وساطة التاجر بين الجميل والأسد

مروان المهايني

لقد ترأس الجميّل الجمهورية اللبنانية خلفا لأخيه بشير، الذي اغتاله أحد محازبي الحزب السوري القومي الاجتماعي المتحالف مع “سوريا الأسد”، لكن من دون ضلوعٍ سوري واضح في عملية الاغتيال.

وتم انتخاب أمين الجميّل رئيساً في مرحلة لم تكن خلالها دمشق قد تمكنت تماماً من التحكُم الكامل بالشأن اللبناني، وبالتالي فإن الرجل لم يحظ يوماً بود قصر المهاجرين، خصوصًا أنه لم يكن أساساً على علاقة أو صلة بأي جهة سورية نافذة من الجهات المولجة بالشأن اللبناني.

مرّت علاقات الجميّل مع دمشق بالكثير من المطبات وواجهت العديد من الأزمات، وانتهت في أواخر عهده إلى القطيعة الكاملة، وبات الأسد الأب رافضاً بإصرار استقبال الجميّل، في حين لم يشأ الأخير أن يغادر الرئاسة وهو على خلاف مستحكم مع الأسد لما سيترتب على ذلك من عواقب على عهده المُشارف على الانتهاء، وعلى شخصه كسياسي وكزعيم لحزب “الكتائب”.

من هذا المُنطلق ارتأى الجميل، وبعد التشاور مع صديقه الشيخ الإماراتي مهدي التاجر انه لا بد من محاولة أخيرة لوصل ما انقطع بين المهاجرين وبعبدا. وتطوّع التاجر انطلاقاً من علاقته الوثيقة بالأسد بأن يتولى هذه الوساطة شخصياً، وتمنى عليه الجميّل أن يطلب من دمشق إبقاء مهمته سرّية وبعيدة عن الأضواء وفي منأى كامل عن عبد الحليم خدام الذي كان الجميّل يعتبره خصماً لدوداً له.

وافقت دمشق على وساطة التاجر وعلى سرّية مهمته، فوصل دمشق على متن طوّافة عسكرية لبنانية حطّت في قاعدة المزة الجوية، حيث كان في استقباله المرحوم وليد المعلم، وكان حين ذاك مديراً لمكتب فاروق الشرع. وتمت استضافة التاجر بعيداً عن الأضواء في فندق الشام في وسط العاصمة السورية، وتحت اسم مستعار. واستمرت الوساطة أياماً عدة وحضر إلى دمشق لمواكبتها وزير خارجة لبنان آنذاك إيلي سالم ومدير المخابرات سيمون قسيس. وتوصلت الوساطة إلى نتائج ايجابية سرعان ما ذهبت أدراج الرياح بمساعي خدّام وغازي كنعان.

أما وجودي في هذه “المعمعة” ومواكبتي لها بدءاً من استقبال التاجر بمطار المزة ومروراً بملازمته طيلة مدة إقامته، فموضوع له ولتفاصيله وخلفياته حديث آخر.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً