نصر الله يطلق معركة “تحرير الثروات”… ورأي الدولة “خلفه”

آية المصري
آية المصري

أخذ ملف ترسيم الحدود البحرية حيزاً كبيراً في الآونة الأخيرة وقفز الى الواجهة فجأة مع وصول السفينة الألمانية “اينرجين باور” الى المنطقة المتنازع عليها في الحدود البحرية الجنوبية، ما أدى الى إستنفار لبناني على كل المستويات خصوصاً أن السفينة هدفها التنقيب عن النفط والغاز لمصلحة إسرائيل في حقل “كاريش” الذي يملك لبنان حصة كبيرة منه.

وبعدما كثرت الأقاويل، تأكد مجيء الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل آموس هوكشتاين الى بيروت الأسبوع المقبل. واستبق الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله وصوله ورفع النبرة عالياً في خطابه الأخير، واصفاً الوسيط بغير النزيه وغير العادل والذي يعمل لمصلحة العدو. وكان أعلن أن ما جرى “يعد إعتداء على لبنان لوضعه أمام موقف صعب، وهذه الثروة كنزٌ وأملنا الوحيد لمعالجة الأزمات المتتالية ونحن بتنا أمام قضية لا تقل أهمية عن قضية تحرير الشريط الحدودي المحتل”. كما أكد وجوب “أن يرى العدو الشعب اللبناني بكتله وسياسييه في موقف ثابت وحاسم من هذه القضية”.

وما إن أنهى نصرالله خطابه حتى جاءه الرد السريع من إسرائيل عبر وزير المال أفيغدور ليبرمان الذي قال: “لم يملِ أحد علينا ما إذا كنا سنستخرج الغاز من مياهنا أم لا، إسرائيل ستواصل إتخاذ القرارات وفق مصالحها فقط من دون اعتبار لأي تهديدات”.

فما هي السيناريوهات التي باتت مطروحة اليوم؟ وهل سنشهد تصعيداً يوصلنا الى الحرب مع إسرائيل؟ وماذا في مضامين خطاب نصرالله؟

جواد: ربما نصل الى حرب

رجح المحلل السياسي غسان جواد في حديث لموقع “لبنان الكبير” تطور الأمور أكثر في الفترة المقبلة “بحيث نشهد إندلاع حرب في حال لم يفهم العدو الرسائل. وخطاب السيد نصرالله أعلن من خلاله إنطلاق معركة وطنية كبرى تشبه معركة تحرير الجنوب والبقاع الغربي وهي معركة حماية وتحرير الثروات الجنوبية، وذلك انطلاقاً من موقف الدولة وخلف الدولة تعزيزاً لأوراقها التفاوضية، وبحيث باتت الدولة قادرة اليوم على التفاوض من موقع قوة في التفاوض التقني غير المباشر مع العدو”.

وقال: “جاءت المقاومة لترمي بثقلها خلف الموقف الرسمي للدولة وخلف الدولة وهذا يعزز أوراق التفاوض ويجعل المفاوض اللبناني قادراً على أن يخوض مفاوضات متكافئة نوعاً ما لتحصيل الحقوق ومنع العدو من سرقة ثرواتنا. ومن جهة أخرى، المعادلة الثانية تتعلق بمنع استخراج النفط عبر الباخرة اليونانية التي حضرت مؤخراً وقبل أن يحل الموضوع مع لبنان”.

أضاف جواد: “المعادلة التي وضعها السيد نصرالله أن لبنان لن ينتظر ولن يسمح للعدو باستكمال استخراج الغاز الا عندما تنتهي المسألة ويجري تحديد حدود لبنان الحقيقية والإعتراف بها وبحقنا في استثمار هذه الثروات والمساهمة في حل أزمات البلد في هذا السياق”. 

الأمين: نصرالله يتحدث عن الدولة وهو الدولة

من جهته، أشار المحلل السياسي علي الأمين الى “الظروف المهيمنة علينا بسبب هذه المنظومة الحاكمة والتي يديرها السيد نصرالله نفسه، ولا يمكنه التحدث عن الدولة لأنه الدولة بأركانها الثلاثة. وهذا السلوك الذي قدمته المنظومة في التعامل مع موضوع ثروات لبنان النفطية وخاصة المتعلقة بترسيم الحدود مع الكيان الاسرائيلي، أوصلنا الى هذا المأزق وليس عدم حيادية الموفد الأميركي، وليس أطماع اسرائيل أو عدم أطماعها. وهناك تقصير فاضح الى حد الخيانة من هذه الأطراف التي تمسك بزمام الأمور والتي تعاملت مع هذه القضية بإستخفاف وبقلة مسؤولية وبلامبالاة. وحتى هذه اللحظة لا يوجد موقف واضح للدولة اللبنانية متعلق بهذا الترسيم، وعندما لا يكون هناك موقف واضح وكل جهة تتحدث بمنطق معين فهل يكون هذا بسبب الوسيط غير النزيه أم بسبب مسؤولية عدم قيام المسؤولين بمهامهم؟”.

وقال الأمين: “لم نعتد على حزب الله في كل مساره منذ العام 2005 حتى اليوم أن يكون مهتماً بأخذ رأي الدولة سواء عندما إفتعل 7 أيار أو عندما دخل سوريا، وعندما عارضته الأطراف الداخلية يومها أجاب: سنكون حيث يجب أن نكون. وبالتالي لم يهتم لرأي الدولة بل كان يشكك دائماً بأن الدولة عاجزة و(مش خرج)، اما اليوم فلا نعلم كيف باتت الدولة بحسب اعتقاده (خرج)”.

أضاف: “لا شك أن هناك غطاء إقليمياً ودولياً ونوعاً من المقايضات مع إيران بطريقة أو بأخرى، واليوم المجتمع الدولي وأميركا تحديداً يريدان زيادة إنتاج الغاز والنفط خصوصاً مع أزمة أوكرانيا وبالتالي هذا أمر استراتيجي دولي، وإسرائيل تتهيأ لتتمكن من البيع لأوروبا. وأعتقد أن إيران تعلم وحزب الله يعلم ولبنان يعلم بأن موضوع النفط لا يمكن الاستخفاف به وبالتالي المشروع الذي يحدث في إسرائيل على مستوى إستخراج النفط سيستمر. ومن هنا أضع نقاط إستفهام حول أن الباخرة اليونانية أتت ضمن ضمانات، فلنر من أعطى هذه الضمانات. اما دولياً فهناك نوع من المقايضات الإيرانية الإسرائيلية الأميركية التي حصلت، وملف مثل هذا لا يمكن لحزب الله الذي يقول انه يقف وراء الدولة أن يعطيه لرئيس الجمهورية أو لنبيه بري أو لجبران باسيل، فهذا ملف إقليمي بالدرجة الأولى ولا يمكن أن يكون في أياد لبنانية داخلية ولو كانت مسماة بالدولة”.

ورأى أن “الحل في حوار شفاف مع المجتمع الدولي وسعي جدي من أجل إستنقاذ حقوق لبنان، وليس إدراجه في لعبة الموازين الاقليمية والدولية”.

يتضح من كل ذلك أن نتيجة ملف ترسيم الحدود لم تتظهر بعد، والمؤكد أن لبنان ينتظر الوسيط الأميركي الذي ربما سيغير شيئاً في المعادلة. وبين ترسيم الحدود وإسرائيل ومواقف نصرالله ضاع المواطن وازدادت أوضاع البلد سوءاً.

شارك المقال