بري “منزعج” من هوكشتاين؟

آية المصري
آية المصري

إنتهت زيارة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل آموس هوكشتاين من دون الكشف عن مضمون الرد اللبناني على إقتراحاته السابقة وعن مضمون الاقتراح الذي أبلغه به رئيس الجمهورية ميشال عون. وقبل مغادرة هوكشتاين لبنان زار رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أشار الى أن “إتفاق الاطار يبقى الأساس والآلية الأصلح في التفاوض غير المباشر إستناداً الى النصوص الواردة فيه والتي تدعو الى إستمرار اللقاءات وصولاً الى النتائج المرجوة والتي تقتضي ترسيم الحدود من دون المساس بلبنان في الحفر”. وفي السياق نفسه، أكدت مصادر قريبة من عين التينة في أحاديث صحافية أن “كلام الرئيس بري يعني أن ما يقوم به الوسيط حالياً يخالف إتفاق الإطار الذي جرى التوصل إليه مع الأميركيين، وأن الرئيس بري كان يقصد العودة الى هذا الاتفاق بموافقة الاسرائيليين او عدم موافقتهم على مطالب لبنان”. فهل الرئيس بري منزعج من هوكشتاين؟ وهل فعلاً ما قام به هوكشتاين يخالف إتفاق الإطار؟

لبنان قطع الصعب

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير”، أوضحت مصادر مطلعة على أجواء المحادثات ومقربة من “الثنائي” أنه “منذ عودة الوسيط الأميركي الى الملف في أواخر العام 2021 وبعد أول زيارة له قال انه سيقوم بزيارات متعددة بين البلدين ورحلات مكوكية لتقريب الفروق بهدف الانتقال والوصول الى إجتماعات الناقورة وفقاً لاتفاق الإطار. ولبنان حذر من هذا التفاوض لأنه لا يريد الدخول في تفاوض مع العدو الاسرائيلي الا تحت رعاية الأمم المتحدة، والزيارات المكوكية من هذا النوع يمكن أن تكون لفترة معينة كي تتمكن من إعادة تأهيل الحوار غير المباشر وتنطلق تحت رعاية الأمم المتحدة وهذا جوهر الموضوع وما نؤكد ونشدد عليه، أن يبقى هوكشتاين الآلية الأصلح والأنسب وبالتالي لبنان قطع الصعب”.

وأشارت هذه المصادر الى أن “ما يحدث مخالف لإتفاق الإطار لأننا هكذا ندخل في المفاوضات مع العدو الاسرائيلي، وبحسب إعتقاد هوكشتاين فان الفروق والتباعد لم تعد مماثلة للفترة الأولى وبالتالي أصبحت هناك وجهات نظر قريبة ولهذا السبب سيرسل الجواب اللبناني الى الجهة الثانية وسيدعو الى طاولة المفاوضات. فلا توجد وسيلة قائمة بيد لبنان الا عبر الأمم المتحدة وفي الناقورة، وفي البر هناك لجنة ثلاثية وفي البحر لجنة رباعية. وبالتالي الرئيس بري عازم على إتمام المفاوضات غير المباشرة من خلال العودة الى طاولة الناقورة لاستئنافها برعاية ووساطة أميركية لأن هذا ما نص عليه الإتفاق”.

أضافت المصادر: “طلبنا منذ البداية عدم أخذ الكثير من الوقت وهوكشتاين حريص على عدم الوصول الى الناقورة وأن تتوقف المفاوضات كما حصل في بداية الموضوع. وعندما تم إعداد الإتفاق استغرق عشر سنوات وبالتالي قطعنا الصعب، اضافة الى أنه عندما تتفاوض مع العدو يتطلب الموضوع نفساً طويلاً فلا يمكننا أن ننسى أنهم إحتلوا لبنان ما يقارب 22 سنة”.

القضية شعبوية بامتياز

أما العميد المتقاعد خليل الحلو فاعتبر أن “كل ما يتم نشره خصوصاً الأحاديث الأخيرة تعني (كل شي وماشي)، وكل هذه الأحاديث ليست جدية وهناك طرفان يتفاوضان مع بعضهما البعض. وأعتقد أن لبنان يريد العودة الى الخط 23 ويريدون التفاوض على هذا الأساس ومن الممكن ربط النزاع بالخط 29، ومع الأسف هذه القضية أصبحت شعبوية بإمتياز”.

ولفت الحلو الى أن “ملف ترسيم الحدود البحرية وتحديداً الخط 23 رسم في العام 2007 وصدقت عليه الحكومات اللبنانية المتعاقبة وتم التفاوض المباشر مع العدو الاسرائيلي على أساسه حتى العام 2020. وبعد الكثير من الجهد المبذول توصلنا الى إتفاق إطار من خلال البحث عن حلّ يرضي الطرفين ما بين الخط 23 والخط 1 والذي رسمه لبنان كمسودة. والأخبار التي تداولت يومها عن إتفاق الإطار أن هناك خطاً سيرضي الطرف اللبناني من جهة والطرف الإسرائيلي من جهة أخرى، وهذا ما أعلن عنه الرئيس نبيه بري وعند الوصول الى مفاوضات الناقورة ظهر الخط 29”.

وقال: “الخط 29 على الأرجح قانوني، ولكن في حال كان قانونياً فلماذا وضع على طاولة الناقورة خارج إتفاق الإطار؟ ولماذا توقفت المفاوضات كلها والتأخير الواضح في إستخراج النفط والغاز؟ وبالتالي اليوم مصلحة لبنان بإستخراج النفط والغاز وفي حال هناك نزاع على الخط 29 فليس ضرورياً ربطه بالمفاوضات لأن لا دول في العالم لديها نزاع بحري على أساس القانون البحري الجديد وتوقف كل شيء من أجل النزاع الموجود”.

أضاف: “ما قيل في جريدة الأخبار حديث ديبلوماسي، وفي حال كان يعني العودة الى إتفاق الإطار والى التفاوض على الخط 23 وتأجيل مشكلة الخط 29 فتكون نتيجته جيدة وبإمكان السلطة اللبنانية أن تتصرف كما يحلو لها خصوصاً وأن الخط 29 لا يملك بعد تصديقاً قانونياً وغير صادر بمرسوم”.

الخلافات لا تنتهي، ولكن أولوية الجميع مصلحة لبنان بالحفاظ على ثرواته البحرية والنفطية، وعلى الرغم من أن لا أحد يعلم مضمون الرد اللبناني الا أن الأجواء الإيجابية ربما تكون سيّدة الموقف في الفترة المقبلة، وتكون العودة الى إتفاق الإطار الوجهة التالية والتي ستؤدي الى إستئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة. وبالتالي يبقى السؤال متى سيبدأ لبنان بالتنقيب ويستخرج ثرواته؟ وهل من مقايضات سريّة وعلنية سيشهدها؟

شارك المقال