22 ساعة كهرباء لجبيل… والطاقة البديلة لباقي البلدات!

محمد شمس الدين

الموسم السياحي سيكون فاشلاً حتما من دون كهرباء، عقدة لبنان الأزلية، وحتى بعيداً عن الراحة الشخصية للسائح في الفندق، والحاجة إلى التكييف في موسم الطقس الحار، فالمطاعم تحتاج إلى تشغيل معداتها من ثلاجات وأفران وغيرها، والنوادي الليلية تحتاج إلى مكبرات الصوت والتقنيات الضوئية، أما المسابح فأهم ما تحتاجه هو المضخات وآلات فلترة المياه، حتى أن الإضاءة نفسها وفي وضح النهار تحتاجها المواقع الأثرية، مثل القلاع والكهوف. وفي هذا السياق انتشر خبر أن مدينة جبيل ستؤمن لها الكهرباء 22 ساعة يومياً في الموسم السياحي، ما أثار نوعاً من الجدل، لماذا جبيل هل هي وحدها مدينة سياحية؟ ماذا عن بقية المناطق؟ وكيف سيتم تأمين هذه الكهرباء وعلى حساب من؟ ومن أين ستؤمن المحروقات لتوليد هذه الطاقة؟

لم يقرأ معظم اللبنانيين تفاصيل الاعلان عن تأمين الكهرباء لمدينة جبيل، اذ أنها لن تكون عبر مؤسسة كهرباء لبنان، بل عبر شركة “بيبلوس” التابعة لامتياز كهرباء جبيل، الشبيه بكهرباء زحلة. وأعلنت الشركة في بيان أنه “إبتداء من الثلاثاء المقبل في 21 الحالي، ولمناسبة حلول فصل الصيف، ودعماً لبرنامج وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال المهندس وليد نصار، السياحي (أهلا بهالطلة)، وانسجاماً مع مطالب البلديات والتنسيق معها، سيتم تأمين التيار بواسطة المولدات 22 ساعة من أصل 24 ساعة يومياً، ويكون التقنين فقط من الساعة 3,30 إلى 5,30 فجراً، على أن تخفف ساعات التغذية التي ستؤمنها لنا مؤسسة كهرباء لبنان من عدد أوقات التقنين”. وطلبت من جميع مشتركيها “اعتماد التقنين الذاتي للتوفير بالفاتورة وفقاً للامكانات المادية لكل مشترك”. ولكن هنا يحضر السؤال، كيف سيتم تأمين المحروقات لتأمين هذه الطاقة؟

مصدر نفطي أكد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه “طالما الدفع بالفريش دولار، فالمازوت يكون متوافراً، وليست هناك أزمة فعلياً بشأنه، بل بالبنزين فقط، لأن هناك 10% لا يزال يؤمنها مصرف لبنان للشركات، وعندما يرفع الدعم كلياً لن تكون هناك أي أزمة، طالما تمتلك الشركات دولاراً، وإن حصلت اليوم أزمة مازوت، فالسبب هو تأخر السفن فقط، لأن المازوت يتم تأمينه من روسيا، أما البنزين فمن أوروبا، لذلك ليست هناك مؤامرة أو صفقة في موضوع كهرباء جبيل، كل ما في الأمر أن البلدة وفعالياتها سيؤمنون الفريش دولار ويشترون المازوت بصورة طبيعية لتأمين الكهرباء للبلدة 22 ساعة في اليوم، وهم بذلك سيستغنون عن كهرباء الدولة، وستكون السلبية الوحيدة لهذه الخطوة الكلفة العالية لفاتورة الكهرباء، الذي ربما لن يستطيع تحملها العديد من المواطنين”.

إذاً امتياز كهرباء جبيل يؤمن الكهرباء 22 ساعة، وهو بذلك يتشابه مع امتياز كهرباء زحلة، وهناك طبعاً التجربة الناجحة جداً للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، حيث استطاع رئيس المصلحة سامي علوية الافادة من كامل إمكانات الطاقة الكهرومائية التابعة للمصلحة، وتسخيرها لتأمين الطاقة للعشرات من القرى. أما المناطق الأخرى فتعيش ظلاماً وتقنيناً حتى من المولدات، في ظل غياب كهرباء الدولة، وتحديداً المناطق السياحية منها، فهل ستكون لكل منطقة شركة خاصة تملك امتيازاً؟

في هذا السياق، أشار مصدر سياسي الى أن “الفكرة واردة منذ ما قبل الانتخابات، وكان هناك تلميح إليها عبر طرح موقع ملعب الغولف لبناء محطة كهرباء، ولكن بعد الجدل الذي حصل، سحبت الفكرة من التداول. وكذلك الثنائي الشيعي يفضل أن يكون هناك تطوير لمعمل الزهراني، بدل الذهاب إلى امتيازات خاصة. كما دخلت الطاقة البديلة بقوة إلى الساحة، والتوقعات أنه في نهاية العام 2022 سيكون هناك حوالي 300 ميغاواط ستدخل إلى شبكة الكهرباء، من الطاقة الشمسية، ويجب أن تعمم الفكرة، وتحديداً في المناطق المحرومة مثل بعلبك – الهرمل وعكار وطرابلس، لأنه إذا انتظروا الدولة فلن ينعموا بالكهرباء أبداً”.

ينتظر لبنان اليوم (الثلاثاء) توقيع الاتفاقية مع سوريا ومصر والأردن، والتي من المفترض أن تؤمن استجرار 700 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً من مصر عبر سوريا، بحيث تكون حصة الأخيرة من هذا الغاز 8%، وحصة لبنان النهائية 650 مليون متر مكعب، مما سيؤمن 400 ميغاواط من الكهرباء، أي ما يعادل 4 ساعات يومياً، على الأقل هذا ما يقوله وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، ولكن هذه الاتفاقية ستكلف 300 مليون دولار، وبغض النظر إن كان التمويل من البنك الدولي أو من خزينة الدولة، ألم يكن من الأفضل إقراض المواطنين هذا المبلغ؟ فهو بدلاً من أن يؤمن 4 ساعات كهرباء يومياً لمدة سنة، يستطيع تأمين 24 ساعة كهرباء، عبر الطاقة البديلة، لمئة ألف وحدة سكنية على مدى 10 سنوات، وفق ما يقول الخبراء. وبينما العالم يتجه الى التخلي عن الطاقة التي تعتمد على المحروقات في أقل من 30 سنة، لا يزال لبنان يصارع من أجل تأمين الطاقة بضع ساعات بالوسائل التقليدية، وعندما يصبح العالم معتمداً على الطاقة البديلة، سيكون لبنان لا يزال يعتمد على الغاز أو الفيول، وهذا يدل على ضعف الرؤية عند المسؤولين في الدولة.

شارك المقال