ميقاتي مرتاح للخيارات المطروحة أمامه

هيام طوق
هيام طوق

اختتم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي جولاته الاستشارية غير الملزمة المكوكية التي اعتبرها كثيرون “فولكلورية” لاستكمال المشهد الدستوري، لأنها لن تقدم ولن تؤخر في مجريات التشكيل في ظل العراقيل الكثيرة التي ستعترضها ما يرجّح الدفة لابقاء حكومة تصريف الأعمال مع بعض التعديلات، كسباً للوقت الضيق وتلافياً لصدامات سياسية قد تزيد في سوء الاحوال سوءاً.

وبالأمس، اتجهت الأنظار الى ساحة النجمة والى اللقاء الذي جمع ميقاتي ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعد القطيعة بينهما على خلفية مقاربة الكثير من الملفات، ولفت مصدر متابع لـ “لبنان الكبير” الى أن المحاصصة والمطالبة ببعض الوزارات كانتا محور اللقاء بين الرجلين على عكس ما تم التصريح به أمام الاعلام، وباسيل أعلن سابقاً عن وجود دفتر شروط سياسي لديه لتسهيل الولادة. وبالتالي، فإن رفع سقف المطالب الباسيلية يهدف الى قطع الطريق على كل محاولات التشكيل، إلا أن أحد القياديين في “التيار” نفى كل ما يُقال في الاعلام عن شروط يضعها باسيل أمام الحكومة، و”الهدف منه تشويه الصورة”، مؤكداً أن “لا رغبة لدى التيار حتى الساعة في المشاركة بالحكومة، ومن لا يريد المشاركة لا يضع شروطاً. والكرة اليوم في ملعب الرئيس ميقاتي الذي ربما يحاول اقناعنا أو اقناع القوات بالمشاركة لأنه أمام تحدي الميثاقية في التأليف الحكومي”.

وفي ظل الأجواء الضبابية التي ترافق مسار التأليف، فإن الرئيس ميقاتي مرتاح الى وضعه لأنه في حال اصطدم بحائط العراقيل والمطالب والشروط لن يتردد في تفعيل حكومة تصريف الأعمال، مستفيداً من ظروف البلد الاستثنائية وامكان توسيع الصلاحيات، لكنه في الوقت نفسه لن يتردد في مواصلة سعيه الى تشكيل حكومة تكون مناسبة للمرحلة الراهنة، ويتواصل مع كل القوى والأطياف في هذا الاطار، لكن لن يقبل بأن يتم استنزاف المزيد من الوقت. وأشارت المعلومات الى أن ميقاتي سيقدم تشكيلته الى رئيس الجمهورية نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل بعد انتهائه من وضع اللمسات الأخيرة عليها خصوصاً أنه استمع الى كل الملاحظات.

وبين من يقول ان مهمة الرئيس المكلف شاقة وهو في وضع ضعيف بعد الأصوات القليلة التي حصل عليها في التكليف وان التعاون مع رئيس الجمهورية بات أصعب على الرغم من علاقته الجيدة به لأنه يريد تأمين مكاسب سياسية لفريقه ولصهره باسيل قبل أن ينتهي عهده، وبين من يرى أن هناك فرصة جدية أمام التشكيل باعتبار أن الفرنسيين وعدداً من الدول حذروا المعرقلين من عواقب وخيمة، كما أن باسيل ليس في أحسن أحواله ليفرض شروطه المستحيلة التحقيق في الحصول على وزارتي الطاقة والخارجية لاسيما أن مختلف الأطراف أعربت عن رفضها إسناد هاتين الوزارتين الى “التيار”، تبقى حقيقة أن الحكومة في حال كتبت لها الولادة ستكون حكومة أقليات تتقاسم حصصها أطراف من قوى 8 آذار بعد اعلان عدد من الكتل المعارضة والنواب التغييريين عدم رغبتهم في المشاركة.

وإذا كان هناك نواب زاهدون بالحكومات الشبيهة بحكومة الانقاذ وآخرون زاحفون نحو المشاركة في حكومة تضع البلد على سكة الانقاذ، يعتبر مراقبون أن معركة التأليف الحقيقية ستكون في قصر بعبدا حيث من المتوقع رفض أي تشكيلة الا اذا طرأ طارئ أو خضع الرئيس المكلف لمطالب باسيل، وهذا غير وارد بحسب مقربين من ميقاتي لكنه سيعمد الى تدوير الزوايا في هذه المرحلة الصعبة .

وفي الفترة الفاصلة عن الحسم بين الايجابية أو السلبية في التأليف، يبقى السؤال: ماذا بعد الاستشارات؟ وما هي نسب التفاؤل والتشاؤم في هذا الاطار؟

أكد النائب السابق علي درويش أن “التفاؤل المبني على أسس واقعية موجود لأننا لمسنا بعد الاستشارات نيات لدى كثير من الأفرقاء بتسهيل التأليف وفي وقت سريع. ومن لا يريدون المشاركة، تركوا انطباعاً بأنهم سيكونون متعاونين. وسيكون هناك تصور للحكومة في الأيام القليلة المقبلة”، مشيراً الى أن “الرئيس ميقاتي سيأخذ في الاعتبار محصلة الاستشارات خصوصاً آراء الكتل الكبيرة والتي على أساسها سيضع تصوراً متكاملاً على أمل أن يبصر النور من خلال توقيع رئيس الجمهورية والحصول على ثقة المجلس النيابي”.

وأوضح أن “الرئيس المكلف يريد التسريع في التأليف من دون تسرع، واطلاع رئيس الجمهورية على تشكيلته بأسرع ما يمكن”، لافتاً الى “أهمية الأخذ برأي المجلس الاقتصادي الاجتماعي اذ أن المرحلة اقتصادية بكل ما للكلمة من معنى، ولا يمكن تأكيد أو نفي إن كانت هناك حصة للمجلس في الحكومة المقبلة، لكن لا يمكن الانكار أن لديه خبرة واسعة ورأيه عملي وواقعي وليس نظرياً، وهو على تماس مع مشكلات الناس”.

وشدد على أن “من مصلحة الجميع التعاون لانجاز التشكيلة الحكومية، اذ أن الكل مأزوم، واذا كانت الحكومة فاعلة تخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية عن الجميع. ويجب اسقاط صيغة الربح والخسارة من الحسبان لأنه في حال تشكلت الحكومة سيربح الجميع”، معتبراً أن “الكل يتعاطى مع الرئيس المكلف على أنه الأنسب والأقوى لهذه المرحلة، وهو لن يكون مع فريق ضد آخر”.

أما مجد حرب، فرأى أن “هناك نية لدى بعض الأفرقاء لتعطيل تشكيل الحكومة، لكن ما يطمئن هو تكوّن معارضة فعلية رافضة المشاركة في الحكومة، وبالتالي عدنا الى اللعبة الديموقراطية التقليدية. ما يحصل اليوم أن هناك نية لتعطيل التشكيل، وبعض الممارسات غير الدستورية التي رأيناها من التيار الوطني الحر ومن رئيس الجمهورية، يدفع الى التخوف في حال استمرت حكومة تصريف الأعمال، من أن يتذرع العهد بعدم تسليم رئاسة الجمهورية عند انتهاء الولاية الحالية الى الفراغ، وبالتالي، عدم ترك القصر الجمهوري. وهذا خطير جداً خصوصاً أن البعض يجري دراسات قانونية لرئيس الجمهورية في هذا الاطار تقول انه لا يمكن التسليم للفراغ، وبالتالي لعدم تعطيل المؤسسات هناك ضرورة لبقاء رئيس الجمهورية في بعبدا”.

ولفت الى أن “الحكومة المكتملة الصلاحيات يمكن أن تُلقى على عاتقها صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الفراغ الرئاسي، اما النظرية التي يحاول البعض تسويقها بأن حكومة تصريف الأعمال يمكنها تحمل صلاحيات رئيس الجمهورية فهي غير صحيحة وغير دستورية”.

وقال: “التيار الوطني الحر أمام خيارين: اما تشكيل حكومة وفق مطالبه وشروطه وتكون له الكلمة الفصل في حال الفراغ الرئاسي من خلال الحقائب الوازنة أو عرقلة استمرار حكومة تصريف الأعمال ويبقى رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري بذريعة عدم التسليم للفراغ”.

واعتبر أنه “ي حال تشكلت الحكومة أو لم تتشكل، سيبقى الشر نفسه لأن الذين يحكمون البلد هم أنفسهم، لكن التفاؤل بالمجموعة المعارضة التي يمكن أن تقلب المعادلة من خلال العمل الرقابي الفاعل لأي حكومة”.

شارك المقال