بري رئيساً لولاية سابعة… والمعركة على عدد الأصوات

محمد شمس الدين
نبيه بري

يمتاز لبنان بتوزيع السلطة طائفياً، فالرئاسات الثلاث عرفاً توزع على الطوائف الثلاث الأكثر عدداً، الموارنة، السنة والشيعة، ويشتهر قول في لبنان بأن رئيس الجمهورية ماروني، رئيس الحكومة سني ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بدلاً من القول شيعي، والسبب في ذلك هو قوة بري وحضوره وتمثيله في الحياة السياسية اللبنانية، وكذلك عدم ترشح أي منافس له على الساحة الشيعية، فهو رئيس حركة “أمل”، الحزب الثاني شيعياً، وحليف “حزب الله”، الأول شيعياً، والذي يعتبر التحالف مع “أمل” تلاحماً وجودياً، وبالتالي لا يعنيه مطلقاً خلق منافس لبري على رئاسة المجلس النيابي، الموقع الشيعي الأول.

تميز نيل بري رئاسة مجلس النواب بعدد أصوات كبير على مدى الدورات الست السابقة، ففي العام 1992 حصل على 105 أصوات، وارتفع العدد إلى 122 في العام 1996، وإلى 124 في العام 2000، ثم انخفض إلى 90 صوتاً في العام 2005، وحافظ على العدد نفسه في العام 2009، إلى أن ارتفع في الدورة الماضية في العام 2018، إلى 98، على الرغم من أن حزب “القوات اللبنانية” أعلن أنه لن ينتخب بري، و”التيار الوطني الحر” ترك حرية التصويت لأعضاء تكتله.

هذه السنة الأمر قد يختلف قليلاً، فـ “القوات” أعلن أنه لن يتنخب بري لرئاسة المجلس، وكذلك رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أعلن أنه ليس في صدد إعادة انتخابه، والأمر نفسه ينطبق على القوى الجديدة، أي المجتمع المدني أو “قوى التغيير”، التي أعلن أكثر من نائب منها أنه لن ينتخب بري، لكنه المرشح الوحيد شيعياً، وليس هناك شيعي من خارج الثنائي، فكيف سيتم تخطي الأمر؟ هل يقبل بري أن يكون رئيساً لمجلس النواب بعدد أصوات صغير نسبياً؟ أم هل تحصل “طبخة” تؤمن له العدد المناسب؟

في حساب عدد نواب الأحزاب، يمتلك بري 28 صوتاً من “الثنائي الشيعي”، 8 أصوات من الحزب “التقدمي الاشتراكي” ورئيسه وليد جنبلاط صديقه العزيز، 7 أصوات لسنة الثامن من آذار، 3 أصوات من حزب “الطاشناق”، 1 تيار “المردة”، و 8 أصوات من شخصيات مستقلة، مثل نعمة افرام وفريد الخازن وفراس السلوم وغيرهم الذين هم إما على علاقة جيدة مع بري أو يصوّتون وفقاً للتوازنات السياسية والطائفية. ومن المتوقع أن تصوّت شخصيات من قدامى “المستقبل” لبري فيتراوح العدد بين 50 و55 نائباً.

أما في حال تم الاتفاق مع “التيار الوطني الحر” فسيحصد الرئيس بري أكثر من 70 صوتاً، وفي حال تعذر ذلك، يمكنه أن يستخدم أدوات عديدة، مثلاً يمكنه أن يقايض “القوات” على مقعد نائب الرئيس، وبالتالي ينتخبه نوابه، والأمر نفسه ينسحب على قوى التغيير، التي يمكن أن تكون لديها مطالب معينة تقايض بري عليها، وتحديداً أن بعضها لديه علاقة جدية إما مع بري أو مع “حزب الله”، ويمكن أن تحصل مساومة. وسيلعب موقع نائب رئيس المجلس دوراً مهماً في هذه المساومة، فالتيار يضع الموقع نصب عينيه منذ الدورة الماضية، وبغياب النائب السابق إيلي الفرزلي الفرصة متاحة أمامه اليوم. من جهة أخرى “القوات” تقدم بعدد نوابه ويطمح الى لعب دور وازن في المرحلة المقبلة، لذلك ليس مستبعداً أن يفاوض أيضاً من أجل نيل موقع نائب الرئيس. أما قوى التغيير، فقد يناسبها أن تتولى شخصية منها هذا الموقع، كونها تطمح إلى القوانين الاصلاحية، ونائب الرئيس يلعب دوراً مهماً في العمل التشريعي، وتحديداً لجهة اللجان النيابية المختصة والمشتركة. وبري نفسه منفتح على الجميع، وكان أعلن ذلك في خطابه بالأمس، مشيراً الى أن اليد مفتوحة للجميع.

إذاً بري رئيساً للمجلس لولاية سابعة، وهذا أمر محسوم، ومعركة الثنائي اليوم ليست على الرئاسة، بل على عدد الأصوات التي سينالها، وذلك من أجل أمرين: الأول أن بري يكره التقوقع الطائفي، ويفضل أن يكون رئيساً بأصوات متعددة طائفياً، والأمر الثاني هو تثبيت شرعيته بعدد أصوات كبير. فهل سيستطيع “حزب الله” التوفيق بين حلفائه؟ أم أن بري سيستعمل الحنكة السياسية التي يتمتع بها ويضمن أصواتاً من غير “التيار الوطني الحر”؟ الأمر سيحسم في أول جلسة لمجلس النواب، التي يتوقع أن يكتمل فيها النصاب من دون أية مشكلات.

شارك المقال