إلياس جرادة في دمشق… والتغييريون غاضبون

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

أثارت مشاركة نائب “التغيير” إلياس جرادة في مؤتمر الجمعية السورية لأطباء العين حيث ألقى محاضرة حول تقنية زراعة قرنية العين، و”فقع” تصريحاً أكد فيه “أهمية هذه المؤتمرات في العالم العربي الذي يستحق مواطنوه الحصول على كل الخدمات الطبية الطليعية والمواكبة للعصر”، موجة من الاستياء والغضب.

الخبر الذي جرى تعميمه أتى ليبرر الخطوة الناقصة التي قام بها جرادة، بالتجرؤ على زيارة دمشق وحضور مؤتمر مبرره “علمي” في ظل حصار “قانون قيصر” للنظام الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق شعبه وبحق شعب لبنان ونال من سيادته واستقلاله.

ليس غريباً على من يتابع النشاط السياسي للشيوعيين الذين كانوا جزءاً في تركيبة تحالفات الثوار قبيل الانتخابات النيابية، أن يلاحظ التعامل بخفة مع قضايا تثير الحساسيات في الشارع اللبناني، فالكل يتذكر مسارعة الأمين العام الأسبق خالد حدادة الى زيارة دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد بعيد أيام قليلة من إرتكاب جريمة العصر بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وبينما نزل الى الشارع أكثر من مليون لبناني للمطالبة بإنسحاب الجيش السوري من لبنان، كانت جماعة “شكراً سوريا” تهيء لمهرجانات “تقديس” سياسات القتل والاغتيال.

بالنسبة الى كثير من مجموعات الثورة وقوى التغيير كما تطلق على نفسها، لم يعد مفهوماً هذا السلوك “الشيوعي” الذي يأخذ بعضهم الى الحضن السوري سواء كان تبريره حضور مؤتمر علمي تحت صورة بشار الأسد، أو المشاركة في اجتماع لأحزاب الممانعة في السفارة السورية، أو الانتقال إلى قصر الشعب في لحظة تاريخية والسير عكس التيار الشعبي، الذي كان يصنع في الشارع وحدة لبنانية وطنية.

تقول مصادر التغييريين إن سلوك جرادة لم يفاجئهم، “فهو في مقابلته مع مارسيل غانم بعد فوزه كان يحاول الدفاع عن مواقف لا تلقى تجاوباً شعبياً معها لا بل تقف الناس ضدها ولا تستسيغها، ولذلك لم يفهم كثيرون عليه ولم يوضح مواقفه ليعرف الناس ماذا يريد، فهل كان يقدم رسائل الى حزب الله وأمل والتيار العوني؟ لا أحد يعرف، والمشكلة الحقيقية أن هناك خلطاً في المواقف ظهر في مقابلات له على محطات المنار والـ ان بي ان، وفهم من ذلك أنه يقدم أوراق اعتماد لهذا الفريق، وفي البداية جرى الدفاع عنه بحجة أن لا داعي للمناكفات السياسية وجرى تبريرها بأن جرادي لا يستطيع الوقوف في وجه مفهوم المقاومة، لكونه أصلاً أسيراً محرراً من سجن الخيام، وكان عليه قول موقفه وعدم التنكر لماضيه، ثم شيئاً فشيئاً اتضحت الصورة مع تصريحاته المتتالية التي كان يجري الاعتراض عليها، وكانت المبررات بأن ليست لديه تجربة في العمل السياسي وهو وطني وبروفسور ناجح في عمله المهني كطبيب، والدفاع عنه حق طبيعي كي لا يصطدم الناخبون معه في المرحلة الأولى نتيجة مواقفه الخاطئة”.

وتستدرك هذه المصادر بالقول: “لكن عندما تتكرر هذه الأخطاء لا بد من الوقوف بجرأة أمامه والقول له إن هذا النوع من السلوك والتصريحات غير مقبول مثل عدم تسميته ترشيح نواف سلام وكأنه يقول أنا نائب محايد وعلاقتي بالجميع جيدة وها أنا ذهبت الى سوريا وهي لا يمكن أن تدرج في اطار محاولة تبريرها بأنها زيارة علمية، علماً أن الشارع لا يزال يحاسب واصف الحركة على ذهابه بوفد الى سوريا في العام 2018 مع نجاح واكيم ونعمت بدر الدين وغيرهما لتأييد عروبة الأسد وديكتاتوريته. الموقف اليوم بات حساساً، وهذا لا يعني الانتقاص من النائب جرادة كشخصية لها تأييد شعبي واستقلاليتها الخاصة وموقعها العلمي الأكاديمي، ولكن لا بد من التنبيه الى أن ممارسة هذه السياسة تدل على أنه لم يعد من حق أي نائب من التغييريين مواصلة السير في الطريق الذي أوصله الى هذا المكان الا بمخاطبة ومصارحة جمهوره الذي ساعد في وصوله، فالمسألة ليست عبور ممر إجباري ناتج عن التحولات التي جرت، وقد تقطع هذه الطريق ولا يعود مثل هؤلاء الاشخاص الى المكان الذين هم فيه حالياً، وهو أمر طبيعي”.

وتضيف: “لا نريد اعادة أجواء اليأس الى نفوس الناس الذين فرحوا بوصول التغييريين الى مجلس النواب وقالوا انهم كسروا جدار الصمت، وهناك من ندم منهم على اقتراعه لصالح بعض نواب التغيير، وهذه الصورة التي يعطيها هذا النائب أو ذاك من التغييريين ستنعكس سلباً على كل من يسعى الى التغيير، بالاضافة الى أن بعضهم بات منتقداً ويتعامل مع الصحافة والناس من خلال السكرتير الذي يجمع حوله مجموعة مساعدين شاركت في الحملة الانتخابية، وهو ما يدل على أن تصرفات هؤلاء النواب تتشابه مع تصرفات نواب المنظومة الحاكمة والفاسدة مع تحالف السلاح”.

وتصف هذه المصادر زيارة جرادة الى دمشق بأنها “زيارة تطبيع وليست زيارة علمية”، متسائلة “كيف يمكن أن أكون تغييرياً وأقنع الجمهور الذي أسقط النائب أسعد حردان المرتبط بالنظام شخصياً وأذهب الى هذا النظام وكأن شيئاً لم يكن أو نجري مساومات تحت ضغط إجراءات السلطة؟”.

شارك المقال