تطبيق قانون السير… على وقع إقفال “النافعة” وتكلفة المعيشة

محمد شمس الدين

أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي منذ يومين عن حملة أمنية لتطبيق قانون السير قدر المستطاع، وبالفعل انتشرت أمس القوى الأمنية في المناطق، وتحديداً في بيروت، فرفعت الحواجز وبدأت بملاحقة المخالفين، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بين الناس، فمن جهة “النافعة” لا تفتح كل أيام الأسبوع، مما يجعل من الصعب على الناس تسجيل آلياتهم لتصبح قانونية، ومن جهة أخرى الوضع الاقتصادي للمواطنين أجبرهم على الاتجاه إلى الدراجات النارية، ليخففوا عنهم كلفة النقل العالية، وبالتالي اعتبر الكثير من المواطنين أن ما يحصل ظلم، وأن تطبيق القانون لا يكون إلا على الفقير، متسائلين عن أولويات الدولة، فهل المواطن الذي يقود دراجة نارية مرغماً، هو المجرم الكبير الذي يجب أن تلاحقه الدولة؟

مصادر وزارة الداخلية أوضحت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه “بعد ورود شكاوى كثيرة إلى الوزارة، وبناء على طلب اتحادات النقل البري، أتى قرار الوزير بسام مولوي بالطلب الى قوى الأمن الداخلي توقيف سيارات النقل العام بلوحات خصوصية (لوحة بيضاء) أو (عمومية) مزورة، والتي من خلالها يعتدي أصحابها على لقمة عيش أصحاب السيارات العمومية النظامية”.

أما في ما خص الدراجات النارية، فشددت المصادر على أن “هذا القرار أتى لأسباب أمنية بعد تكاثر الدراجات غير النظامية أو المسروقة التي يستخدم معظمها في عمليات السرقة والنشل وتوزيع المخدرات، والتي كانت موضوع شكاوى عديدة وصلت إلى الداخلية من المارة والمشاة، فضلاً عن تهديد هذه الدراجات السلامة المرورية”، مشيرة الى أن “ما اعتاد عليه البعض لجهة استخدام دراجات نارية مخالفة ومن دون ضوابط، هو أمر فضلاً عن مخالفته القانون، يهدد الوضع الأمني ويؤدي إلى ترويع المواطنين ويشكل تهديداً لأمنهم وسلامتهم وممتلكاتهم”.

وأكدت أن “حرص الوزير مولوي على تطبيق القانون يوازي حرصه على السلامة العامة، وبالتالي فليس هدفه زيادة أعباء على المواطنين بقدر إصراره على المحافظة على الأمن. لذا، فالوزير مولوي سيأخذ في الاعتبار كل ما يتعلق بأوضاع المواطنين ووضع الادارة العامة”.

أما رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس فقال لموقع “لبنان الكبير”: “ان ما يهم الاتحاد اليوم هو توقيف المخالفين، الذين يستعملون النمر البيضاء كسيارات أجرة، فهذا يظلم السائقين القانونيين ويضر بلقمة عيشهم، وكذلك يجب أن تتوقف التطبيقات الالكترونية التي تسمح للدراجات النارية والسيارات الخصوصية بأن تنقل الناس كسيارة أجرة. هذه المخالفات تؤثر على النقل العام القانوني، إضافة إلى المخاطر الأمنية التي قد يقع فيها المواطنون، بسبب تفلت النقل العام والسماح لأي شخص بممارسته، عدا عن الخطورة الدائمة من الدراجات النارية، التي ليس مسموحاً لها أن تعمل في نقل الركاب”.

أحد العاملين في تطبيقات النقل، ويدعى محمد، يقود دراجة نارية ويعمل عليها، وأكد أنه لم يكن ليمارس هذا العمل لولا الأزمة الاقتصادية، فراتبه لا يكفيه لفاتورة مولد الكهرباء الخاص، وهو مضطر للعمل من أجل تأمين قوت يومه له ولعائلته، وقد وجد في العمل مع التطبيق الحل الأنسب.

أضاف: “قبل الأزمة كان المعاش بالكاد يكفيني، ولكن الحمدلله كانت مستورة، اليوم الراتب لا يكفي فاتورة المولد، بل حتى لا يكفي لتأمين المأكل والمشرب، وأنا أمتلك دراجة قانونية منذ ما قبل الأزمة، ووجدت الفرصة في العمل مع التطبيق، الذي أستطيع من خلاله تأمين حياة كريمة لي ولعائلتي. أنتهي من عملي الساعة الرابعة بعد الظهر، أذهب الى المنزل حوالي ساعة للأكل والراحة، ثم أشغل التطبيق، وأبدأ بتلقي الطلبات حتى آخر الليل”.

وتابع محمد: “الموضوع لا يفيدني وحدي أو يفيد سائقي الدراجات النارية الذين يعملون في هذا المجال وحسب، فمئات بل آلاف الموظفين يعتمدون علينا، لأن كلفة النقل أصبحت غالية جداً، وبما أن الكلفة عبر استعمال الدراجات النارية التي تتعاون في التطبيق رخيصة نسبياً فقد وجدوها الحل الأنسب، وسيتأثر هؤلاء في حال ألغيت هذه الخدمة، وربما لن يستطيعوا الذهاب إلى أعمالهم بسبب كلفة النقل”.

يقع المواطن اليوم بين فكي كماشة، فمن جهة لا يجوز أن يكون القانون غير منفذ، ومن جهة أخرى لا يستطيع تحمل كلفة النقل اليوم، وكذلك فإن تفلت النقل العام والسماح لأي شخص بممارسته فيه خطورة أمنية، فضلاً عن انتشار الدراجات النارية المخالفة بكثرة، وهناك العديد منها لا يستعمل كوسيلة تنقل، بل لارتكاب الجرائم من نشل وسرقة وتجارة مخدرات، وهنا تقع الكارثة، بحيث “يذهب الصالح بعزا الطالح”. لذلك، إلى حين الوصول الى الحل الشامل للوضع الاقتصادي يجب على الوزارة المعنية أو القوى الأمنية دراسة كل الحالات بجدية، واتخاذ القرار المناسب بناء عليه.

شارك المقال