شخصيات جديدة، تحاول عبرها استقطاب الأصوات المتبقية من أجل تحقيق خرق، إضافة إلى ذلك قد ينخفض الحاصل عن العام 2018، ومع الـ 10 آلاف مقترع مغترب، في حال صبّوا عند المعارضة، قد تستطيع للمرة الأولى تحقيق الخرق في هذه الدائرة، ولكن الأمر ليس سهلاً، وتحديداً في ظل تشتت الأصوات بين لائحتين.

أما “الجنوب الثالثة” فهي الدائرة الوحيدة التي توحدت بها قوى المعارضة على لائحة واحدة، وتراهن على إمكان استقطاب أصوات من ناخبي عماد الخطيب، الذي يقاطع الانتخابات، وكذلك أصوات الاغتراب. ففي الانتخابات الماضية حصدت القوى التي كانت موزعة على 4 لوائح حوالي 11 ألف صوت، بينما اللائحة المدعومة من تيار “المستقبل” حصلت حينها على 17 ألف صوت، وبالتالي على الرغم من توحدها تحتاج قوى المعارضة إلى: إما بعض أصوات “المستقبل”، أو أصوات المغتربين، لتستطيع أن تخرق في هذه الدائرة، لاسيما أن المغتربين الذين اقترعوا فيها هم 12 ألفا ونيف حسب الاحصاءات، وبالتالي هم يشكلون نصف حاصل وحدهم تقريباً.

يجمع الإحصائيون تقريباً على أن الخرق في الجنوب في حال حصوله، لن يكون على الأرجح للمقاعد الشيعية، بل لمقاعد الطوائف الأخرى التي تترشح على لوائح الثنائي. وبينما يرى الكثيرون أن لا خوف على المقعد الدرزي في “الجنوب الثالثة”، يبدو أن الخرق قد يحصل إما للمقعد السني أو الأرثوذكسي. أما في “الجنوب الثانية” ففي حال استطاعت اللائحة غير المكتملة تأمين حاصل، قد تستطيع الخرق بمقعد شيعي في الزهراني.

شارك المقال