لبنان يحتاج إلى مطار ثان… من عطّل المشروع؟

محمد شمس الدين

عاد الحديث مجدداً عن استحداث مطار ثان للبنان، ومن يتحدث بهذا الأمر هي في الغالب القوى التي تحمل لواء السيادية، ولكن طريقة الطرح تكون من منطلق سياسي، بحيث تتهم “حزب الله” بالسيطرة على مطار رفيق الحريري الدولي، وتطالب بمطار “سيادي”، يكون خارج سيطرة الحزب، بينما يغيب الشق التقني عن هذه المطالبة، فلا أحد يتحدث عن جدوى وجود مطار ثان، ولا أحد يسأل إن كان يفيد البلد اقتصادياً ولوجيستياً، والسؤال الأهم هل تم طرح الملف جدياً أمام الوزراء أم هو مادة للنكد السياسي بين الفينة والأخرى؟

حزب “القوات” قد يكون أكثر فريق سياسي يطالب جهراً بمطار آخر، وفي هذا السياق أشار القيادي في الحزب والنائب السابق أنطوان زهرا في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “لا بلد في العالم يعيش على منفذ واحد، لا بري ولا بحري ولا جوي، والأمر الآخر هو الاكتظاظ الذي يسببه موقع المطار على مدخل العاصمة، وتناقشنا سابقاً في مجلس النواب في حلول لأزمة السير، ووقتها سألت أنا: كيف يمكن حل أزمة السير في عاصمة يحدها من مدخلها الجنوبي المطار الوحيد، ومدخلها الشمالي المرفأ الوحيد الناشط؟ كل الأسباب الواقعية والاقتصادية والاجتماعية تقتضي وجود أكثر من مطار في لبنان، فلا يجوز أن تجمع الشحن الجوي مع الرحلات الخاصة، إضافة إلى الرحلات الاستثنائية الكثيفة التي تحصل في زمن السياحة أو الحج. وطبعاً هناك الموضوع السياسي، اذ لا يمكن أن يكون هناك فريق مسيطر على أي موقع من مواقع لبنان خارج إطار الدولة اللبنانية، عندها تكون السيادة منقوصة، ولكن هذا ليس الهدف الأساس لطرح مطار ثان، بل الأساس هو الشق الاقتصادي، ولا توجد دولة في العالم تعتمد على مطار واحد”.

أما لجهة طرح الموضوع رسمياً في الدولة، فأكد زهرا أن “من المهم أولاً معرفة أن الأمر ليس بحاجة الى مشروع قانون في مجلس النواب، بل يحتاج فقط إلى قرار من وزارة الأشغال ويرفع إلى مجلس الوزراء، إما يأخذوا القرار بالإجماع، أو يتم التصويت عليه بالنصف زائداً واحداً، وينتقل الى التطبيق، وقد عملنا على الملف مع وزراء الأشغال المتعاقبين”، لافتاً الى أن “لدى لبنان مطارات شبه جاهزة، حامات والقليعات وحتى رياق يمكن تحويله إلى مطار مدني إن اقتضى الأمر”. وذكر بأنه “في زمن الاضطرابات مع سوريا، مطار القليعات غير ممكن، لذلك مطار حامات هو الأفضل، ويوجد فيه مدرج ومعدات الملاحة الجوية، لأنه يستعمل من الطيران العسكري الأميركي لدعم الجيش اللبناني”.

أما وزير الأشغال العامة الأسبق غازي العريضي فأكد أنه عمل على إنشاء مطار ثان للبنان، وهو في الشمال مطار رينيه معوض (القليعات)، وقد زاره مرتين من أجل الإطلاع على التفاصيل، وحضّر الملف كاملاً ووضع الملف على طاولة مجلس الوزراء، ولكن حينها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو من طيّر الملف. وسرد العريضي لـ”لبنان الكبير” رواية المشروع، قائلاً: “وقتها قلت أنتم ترتكبون خطيئة كبيرة،. أما عن سبب تطيير الملف، فهو أن البعض ذهب إلى زاوية أن هذا المطار في الضاحية، وصار كل فريق يريد مطاراً في مناطقه، بينما أنا قاربت الملف من منطلق اقتصادي انمائي بحت، وحينها كنت قد استطعت تنفيذ مرفأ طرابلس بالقوة، الذي وفر مئات فرص العمل لأبناء المدينة، وكانت لدي قناعة بأن هناك ثلاثة مشاريع يمكن أن تؤمن آلاف فرص العمل: مرفأ طرابلس، سكة الحديد بين طرابلس والعبودية والترانزيت على العالم العربي، ومطار رينيه معوض، وكانت هناك وقتذاك مشكلات في طرابلس، وشُنت حملة ضدها عبر وصفها بالإرهاب، وكان ردنا لا طرابلس ولا الشمال إرهاب، ولا توجد طائفة إرهابية ولا بيئة حاضنة للإرهاب، وذكّرت بما فعله الرئيس الشهيد رفيق الحريري أثناء أحداث الضنية، وكيف غطى الجيش في المعركة آنذاك. وطرحي للموضوع كان من زاوية التنمية وخلق فرص عمل، في منطقة محرومة ومظلومة، والمطار شبه جاهز أصلاً، يحتاج إلى بعض التطوير، وتركيب العدة، وبناء برج مراقبة، وطبعاً تحضير القوى الأمنية من جمارك وأمن عام وغيرهم فيه، ومدرجه أكبر حتى من مدرج المطار في بيروت”.

النائب غازي زعيتر، الذي شغل منصب وزير الأشغال سابقاً أيضاً، نفى أن يكون الموضوع طرح في فترة توليه الوزارة، موضحاً “أننا وقتها كنا حكومة تصريف أعمال في عصر الفراغ الرئاسي، وكان يجتمع مجلس الوزراء ولكن من دون صلاحيات كاملة، والحديث في الموضوع كان عبر الإعلام فقط ولكن لم يطرح جدياً لا على الوزارة ولا على طاولة مجلس الوزراء”، معتبراً أنه “اذا كان المطار الثاني أمر يحتاجه لبنان، وله جدوى اقتصادية واجتماعية، فلا نمانع في أي منطقة كان، القليعات أو حامات أو غيرها”.

ورأى مصدر أمني متقاعد أن “هناك قطبة مخفية في موضوع مطار القليعات، الذي هو الأنسب تقنياً ولوجيستياً للبنان”، قائلاً: “من أجل تشغيل المطار يحتاج لبنان إلى التنسيق مع سوريا، كون الطائرات ستمر فوق الأراضي السورية، وهذا ما ترفضه قوى عدة في البلد. هذا الدلع يؤثر سلباً على لبنان، حيث أنه لا يوجد بلد في العالم يعتمد على مطار واحد، فماذا لو كان هناك عطل في مطار رفيق الحريري الدولي؟ ماذا لو أن الطقس قرب البحر يمنع الملاحة الجوية؟ لا منطق أبداً في حصر الملاحة الجوية للبنان في مكان واحد”.

أما عن كون “حزب الله” هو من يعطل إنشاء مطار ثان في لبنان، فرد المصدر: “مش كل ما واحدة حبلت نضع اللوم على حزب الله”.

شارك المقال