قرار مولوي يتفاعل في أروقة بلدية طرابلس… هل أخطأ؟

إسراء ديب
إسراء ديب

تتفاعل قضية إحالة رئيس بلدية طرابلس رياض يمق إلى النيابة العامّة المالية وديوان المحاسبة باتهامات هدر المال العام وعدم الحفاظ على الأملاك العامّة بين الطرابلسيين، الذين يُعلنون صراحة عدم تقبّلهم العمل البلدي في الأعوام الأخيرة، في وقتٍ كانت قد اشتعلت هذه البلدية “قلباً وقالباً” بأحداث، أزمات ومشكلات لم تتوقف ولم تستكن لحظة.

ولم تمرّ ساعات على إصدار وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي هذا القرار الذي رآه البعض صادماً، فيما رآه آخرون محقاً، حتّى طلب من محافظ طرابلس والشمال رمزي نهرا تحديد موعد لجلسة تستهدف طرح الثقة برئيس البلدية في أقرب موعد، ما دفع الكثير من المرجعيات القانونية والبلدية إلى رفع سقف الأسئلة والرفض لهذا الإجراء الذي يأتي “مضاداً أو معاكساً لقانون تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لعام إضافي”، الأمر الذي أحدث تضارباً في المعلومات والتحليلات التي تزيد من حجم الاستفزاز والقلق من إجراءات يتبعها وزير الداخلية ويبدو أنّها ستكون “مرفوضة” عند الكثير من المواطنين نظراً الى شعورهم بالغبن القانوني والاجتماعي بشكلٍ واضح، إذ يتساءل كثيرون: لم التركيز على بلدية طرابلس دون غيرها؟ ولماذا لم يُعتمد هذا الإجراء مع بلديات أخرى لا يغيب عنها الفساد أو التقصير؟

وفي التفاصيل، أنّ الإجراء الذي اتخذه مولوي، جاء بعد قيام 8 أعضاء من المجلس البلديّ بتوجيه كتاب في 9 أيّار الفائت، إلى الوزير عبر نهرا علّقوا فيه على قانون التمديد، معتبرين أنّ “القانون 285/ 2022 الذي مدّد ولاية المجالس البلدية والاختيارية، لم يمدّد ولاية الرئيس ونائب الرئيس، وأنّ المادة 21 من القانون كرّست حق أعضاء المجلس البلدي بانتخاب الرئيس ونائب الرئيس ونزع الثقة منهما أو من أحدهما بالأكثرية المطلقة من مجموع أعضائه، بناءً على عريضة يوقّعها ربع هؤلاء الأعضاء”. وقالوا: “نطلب من سعادتكم، وأنتم الحريصون على صون الحقوق وتطبيق القوانين المرعية، الموافقة على طلب انتخاب رئيس جديد ونائب لرئيس بلدية طرابلس”.

ومع أنّ نائب الرئيس، وهو خالد الولي، كان قد قدّم استقالته منذ فترة وجيزة، أيّ في أواخر الشهر الفائت، الا أن معطيات “لبنان الكبير” تشير إلى أنّ ظهور الخلافات إلى العلن أخيراً بين مولوي ويمق هذه المرّة، كانت مع “دفشة” من نهرا، لا سيما بعد قضية سوق الخضار التي تفاعلت خلال الأشهر القليلة الماضية.

أخطاء إدارية وجهل قانوني

يعتبر مرجع قانونيّ أنّ “قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لم يلحظ سحب الثقة من الرئيس ونائبه ولو كان من ضمنه سحب الثقة، لتضمّن في القرار الذي صُدّق عليه في المجلس النيابي ونشر في الجريدة الرسمية، مهلة معيّنة لسحب الثقة في ما يخصّ الرئيس ونائبه، أمّا طلب الوزير وحديثه عن جلسة لطرح الثقة بالرئيس ونائبه أو إجراء انتخابات فهو استنسابيّ، ما يُعرّض قراراه للبطلان أمام المراجع القضائية المختصّة وتحديداً مجلس شورى الدّولة”.

ويُضيف في حديث لـ “لبنان الكبير”: “نجد اتهامات عدّة في ملفات متنوّعة تطال يمق ونحن لسنا بصدد الدفاع عنه أو مهاجمته، لكنّنا نأسف للواقع الذي وصلت إليه البلدية التي تتمتّع بحيثية جغرافية، تاريخية، وإدارية مهمّة”.

وكان الدكتور محمّد نديم الجسر نشر منشوراً تعليقاً على قانون تمديد ولاية المجالس البلدية، جاء فيه: “بعد أنْ مددت ولاية المجالس البلدية، فإنّ كلّ أعضاء المجلس البلدي، وكذلك السلطة التقريرية فيه، يُصبحون ممدداً لهم… الدعوة إلى انتخاب رئيس جديد لبلدية طرابلس غير قانونية بصورة مطلقة، أمّا إذا كان قرار وزير الداخلية قد استند إلى الدعوى العامّة المقامة على رئيس البلدية، فإنّ كف اليد يجعل نائب رئيس البلدية يحلّ محل الرئيس، علماً أنّ كف اليد رهن بصدور القرار الظني بتجريم رئيس البلدية وإحالته على المحاكمة”.

بدوره، يتحدّث عضو مجلس البلدية جميل جبلاوي عن تفاصيل يراها أنّه أريد بها أخذ “المواطن بالعجقة”، بعيداً عن الاجراءات القانونية السليمة والدقيقة. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إنّ القانون الذي صدر عن مجلس النواب بعد مرسوم مجلس الوزراء والذي ينصّ على التمديد، دفع بعض أعضاء المجلس إلى الطلب من دائرة الاستشارات والقضايا تفسير القانون وتوضيحه، متسائلين عن صحة شمل التمديد لرئيس البلدية ونائبه من عدمه، فإذا كان جوابها لا، فهذا يعني أنّ الانتخابات يجب أن تشمل كلّ البلديات، وفي حال شمولهما بالتمديد سينطبق على طرابلس ذلك أيضاً. أمّا الموضوع الآخر فيكمن في أنّ يمق كان قد طالب شخصياً قبل ما يُقارب الثلاثة أشهر بعد استلامه الملفات التي تتحدّث عن الهدر المالي والتي كانت مجتزأة، بتحويلها إلى النيابة العامة المالية، وكان على وزير الداخلية حينها أن يُنفذ طلب الرئيس”.

ويضيف: “لم يصل حتّى اللحظة الى المجلس البلدي أيّ تفصيل رسمي أو مسوغ قانوني واضح حول أيّ قرار من وزير الداخلية، وللأسف لا يُمكنهم أن يُعاملوا طرابلس وبلديتها بهذا الأسلوب والاستخفاف الذي لا يليق بها، وإذا لم تجر الأمور بطريقة قانونية صحيحة، فلن يكون المجلس معنياً بها أبداً”.

ويتابع: “نطالب بإبلاغنا بكلّ القرارات حسب الأصول، فمن يأخذ شرعيته من الشعب لن يأخذها من وزير، وليُفسروا قانون التمديد ويُحدّدوا تفاصيله كما ليُثبتوا هذه التهمة على يمق الذي لا ندافع عنه إذا كان مخطئاً، لكن المتهم يبقى بريئاً حتّى تثبت إدانته، ما يعني أنّه لا يُمكن لأحد أن يستهدف بلدية طرابلس بهذه الطريقة بلا دليل دقيق وبمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي”.

شارك المقال