26 ساعة كهرباء يومياً… نعمة “العهد القوي”!

محمد شمس الدين

طالب وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض منذ مدة أصحاب المولدات الخاصة، بتأمين 16 ساعة كهرباء في اليوم. ومنذ يومين، اقترح تمويل احتياجات البلد من الفيول، عبر مصرف لبنان ووزارة المال، لتأمين الكهرباء من شركة كهرباء لبنان، بمعدل 10 ساعات في اليوم، مع زيادة تعرفتها. هو إنجاز غير مسبوق في تاريخ كوكب الأرض، كهرباء 26 ساعة في اليوم! لقد استطاع وزير الطاقة تحقيق المستحيل، وسيحصل حتماً على جائزة نوبل في العلوم، ويغيظ توماس أديسون في قبره. وسيكون هناك تمثال لمبدع جديد من لبنان، غير حسن كامل الصباح، ومن المرجح أن تتنافس عليه وكالات الفضاء الدولية، من “ناسا” و”تيسلا” وغيرهما، كي يساعدها في غزو الفضاء، أما الشعب اللبناني فهو يحب “النق” فقط، بينما يعيش بنعمة كهرباء “العهد القوي”.

هدنة بين ميقاتي وبعبدا؟

ضجت وسائل الاعلام منذ فترة بتصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن ملف الكهرباء، وعن سحب الوزير فياض بند مناقشة عروض كهرباء عن طاولة مجلس الوزراء، ثم ما لبث أن خفت وهج الموضوع، فهل السبب هو تهدئة الأجواء ليمر استحقاق تكليف رئيس للحكومة، لا سيما أن الأوفر حظاً هو ميقاتي نفسه؟

مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن “لا علاقة بين ملف الكهرباء وملف تكليفه مجدداً تولي رئاسة الحكومة، والدليل على ذلك أنه منذ يومين في المؤتمر الصحافي بعد الجولة التي قام في المطار، سئل مجدداً عن ملف الكهرباء، وأعاد التأكيد أنه بيد وزير الطاقة، الذي وعد بإنهائه، والرئيس ينتظر أن يقدمه الأخير ليبنى على الشيء مقتضاه. وفي الأصل، الرئيس ميقاتي لم يفتح معركة على العهد كي يرتبط الملفان ببعضهما البعض، الأمر تقني فقط، وهو سجال بين رئيس حكومة ووزير في حكومته، لا أكثر ولا أقل، وسيتم التعاطي معه من هذا المنطلق فقط”.

فياض عرقل عروض الكهرباء عمداً

من جهة أخرى، أشار مصدر حكومي لموقع “لبنان الكبير الى أن “ما ظهر على الاعلام من الخلاف بين ميقاتي وفياض ليس كل ما في الأمر، فمنذ مدة عرض الرئيس ميقاتي على مجلس الوزراء، استعداد شركة يملكها رجل أعمال عراقي، لحل أزمة الكهرباء في لبنان خلال 6 أشهر، وتأمينها 24 على 24، والعرض جدي جداً، ولكنه لن يطرح الأمر هو بنفسه، كي لا يخرج أحد ليتهمه بالسمسرة، وطالب الوزير المعني بأن يرسل وراء الشركة لدراسة الأمر، ولكن الوزير نام على الموضوع وقتها، ولم يبد ميقاتي ردة فعل، لذلك عندما سحب الوزير بند الكهرباء في الجلسة الشهيرة بعد عروض مستجدة، تيقن ميقاتي من أن الوزير لا يريد أن يحصل اللبنانيون على كهرباء، وكانت الفكرة أن يفتح باب التفاوض مع عدة شركات للحصول على العرض الأفضل، وكان الوزير فياض رافضاً للفكرة أساساً، إلا أنه اقتنع بها لاحقاً، حتى قبل الجلسة ليسحب البند ويعرقل كل ما تم الاتفاق عليه سابقاً، وطالب فقط بأن تخصص الأموال من أجل معمل سلعاتا، الأمر الذي أثار غضب ميقاتي”.

وانتقد المصدر ملف سلعاتا بأكمله، موضحاً أن “ما يسمى بمعمل سلعاتا الذي يصر عليه التيار الوطني الحر، تقنياً سيأخذ وقتاً من سنتين إلى ثلاث سنوات، فالموقع الذي يفترض إنشاء محطة الانتاج الجديدة عليه في وادٍ، وهذا يعني أنه يجب القيام بعمليات ردم من أجل رفعه، كي يكون هناك إمكان شبك خطوط نقل الكهرباء مع الشبكة الرئيسة في لبنان، بينما اليوم هناك معملان مشبوكان أصلاً مع الشبكة، هما الزهراني ودير عمار، وبقوتهما القصوى اليوم يتمكنان من تأمين 18 ساعة كهرباء للبنان، وإذا تم تطويرهما بدل إنشاء معمل جديد يستطيعان تأمين الكهرباء 24 على 24، ولكن التيار الوطني الحر يصر على سلعاتا، وكأنه يهدف إلى عدم إنارة لبنان، وحرمان المواطنين من الكهرباء عمداً”.

لا نهوض اقتصادياً من دون كهرباء

يجمع خبراء الاقتصاد على أن أي إصلاح للاقتصاد اللبناني يبدأ من قطاع الطاقة، فلا مستثمرين جدداً طالما لا توجد كهرباء لمصانعهم ومعاملهم وشركاتهم. وفي هذا السياق، أشار مصدر يعمل في السلك الديبلوماسي في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “لبنان أرض خصبة للاستثمارات، ولكن هناك ملفان يبعدان المستثمرين، الأول هو حزب الله وسلاحه والخوف من أن يدخل لبنان في مغامرة تتسبب باضطراب أمني، مما يضرب قيمة أي استثمار، ولكن لطالما كانت هناك سبل لأخذ ضمانات من الحزب، وكانت فرنسا عادة تتولى هذا الأمر عبر علاقتها مع إيران، لذلك الملف الثاني يسبق ملف الحزب فعلياً، وهو ملف الكهرباء، العقدة التي لم يستطع لبنان حلها، واليوم تقول شركات عالمية عرضت أن تحل أزمة الطاقة في لبنان، أن السبب في عدم السماح لها بذلك هو أن من يدير ملف الطاقة في لبنان يريد الحصول على عمولة، وهذا ما لا تتعامل به الشركات الكبيرة كسيمنز وجنرال الكتريك وغيرها، وقد أصبح موضوع الكهرباء في لبنان، محط سخرية وتنكيت بين السياسيين والديبلوماسيين الغربيين، وتحديداً في أوروبا”.

شارك المقال