بيروت الثانية”… يوم الحسم الانتخابي

هدى علاء الدين

ساعات قليلة تفصل “بيروت الثانية” عن نتائج معركة انتخابية هي الأقوى والأشرس من أجل تحديد هوية أصحاب المقاعد الأحد عشر (6 مقاعد سنية، مقعدان شيعيان، مقعد درزي، مقعد أرثوذكسي ومقعد للأقليات) التي تتنافس عليها 9 لوائح تتضمن كلاً من الأحزاب التقليدية والقوى التغييرية. اللوائح باختلافها أصبحت جاهزة لليوم الكبير، ومرشحوها يعقدون الآمال على دخول المجلس النيابي الجديد بأصوات الناخبين التفضيلية.

وعن التوقعات قبل بدء العملية الانتخابية والحواصل التي ستحصل عليها مختلف اللوائح المتنافسة، تُشير مصادر “لبنان الكبير” إلى أن لائحة “الثنائي الشيعي” ستحصل على ثلاثة حواصل مع إمكان حاصل إضافي. أما لائحة “بيروت بدها قلب” المدعومة من فؤاد مخزومي فستحصل على حاصلين انتخابيين، وحسب المعلومات، فإن مخزومي يعمل جاهداً من أجل الحصول على الزعامة السنية في بيروت عبر السعي إلى نيله أكبر حاصل انتخابي سني لتحقيق طموحه في الوصول إلى الرئاسة الثالثة، وبالتالي لا يهمه أن يُعطي فارق الأصوات التي ستحصل عليها لائحته لمرشح سني آخر، بل سيكون وفق المعطيات لمرشح عن مقعد الأقليات (قد يكون الأرثوذكس)، وهذا ما هو مرجح حتى الآن إلا في حال فوز المرشح ملحم خلف من “لائحة التغيير” أو خليل برمانا من لائحة “هيدي بيروت”، حينها قد يكون الحاصل الثاني من نصيب مرشح سني آخر على لائحته. لكن مخزومي يطمح الى زعامة سنية من خلال نيل أكبر عدد من أصوات السنة وأن يكون الفائز الآخر معه مرشح غير سني، وفي كلتا الحالتين ستحصل لائحته على حاصلين انتخابيين. من جهة أخرى، من المتوقع ووفقاً للمعطيات أن تحصل لائحة “لبيروت” المدعومة من “الأحباش” على حاصل انتخابي للمرشح عدنان طرابلسي، لكنها في حال أرادت توزيع أصواتها فإن ذلك سيُمكنها من كسب حاصل آخر، ليصبح بذلك العدد الإجمالي ستة حواصل ثابتة مع حاصلين إضافيين (قد يحصل عليهما “الثنائي الشيعي” و”الأحباش”).

أما الحواصل الخمسة المتبقية، فتلفت المعلومات إلى حصول “الجماعة الإسلامية” بشخص مرشحها عماد الحوت على لائحة “هيدي بيروت” على حاصل انتخابي، في ظل تراجع حظوظ نبيل بدر في الآونة الأخيرة لأسباب عدة أبرزها حالة التضعضع التي أصابت ماكينته الانتخابية بعد خسارة العديد من رموزها لصالح اللائحة المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة، وبالتالي فإن المعطيات تشير إلى عدم حصوله على أي حاصل انتخابي يؤهله للفوز بمقعده بسبب صعوبة حصوله على الأصوات الكافية لذلك. كذلك ستحصل لائحة “بيروت تواجه” المدعومة من الرئيس السنيورة والتي كانت تسعى إلى الفوز بحاصل انتخابي واحد قبل مدة، على حاصلين أحدهما لمرشح سني (خالد قباني أو بشير عيتاني) والآخر للمرشح الدرزي فيصل الصايغ. وهنا تُوضح المصادر أن حظوظ لائحة السنيورة في الحصول على حاصلين ارتفعت في الآونة الاخيرة بسبب استقطاب عدد من رموز ماكينة تيار “المستقبل” السابقة لمصلحته، إلا أنه وفي معلومات خاصة بدأ بعض أعضائها الانسحاب في اليومين الأخيرين الأمر الذي سيسبب خللاً في عملها، مشيرة إلى صراع داخلي بين قباني وعيتاني على المقعد السني الذي سيكون من نصيب واحد منهما فقط، علماً أن السنيورة يريد قباني في حين أن قدامى التيار الذين يعملون مع اللائحة يريدون فوز عيتاني. وتتخوف المصادر من أن يتسبب هذا الصراع بخسارة كليهما.

أما الحاصل الأخير، فسيكون من حصة المجتمع المدني والذي حسب المعطيات المستجدة ستتمكن “لائحة التغيير” من الفوز به بسبب التأثير الايجابي لعمل “بيروت مدينتي” على اللائحة. وحسب المصادر، فإن حظوظ هذه اللائحة في كسب حاصل آخر تراجعت بعد انتشار حديث وفيديوات للمرشح ابراهيم منيمنة مؤخراً عن المثليين والزواج المدني وما أحدثته من ردود أفعال مستنكرة من المجتمع البيروتي، على الرغم من تنصل أعضاء “لائحة التغيير” من حديثه والإشارة إلى أن اتجاه اللائحة معاكس لما صدر عنه.

هذا في التوقعات والتحليلات، أما في الأرقام، فتتوقع المصادر أن يتراوح عدد الناخبين في بيروت الثانية بين 115 و125 ألف ناخب، وعليه سيكون الحاصل الانتخابي حوالي 10 آلاف. وعلى الرغم من تواجد 357 ألف ناخب في “بيروت الثانية” على لوائح الشطب، الا أنه ليس صحيحاً أنهم جميعهم متواجدون فيها، وبالتالي إذا كانت نسبة التصويت 20 أو 30 في المئة، فيجب التمييز ما إذا كانت تشمل المقيمين فقط أم العدد الإجمالي للناخبين.

ووفقاً للمصادر، لا بد من تسليط الضوء على مسألة انتخاب المغتربين، خصوصاً أن حوالي 16 ألف ناخب صوّتوا لدائرة بيروت الثانية، متوقعةً أن يكون 50 في المئة منها قد مُنحت للائحة المجتمع المدني “لائحة التغيير”، وبالتالي إن حصلت هذه اللائحة على 8000 صوت، فهذا يعني أنها فازت بحاصلٍ إضافي من الخارج إلى جانب الحاصل الذي ستأخذه من الداخل لتكون بذلك كسبت حاصلين انتخابيين. وحسب المصادر، فإن المغتربين غالباً صوّتوا للتغيير وليس للمرشحين التقليديين لا سيما أولئك الذين غادروا خلال الأزمة التي بدأت منذ عامين ونصف العام هرباً من الأوضاع الاقتصادية المتردية، وذلك على عكس المغتربين القدامى الذين لا يزالون يحافظون على توجهاتهم السياسية والحزبية.

وعن المناشدات التي أطلقها رجال الدين حول ضرورة الاقتراع، تؤكد مصادر خاصة لموقع “لبنان الكبير” أن مرجعية أهالي بيروت لا تعود إلى الجامع أو رجل الدين، وهذا أمر ليس مستجداً. ويبدو واضحاً أن هناك جواً من المقاطعة، على الرغم من الحملات الواسعة التي تُشن من أجل تحفيز المقاطعين على ضرورة الانتخاب.

أما عن أصوات تيار “المستقبل” التي تصل إلى حوالي 65 ألف صوت، فتلفت المصادر إلى أن قسماً منهم بات يعمل لصالح عدة جهات سياسية انتخابية في الوقت الراهن. أما الباقون فهم لا يُشكلون سوى جزء صغير من عدد المقترعين المتواجدين على لوائح الشطب، متسائلة لماذا الإصرار على ملاحقتهم وتحميلهم مسؤولية حصول الطرف الآخر على مقاعدهم الانتخابية التي سبق ان حصل عليها في انتخابات العام 2018 بعدما خسرت لائحة الرئيس سعد الحريري خمسة من مقاعدها لصالح مرشحي “الثنائي الشيعي”، وفوز إدغار طرابلسي المدعوم من “التيار الوطني الحر” بالمقعد الإنجيلي، وفؤاد مخزومي وعدنان طرابلسي؟ وبالتالي ما يُقال عن أن عدم الاقتراع بكثافة يوم الانتخاب سوف يُكسب هؤلاء الأشخاص حواصل تمكنهم من الفوز هي معادلة سبق أن حصلت حتى خلال مشاركة تيار “المستقبل” ترشيحاً واقتراعاً. وتعتبر المصادر، أنه كان من الأجدى التواصل مع النسبة التي قاطعت الانتخابات في العام 2018 وتحفيزها على المشاركة والرجوع عن قراراها بهدف التغيير بعيداً عن جمهور تيار “المستقبل” الذي لا يريد خوض الاستحقاق هذا العام وهو حق مشروع له.

في العام 2018، بلغت نسبة الاقتراع في “بيروت الثانية” 41.6 في المئة، في حين سجل الناخبون السنة حوالي 45.7 في المئة من إجمالي نسبة الاقتراع (98.489 مقترعاً). اليوم ومع غياب تيار “المستقبل” عن الساحة السياسية بعدما حصد في الانتخابات الماضية 47.090 صوتاً أي ما يعادل 33 في المئة من مجموع الأصوات، تتجه الأنظار اليوم لمعرفة مَن هي القوى الانتخابية التي ستفوز بالحاصل الانتخابي الأكبر ولمن سيُعطي الناخبون السنة أصواتهم وكم سيبلغ حجم المقاطعة، وبناء عليه ستُرسم خريطة بيروت السياسية للأعوام الأربعة المقبلة.

شارك المقال