ساسة الوطن على طريقة “الشيخ زنكي”

رامي عيتاني

انها الفوضى الشاملة في نهاية هذا العهد، مزيج غريب وعجيب في علاقاتنا مع الخارج، وفوضى في قرارنا الأمني الاستراتيجي الموزع بين قوى الأمر الواقع والقوى الاقليمية والدولية… وحدها المؤسسة العسكرية الوحيدة الباقية “صاغ”، لكن كل شيء يحاك من حولها لاخضاعها وإضعافها، ينشرون الشائعات عن طموحات رئاسية وأخرى عن انحياز لدى قيادتها الى المعسكر الغربي، وبالتالي يريدون إلغاء مقولة قوة لبنان بجيشه فأصبح “أبو سلة” رمزاً وطنياً تقفل من أجله الطرقات وتحرق الدواليب استنكاراً لجرف معامل المخدرات المنتشرة في البيئة التي تعاني من هول ارتكاباتهم. فالأهالي في بعلبك والهرمل يعيشون حالة غضب من هؤلاء الذين استباحوا كل شيء متسلحين بالخط الأحمر الموضوع بعناية لحماية “الطفار” خلافاً للسكان الآمنين أبناء العشائر المنتشرين في شرقي البلاد، وتأكيداً لهذه الحماية يخرج نائب بتصريح داعم لهؤلاء ويستنكر اجراءات جيشه. والسؤال: كيف يتجرأ أنصار “أبو سلة” على التظاهر في المتن الشمالي الذي كان مرتعاً للعونيين في سابق الأيام؟

هذا الكلام صدر حرفياً عن مسؤول سابق في حلقة مع زواره، وحين لاحظ أن أحد الحضور يسجل كلامه، قال: “سجل وانشر، ففي الجعبة الكثير من المعلومات عن الشذوذ المستشري على مستوى إدارات الدولة”.

وأضاف: “أخبرني من هو وزير خارجية لبنان؟ ومن يرسم له السياسة الخارجية؟ ومن يدير قصر بسترس الذي بات يشبه المركز الحزبي؟ وما هي أهداف الوزير مع المجتمع الدولي سوى فكفكة الأغلال التي وضعها (ماغنتسكي) في الأعناق؟ أما وزير الطاقة فشو بيشتغل؟ ومن يدير له الطاقة ومشاريعها الدسمة مع النفط الغزير مع (أوسكار) الشريك وقسائم (أورور) للمحروقات الانتخابية؟”.

وتابع المسؤول السابق سرد الرواية عن عهد لم ير له شبيهاً: “وزير المال يفتح المالية على توقيت عين التينة كما تفعل غادة القاضية المتمردة، فمهما علا شأن ما أقدمت عليه من ملاحقات (كيدية أم لا) لا تتساوى مع تمردها على المؤسسة القضائية. وكيف لوزير أن ينشط السياحة عبر التمني والاسترحام لنزع ما يعرف بلوحات طريق المطار الاعلانية وسط صمت مطبق لوزارة الداخلية على رد رئيس بلدية الغبيري؟”. وأكد أن “ما نراه لا تصدقه العين حين يجول وزير العهد المحظي بحماية جهاز رسمي وجيش جرار من المؤسسة العسكرية، فلا يجرؤ أحد على أن يقول لهذا الوزير: ما أحلى الكحل بعينك. مأساة لبنان مستمرة طالما أن هؤلاء مستمرون، مرشح وحيد لرئاسة مجلس النواب ونائبان مطلوبان للعدالة أدخلا عنوة ونكاية في لجنة الادارة والعدل”.

وصاح المسؤول السابق بحرقة أشعلت الحماسة والغضب لدى السامعين في الحلقة: “وامجلساه… رحم الله صبري حمادة وكامل الأسعد وليرحم الله صائب سلام ورفيق الحريري، كانوا مع الآخرين يشكلون زمناً جميلاً ندركه اليوم وسط هذا الجحيم”.

أما خارجياً، فقد اشتعلت أمس جبهة الغاز في مياهنا الاقليمية، حرب في الداخل بين القوى السياسية، البعض منها باع واشترى والبعض الآخر وزع الهدايا بين خطي ٢٣ و٢٩ علّ وعسى يقضي الله أمراً كان مفعولاً في أميركا، وقسم مارس التقية، دفن رأسه في الرمال، والشعب جائع تائه ينتظر طبخة البحص الغازية وينتظر “القائد الأعلى” الذي يراقب خط سير السفينة لاجراء المقتضى، فيما إسرائيل تجري مناوراتها وتحاكي تدمير لبنان عن بكرة أبيه (عنوان وقح) والمنظومة عندنا تتلهى بمعاركها الأوقح.

انه زمن دفن “الشيخ زنكي”، ساعة “دافنينو سوا” وساعة “كلن يعني كلن” أهالوا التراب على ضريحه ويؤدون اليوم الصلاة عن روح هذا الشعب الغائب، “ولا مين شاف ولا مين دري”…

شارك المقال