اضطرابات الحرب الأوكرانية تغيّر وجه العالم

حسناء بو حرفوش

لن تقتصر نتائج الحرب الأوكرانية على إزهاق الأرواح والتسبب بأضرار مادية، وإنما ستغيّر اضطراباتها وجه المعمورة حسب تقرير في موقع مجلة “ماكينزي” الالكتروني. ويسلط التقرير الضوء على “اضطرابات من المحتمل أن تؤثر على المدى القصير والمتوسط ​​على إعادة تشكيل الصناعات والاقتصادات.

ومن ضمن هذه الاضطرابات، الأزمة الإنسانية الهائلة التي تسببت بأكبر موجة نزوح في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وثاني أكبر أزمة إنسانية منذ الستينيات من حيث عدد الأشخاص الذين فروا أو نزحوا. وزاد اللاجئون الأوكرانيون بشكل كبير من عدد سكان البلدان المضيفة. كما تسببت الحرب بارتفاع أسعار الضروريات مما سيترك آثاراً عالمية سيشعر بها أشد الناس فقراً، الذين يكافحون بالفعل لتغطية تكلفة ضروريات الحياة. ويمكن أن تدفع أسعار الغذاء والطاقة المرتفعة، إلى جانب تكاليف الإيجار المرتفعة بالفعل، الناس الأفقر إلى مقايضات مستحيلة. وأدى غزو أوكرانيا بالفعل إلى رفع تكلفة المعيشة وفواتير التدفئة.

وتمتد الضغوط إلى ما هو أبعد من أوروبا، حيث يشير تحليل السيناريو الخاص بنا إلى أن مؤشر أسعار المواد الغذائية لمكتب الأمم المتحدة للأغذية والزراعة قد يرتفع بنسبة تصل إلى 45% في العام 2022. ونظراً الى أن الناس ينفقون المزيد على الضروريات، وخصوصاً الغذاء، فقد تقع العديد من الأسر الأوروبية في براثن الفقر. إضافة إلى ذلك، أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعطيل نظام إنتاج الغذاء العالمي. بعد فترة وجيزة من الغزو، ارتفعت أسعار الأسمدة والعديد من السلع الغذائية بنسبة 20 إلى 50%. على سبيل المثال، ارتفعت العقود الآجلة للقمح بنسبة 40% منذ الأول من شباط إلى الأول من نيسان.

ومن المرجح أن يكون التحدي شديداً، وفقاً لآخر تقديرات الأمم المتحدة، بحيث لم يتمكن المزارعون من الزراعة. وقد يؤدي نقص الأسمدة العالمي إلى الإضرار بالإنتاج أيضاً. وتتبع الحكومات مجموعة من الخيارات، بما في ذلك برامج لتوجيه المزيد من الإمدادات إلى البلدان الأكثر تضرراً والرافعات لتعزيز الإنتاج الإقليمي والدعم للمستهلكين ومراقبة الأسعار.

كما أن من المرجح أن تنفصل معايير التكنولوجيا العالمية ليتضح أخيراً أن لا وجود لشيء اسمه الإنترنت العالمي. صحيح أن العديد من البلدان يشارك في نظام معلومات مشترك على نطاق واسع، ولكن حتى قبل الحرب، قامت دول عدة أخرى بتحديد مجموعة واسعة من خدمات المحتوى، مما يمكن للسكان رؤيته وفعله. كما اتخذت أيضاً خطوات لتعزيز معايير التكنولوجيا التي يفضلونها، ورأيناها في المعارك الأخيرة حول معايير الأجهزة والمقترحات لاستبدال بروتوكولات الإنترنت. ومن المرجح أن غزو أوكرانيا قد زاد من انتشار هذه الانقسامات، وغادرت حوالي 80% من شركات التكنولوجيا الغربية روسيا أو تراجعت عنها. وفي غضون ذلك، تواصل أكثر من 60% من شركات التكنولوجيا الكبرى في أجزاء أخرى من العالم المسار.

أما عن التنبؤ بآثار النظام المالي فليس بالأمر السهل، على الرغم من أن التأثير المباشر للحرب على النظام المالي محدود. لقد صمدت الأسواق في وجه الصدمة الأولية، على الرغم من بعض الخسائر بالتأكيد. وقد تكون البنوك الأوروبية من بين أكثر البنوك عرضة للخطر وأكثرها عرضة للانكشافات المصرفية المباشرة. كما قد يسجل الركود الناجم عن التضخم بصفته الأكبر ولن تستفيد جميع البنوك بشكل متساوٍ من الحلول بحيث لن يرى أولئك الذين لديهم عمليات بطاقات ائتمان كبيرة ارتفاعاً كبيراً من ارتفاع معدلات الفائدة ولكنهم قد يستفيدون من زيادة الأحجام.

ارتفاع مستمر في الإنفاق الدفاعي

ويستمر الإنفاق الدفاعي بالازدياد بحيث أعلنت 15 دولة من دول الناتو والسويد زيادة إنفاقها بعد غزو أوكرانيا، ومن المحتمل أن يكرّس الإنفاق المتزايد في العديد من البلدان للمعدات وإذا حدث ذلك، فسيتعين على البلدان الاختيار بين الاستثمار الفوري أو طويل الأجل أي شراء المعدات الجاهزة أو الاستثمار في مشاريع البحث والتطوير.

المسرح السيبراني

وتهدف الهجمات السيبرانية باستمرار الى تعطيل المجتمعات على مستوى العالم من خلال استهداف البنية التحتية الحيوية. وفي المتوسط، تسجل عشر هجمات إلكترونية كبيرة كل شهر من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وقد يكون لبعض الهجمات تأثيرات غير مباشرة تتجاوز أهدافها الأصلية، مع انتشار البرامج الضارة. واعتماداً على مسار الحرب، يمكن للمرء توقع استمرار التهديد السيبراني. وتفاعلت الأسواق مع الحرب بشكل مختلف عن رد فعلها تجاه تفشي جائحة كورونا وهذا تذكير بأن هذه الأزمة تتطلب مجموعة معينة من قدرات الصمود. وتحتاج الشركات الى التفكير في الجوانب المختلفة للمخاطر الجيوسياسية وتأثيراتها المحتملة على عمليات التمويل والتنظيم والتكنولوجيا والسمعة ونموذج الأعمال نفسه وبناء المرونة على كل هذه الأبعاد”.

شارك المقال