ريفي… رئيس أعرج ولا حرج

عاصم عبد الرحمن

لطالما رمى النائب المنتخب عن طرابلس أشرف ريفي الرئيس سعد الحريري بتهمة إضعاف موقع رئاسة الحكومة جراء تنازلاته السياسية والدستورية لصالح محور الممانعة مزعزعاً بذلك الدور السني الريادي ضمن المعادلة اللبنانية، فأي صلابة حكومية يبنيها مرشح الـ 11000 صوت وكتلة تضم إليه نائبين عن الأقليات أحدهما ضيف شرف؟

في خطوط متعرجة وخطوات عرجاء يسعى أشرف ريفي إلى تزعُّم الطائفة السنية خاصة إثر تعليق تيار “المستقبل” ورئيسه العمل السياسي التقليدي، ويمكن اختصار هذه المسيرة بالآتي:

– دخوله في لعبة الأرقام على حين غفلة من حنكته السياسية، فقد عزا سبب انخفاض نسبة الإقتراع في طرابلس (39.63%) إلى اعتكاف الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي عن الترشح والاقتراع ليستدرك سريعاً ويعلن نيله 11593 صوتاً، وهو رقم شعبي يتمسك به لإبراز زعامته السنية نظراً الى ضيق هامشه النيابي متناسياً أن تيار “المستقبل” حاز في انتخابات العام 2018 أكثر من 256000 صوت في كل لبنان.

– إطلاقه رصاصة الرحمة في صدر الميثاقية الوطنية التي أصبحت عرفاً في استحقاقات الرئاسات الثلاث إثر إعلانه عدم انتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب مستغنياً بذلك عن أصوات النواب الشيعة كافة على اعتبار أنهم ينتمون جميعاً إلى كتلتَيْ “حزب الله” وحركة “أمل” وهم بالتالي لن يسمونه لرئاسة الحكومة.

– برنامجه الحكومي الذي يفترض أنه يبدأ بتشكيل حكومة من ذوي التخصصات العلمية والخبرات الإصلاحية وإن كانوا سياسيين، وكخطوة انفعالية أعلن نيته توزير النائب الراسب عثمان علم الدين. هذا الإعلان إنما تعتريه خطوتان عرجاوتان، الأولى ديموقراطية تتعارض مع توزير مرشحين راسبين عقب انتخابات نيابية، والثانية دستورية تتمثل في الإعلان عن أحد وزراء حكومة لم يكلف بعد بتشكيلها.

يتابع اللواء مسيرته العرجاء نحو ترؤس الحكومة عبر تزعمه كتلة نيابية تتألف من ثلاثة نواب مبدئياً، وهي لا تضم نائباً سنياً سواه إضافة إلى نائب أرثوذكسي فاز بـ 79 صوتاً وآخر ماروني تنطبق عليه صفة ضيف الشرف في كتلة “إنقاذ وطن” التي يرأسها أشرف ريفي. فالنائب الياس خوري الذي يعمل كمستشار لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع منذ عشرات السنين هو حكماً عضو في تكتل “الجمهورية القوية” إلا أن من حسن اللياقة السياسية لا بد من أن يتنقل بين كتلتَيْ “القوات” وريفي بحكم الضرورة لأمرين هامين:

– الأول كخيار سياسي استراتيجي راسخ بفعل انتمائه إلى “القوات اللبنانية”.

– الثاني كرد جميل أخلاقي يقتضي توسعة زعاماتية لا تغني ولا تسمن من جوع الحكم والتحكم.

ومما لا شك فيه أن الطموح السياسي والتطلع إلى مواقع وطنية والاضطلاع بأدوار زعاماتية هي حقوق مشروعة لكل شخصية سياسية تتعاطى الشأن العام، ولكن ما ليس من حق هؤلاء هو رمي الخصوم بما ينضح به إناؤهم من أباطيل ديموقراطية وأكاذيب سياسية وعراضات وطنجية ظناً منهم تضييع رأي عام هو بلا شك ليس بغافل عما يقترفه مُدَّعوْ الوطنية من تدليس وتضليل بحق الوطن والمواطن على السواء. هو حالٌ يضع أشرف ريفي نفسه فيه، إذ يعرض مقام رئاسة الحكومة العابرة للطوائف مهما تعددت وللمناطق مهما تنوعت في مواجهة غير عابرة وطنياً، وما قبوله بترؤس حكومة عرجاء التمثيل السني والشراكة الوطنية والتماسك اللبناني سوى دليل على الانفعال السياسي الذي يولد الأزمات ويفاقمها عوض تشريح المشكلات وهي كثيرة ومن ثم يتم علاجها وفق ما تقتضيه المصلحة اللبنانية العليا.

صحيح أن اللواء أشرف ريفي انتخب نائباً عن طرابلس بحجم تمثيلي ما، إلا أن الشعب لم يوكله اختزال هويتها السياسية، ذلك أنها مدينة ذات تعددية سياسية وفكرية وثقافية لا تقف عند حدود رأي ما، وإذا كان يعتزم وضعها في مواجهة قوى بدعمٍ من أخرى من دون ضمانه حتى تغطيةً من حلفاء مفترضين، فللخيارات الطرابلسية ربٌ يحميها.

شارك المقال