التغييريون بين الدينامية الجديدة والمحاسبة… هل ينجحون؟

هيام طوق
هيام طوق

على وقع الصدامات السياسية، والانهيارات الاقتصادية والمالية، والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية والمعيشية والمحروقات، وانقطاع الأدوية واحتجاج أصحاب الصيدليات، والتهديد بالعتمة الشاملة والتقنين القاسي في المياه، يمضي اللبنانيون أيامهم ولياليهم، والحبل على الجرار لأزمات لا تنتهي في بلد بات وأهله في مهب الخطر من مجاعة وفوضى وتفلت أمني وجرائم وسرقة وقتل.

كل ذلك، وأهل السلطة يتلهون بحساباتهم وأحجامهم ومصالحهم وحصصهم وسط انقسامهم بين من يؤكد أن الانتخابات النيابية فرضت واقعاً جديداً، وأن التغيير في النمط والأداء السياسي هو عنوان المرحلة المقبلة بعيداً من النهج الذي ساد على مدى سنوات طويلة ويرتكز على المساومات والتسويات والصفقات، وبين من يرى أن الصدامات ستبقى قائمة بين الأطراف السياسية كما في السابق، وخير دليل ما رأيناه بعد الانتخابات من مناكفات وتصريحات نارية على أكثر من جبهة ما ينذر بأن المرحلة المقبلة ستكون مليئة بالصراعات والخلافات والكباش وستنعكس فراغاً على المستويين الحكومي والرئاسي اذا لم يتدارك العقلاء خطورة المرحلة ودقتها.

القوى التغييرية والأحزاب التقليدية المعارضة، تتقاطع حول القضايا الوطنية الكبرى كما حول الرؤية التغييرية في اللعبة السياسية باعتبار أن المصلحة الوطنية ستكون فوق كل اعتبار. وإذا كان الجميع في الداخل بانتظار النواب الجدد لتقويم أدائهم والالتزام بوعودهم وبشعاراتهم التي رفعوها في 17 تشرين، فإن عدداً من الديبلوماسيين الأجانب يعتبر أن المجلس الجديد خلق دينامية جديدة في التعاطي مع الأمور وإدارة الحكم، وسيتم تكريس مبدأ المحاسبة والرقابة بما يعني أن البلد دخل مرحلة جديدة، على الجميع التعاطي معها بإيجابية وانفتاح لوضع البلد على السكة الصحيحة، وأول الغيث تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية لتنطلق عملية النهوض الفعلية.

وبين الرأيين المتناقضين حول المرحلة المقبلة: الضبابية والسوداوية والارتطام الكبير أو التعويل على المجلس الجديد لفرملة الانهيار من خلال خطوات تشريعية انقاذية، يضيع اللبنانيون في المتاهات والزواريب السياسية، ويسألون: هل البرلمان المنتخب ولاسيما النواب التغييريون سيكونون على قدر المسؤولية والحمل أو أنهم سيخذلون الناس التي يمثلونها؟ أليس التعويل على التغيير الكبير أقرب الى الحلم من الواقع خصوصاً أن الأزمات كبيرة والملفات شائكة وبعضها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتطورات الاقليمية؟ هل المسؤولية الملقاة على التغييريين أكبر من قدرتهم وحجمهم؟ هل سيشكلون فعلياً دينامية جديدة في التعاطي السياسي وسيكونون حجر الزاوية في البرلمان لارساء المصلحة الوطنية أو أنهم سينغمسون في اللعبة السياسية السائدة؟

شدد النائب رامي فنج في حديث لموقع “لبنان الكبير” على “أننا لو لم نكن جاهزين للدخول في المعترك السياسي لما دخلنا اليه، وعملنا لم يبدأ في الانتخابات انما النضال التغييري الثوري بدأ منذ سنوات، ونأمل أن نكون على قدر المسؤولية وأكثر”، لافتاً الى “أننا ننتمي الى لبنان وليست لدينا أي انتماءات أو ارتباطات خارجية، وسنعمل انطلاقاً من الحس الوطني وتطبيق القانون والدستور. هويتنا هي الهوية اللبنانية الفعلية والحقيقية”.

وأوضح أن “العمل المشترك بين القوى والمجموعات التغييرية بدأ منذ ما قبل الانتخابات النيابية، وستشكل كتلة من النواب التغييريين. نحن مكوّن مستقل، وقرارنا حر، ولدينا عنوان سيادي تغييري منطلق من ثورة 17 تشرين، لكن ليست لدينا تحالفات على الرغم من التقاطع مع القوى التي تشبهنا في المواطنية والدستور والقانون”.

وأكد “أننا تغييريون، وليست لدينا الخلفيات التي يتعاطى من خلالها السياسيون مع الملفات وأدت الى إسقاط الوطن بحيث أن سوء أدائهم السياسي الفاشل أوصلنا الى ما نحن عليه. لن تكون هناك مساومات وتنازلات انما سنعمل لاعادة بناء لبنان بطريقة سليمة وقانونية وعابرة للطوائف والمناطق”.

وفي ما خصّ انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه، قال: “الصورة أصبحت واضحة لدينا، ولكن سنعلن موقفنا في الوقت المناسب. نحن متماسكون وملتزمون مع بعضنا البعض في قرار موحد. الرسالة التي وجهها اللبنانيون في الداخل والخارج عبر شغفهم بالتغيير، هي أمانة في رقبتنا”.

أضاف: “القوة التغييرية الموجودة في نفوس الناس ستكون الرافعة الأساسية للوطن، وهناك حتمية في التغيير في السياسة لأن الانهيار الكبير حصل. نحن جنود سنقدم كل طاقتنا للتخفيف من الجحيم الذي هو من صنع المنظومة التي عليها تحمل كامل المسؤولية. لن نكون تعطيليين ولا الغائيين انما سنعمل وفق نهج مختلف تماماً”.

وأشار الى أن “عنوان المسيرة في البرلمان هو تطبيق القوانين والدستور والسيادة. عندما نطبق القوانين يمكن الخروج من المشكلات، لكن المنظومة الحاكمة عطلت العمل بالقوانين كما هناك سلاح يسيطر على الدولة. لذلك، لم ينفذ القانون ولا الخطط الاصلاحية. نحن نريد وقف هذا التعطيل الذي شلّ البلد”، لافتاً الى ضرورة “التعاون بين الجميع كي لا نبقى في الجحيم. من خلال القانون وبالحياة الديموقراطية التي نسعى الى تطبيقها يمكن أن نحقق الكثير من الانجازات، وسنتابع المسيرة مهما كلف الثمن”.

من جهته، أوضح النائب شربل مسعد “أننا أتينا لنصلح الخراب الذي تسببت به المنظومة على مدى عشرات السنين. نحن كفنا نظيف، ولم نشارك في السياسات الفاشلة. نحمل هموم الناس وطموحاتهم، ونعمل بكل شفافية لمصلحتهم. لدينا الايمان والارادة للتغيير ولاصلاح ما ارتكب بحق البلد وشعبه لأننا من الناس، وليست لدينا أساليب الطبقة السابقة من محاصصات وتسويات وصفقات”.

وقال: “في أي لحظة أشعر أنهم يعرقلون عملي سأصارح الناس بذلك، وليست لدي مشكلة في تقديم استقالتي عندما أجد نفسي عاجزاً عن القيام بشيء للناس التي تبهدلت وذلت”. وأشار الى “أننا ننطلق في عملنا من الدستور والشفافية في التعاطي بعيداً من التسويات. عندما نطبق الدستور ونعمل بشفافية الى جانب الارادة، نصل الى النتيجة التي نريد. سنكون صوت الشعب في المجلس”.

ورأى أن “من المبكر الحديث عن تكتل لأننا لا نزال في مرحلة التعارف بين بعضنا البعض انما بدأنا باللقاءات، ونحن متفقون على العناوين العريضة”، مؤكداً “سأكون الى جانب كل حزب أو تيار لديه مشروع قانون لمصلحة الناس وليست فيه محاصصة أو فساد. لن أدخل المجلس بروح عدائية انما سنكون الى جانب العمل الجيد وضد العمل السيء”. وأمل “أن نكون على قدر تطلعات الناس التي وثقت بنا”.

شارك المقال